أقلام حرة

من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟

ويمكنه ان يوجه السلطة اينما اراد مهما كان الدستور محددا للصلاحيات، ووفق ما نشعره من ان الفرصة سانحة لان القوانين الاساسية التي تحدد الصلاحيات العديدة لم تقر لحد الان، ويمكنه ان يغير الكثير من الامور خلال الدورة المقبلة والتي هي الاكثر حساسية من اي وقت مضى وخاصة بعد سقوط الدكتاتورية، وتستوضح فيها توجهات العراق الجديد واين ترسي سفينته وعلى اية قاعدة او مساحة وشكل يستقر نظام حكمه على ارض الواقع.

نتائج الانتخابات الاخيرة تحيٌر اي مراقب فيما يذهب للوصول به الى نسبة مما يمكن ان نصل اليه، ولا يمكن تحديد القوة والثقل الفاعل وكفة الميزان لمن تميل، ونسر الحامل للحظ او العكس يجلس على كتف مَن من الشخصيات او القوائم ليكون رجل المهمات الصعبة في المرحلة الاتية، ومن له القدرة ان يتحمل هذا المهام .

لم يتمكن اي من رؤساء القوائم ان يحدد له موقعا قويا من حيث حصوله على الكراسي او يجمع له الراي العام والمواقف ويمكن ان توافق عليه الاكثرية، ويفرض نفسه ويبين للجميع بانه المحق بان يكلف ليكون رئيس الوزراء القادم لحد هذه اللحظة.

علاوي في بداية الطريق ولمع وجهه السياسي بعد ان اجمعتا عليه المواقف والتوجهات الداخلية والخارجية المعينة لاسباب موضوعية، وكثفوا جهودهم على ان يفعلوا المستحيل لوصوله الى هذا الموقع بعد افول نجمه منذ مدة طويلة، وبعد الانسحابات التي حصل لمكونات قائمته، ويعلم جيدا انه لن يتمكن ان يضمن المنصب دون صوت وتاييد احد القائمتين الاخرين او بالاحرى بعيدا عن صوت المكون الشيعي. ويمكن ان تتهمش قائمته ان اتفق الاخرون على مجموعة من المواقف والتوجهات التي صعبتها الصراعات السياسية فقط وليس فكرية او عقيدية ويمكن تجاوزها ان عقدوا العزم .و هناك احتمال قريب من المحال ان يرضى الكورد والمكون السني قاطبة مع جزء من المكون الشيعي ليحصل علاوي على الاغلبية البسيطة لمجلس النواب، بعيدا عن احدى القوائم الكبرى.

لنقل فرضا حصل هذا الاحتمال، فيجب ان ننتظر احد الاحتمالين، اما الاشتراك الضعيف لجزء من المكون الشيعي في الحكومة مع ظهور معارضة شيعية قوية في البرلمان، او ميلان القوائم التي حصدت الاصوات في محافظات الوسط والجنوب لتاسيس اقليم فدرالي من اجل خفض مستوى سيطرة المركز عليهم وضمان مستقبلهم وخروجهم من معمعة الانتخابات العامة والحكومة المركزية كل اربع سنوات بشكل رئيسي ويهتموا ببرلمان اقليمهم، ومعوضين في نفس الوقت ما يفقدوه من عدم استلامهم لمنصب رئيس الوزراء بصلاحياته المعلومة، وكما نعلم ظهرت منذ الان بوادر بدائية لهذا التفكير وتراجع البعض عن تقوية السلطة المركزية الذي كان يدافع عنها وبقوة للامس القريب .

مهام اياد علاوي القادم معلوم من حيث نظرته الى المنطقة ومحاولته تقارب العراق من محيطه العربي، ويعلم الجميع انه يجب ان يفي بوعوده التي قطعها على نفسه، ويخلص لما على عهدته من مساعدة دول الاقليم له لاعادة لمعانه السياسية بالدعم المادي والمعنوي، ومن اجل تخفيف تاثيرات ايران على السياسة العراقية، وبالتالي يزيد من حدة الصراع الايراني السعودي على ارض العراق، ان نجح علاوي في مهامه. وهذا ما يفرٌح القوميين العروبيين والمكون السني والمعادين لامريكا وايران، ويترك اثارا غير محمودة العواقب على العلاقات بين المكونين السني والشيعي في العراق وبشكل جذري.

اما الاحتمال الثاني وفي الطرف الاخر، ان استقر الحال على ان يكون رئيس الوزراء من احدى القائمتين لو اتفقتا على تحديد الشخصية وهذا امر اصعب، فهنا ايضا يمكن ان يظهر احتمالين اما الاشتراك الضعيف للمكون السني او المقاطعة وبروز معارضة سنية قوية داخل مجلس النواب مما يفرض توجهات محددة امام رئيس الوزراء ليكون مهامه ليس سهلا ولا يمكن ان ينجح في عمله،مما يفرض عليه الابتعاد عن المركزية القحة ومحاولة مسايرة المطالبات لتاسيس اقاليم وتطبيق الفدرالية الحقيقية بحذافيرها والتقليل من الضغوطات التي يمكن ان تفرضها دول الاقليم العربية عن طريق المعارضة التي تكون قوية لحد كبير، ويشتد الصراع الاقليمي على الساحة العراقية مع تشتت القوى.

في كلتا الحالتين سيكون دور الكورد جانبي من حيث جوهر العملية ويكون عامل مساعد في تطبيق بنود الدستور كما يطالب به بما فيها الفدرالية والمواد المتعلقة بالمناطق المتنازعة عليها وتوزيع السلطات وقانون النفط والغاز والبيشمركة وغيره،و يجب ان لا يكون بيضة القبان في الاحتمالات التي يعمل من اجلها قوى اقليمية وداخلية عديدة،و من هذه القوى الداخلية من لا يؤمن حتى اليوم بحقوق المكونات والمساواة والمواطنة وينظر باستعلاء لغير طائفته ومكونه وكانه يعيش في زمن الدكتاتورية، وهو باق ويختبيء وراء تكتيك ما في هذه الايام. لذا تتطلب المرحلة من الجميع وخاصة من عانى من ظلم الدكتاتورية الحيطة والحذر والدراسة العميقة والتعامل مع كافة الاطراف والاحتمالات بدقة، ولن تكون نسبة نجاح من يتحمل المسؤولية الكبرى مضمونا في المرحلة القادمة، ويجب الحساب لجميع الردات .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1367 الاربعاء 07/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم