أقلام حرة

من المسئول عن التفجيرات الدموية؟

 بالذات ولاسيما المغرضون  واللاأباليون ومن في قلبه مرض والذين يستغلون منن الله عليهم لكن ليستغلوا ملكة الكتابة التي حباها لهم الله  لصب جام غضبهم على الحكومة واتهامها وحدها بالمسئولية والتقصير بله المشاركة في تنفيذ هذه الأعمال وكأنهم يريدون صب الزيت على النار المتقدة التي أكلت الأخضر واليابس وحولت بلدنا الحبيب المفدى إلى خرائب وأنقاض وسلبت جهدنا الاعماري الكبير الذي صرفنا من اجله دماء قلوبنا وثروات أجيالنا لكي تضاهي بغدادنا البلدان الأخرى وتحضى بالمنزلة التي تليق بها وبتاريخها التليد.

إن هذه التصريحات والتلميحات والاتهامات لا تنم أبدا عن شعور بالمسئولية أو المواطنة لأنها أصبحت محفزا للإرهابيين لارتكاب أعمال جديدة تصب في صالحم من جهة التنفيذ أولا باعتبار أن التخريب هو منهجهم الأوحد ومن جهة أخرى كسب المعادين للعملية السياسية وللحكومة العراقية نتيجة الغضب الذي تثيره تلك الأعمال القذرة، ولذا باتوا كلما سمعوا أو قرأوا قولا لهذا الكاتب أو ذاك يتهم فيه الحكومة أو أطرافا معينة بالتقصير أو المشاركة أو التنفيذ يبادرون لعمل المستحيل لارتكاب جرائم جديدة أمضى وأقسى من سابقاتها لكي يزيدوا الرفض الشعبي لعملية التغيير التي أطاحت بصنمهم ويزعزعوا ثقة الناس بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا ويزرعوا الفرقة بين مكونات الشعب عسى أن يمهد لهم ذلك طريق العودة لحكم العراق بالنار والحديد.

أنا والله لا ابغي من وراء موضوعي هذا الدفاع عن الحكومة التي أراها لم ترق فكريا أو عمليا أو وطنيا إلى مستوى التفكير الإجرامي الساذج لعصابات القاعدة التي كانت تسبقهم بخطوات في كل مرة تنفذ فيها أحد أعمالها الإرهابية القذرة، ولا ابغي الدفاع عن عصابات مجلس النواب من الأميين والجهلة والمرتزقة والعملاء والنفعيين وأصحاب المصالح والطائفيين والمرضى النفسيين والسياسيين الفاشلين ومن اكتفى منهم بإحدى لجان المجلس وأوقف نفسه عليها وترك كل واجباته الأخرى أو انحاز بالكامل إلى فئته أومن ساعده على تسلق الأكتاف وترك باقي الشعب يلاقي مصيره المحتوم. فهؤلاء وهؤلاء يقع عليهم الوزر الأكبر وجريمتهم لا تغتفر لأنهم لم يؤدوا الواجبات المناطة بهم أو قصروا في أدائها، وقد أرتكب أغلبهم عشرات الهفوات والأخطاء التي ألحقت الضرر بالعراق والعراقيين، ولكن هل من الممكن أن تتخلى كل الطوائف والأطياف العراقية الأخرى عن مسئوليتها الوطنية والأخلاقية والدينية والتاريخية وتعصب الأمر برأس هؤلاء فقط؟ أليسو هم جزء من عجلة الدمار أو واحدا من أسنانها التي تنهش بالعراق والعراقيين  من أصل عشرات الأسنان والأنياب والقواطع والأضراس التي هي أشد فتكا وأمضى؟

 ثم ألسنا جميعا نركب نفس السفينة المتهالكة الآيلة للغرق والهلاك فمن منا أدى دوره؟

 المواطنون والموظفون والمدرسون والأطباء والتدريسيون الجامعيون ورؤساء مؤسسات المجتمع المدني والفنيون ورجال دين والكتاب، من منهم أدى دوره الحقيقي يا ترى؟ ماذا فعلنا جميعنا لتجنيب العراق هذا الأذى الكبير؟ وهل يستحق العراق الحبيب كل هذا الجحود منا؟ كم واحد منا أسهم في المراقبة والرصد ولو من خلال موقع عمله أو مكان راحته؟ كم واحد منا أسهم في نشر الوعي الأمني بين المواطنين؟ كم كاتب وباحث وأديب وفنان  أدان الأعمال الإجرامية والقائمين عليها وشهر بالمجرمين بدل أن يشهر بالحكومة أو أطراف  لا ذنب لها سوى التقصير الذي يشاركهم كل الشعب ولاسيما الفئة المثقفة فيه؟

هل الحكومة وحدها مسئولة عن التصدي لهذه الأعمال القذرة؟ نعم الحكومة تملك آليات التصدي ولكن القائمين على هذه الآليات لا يؤدون واجباتهم، والمفروض بالحكومة أن تحمي الشعب لكن الشعب بدوره يجب أن يؤدي واجبه،فكم عملية تخريبية اكتشفها أو أسهم باكتشافها المواطنون وابلغوا السلطات المعنية عنها؟ وكم مواطن سارع لإخبار الجهات الأمنية عن وجود تحرك مشبوه في منطقته أو حيه؟ وكم مواطن سارع للإخبار عن أخيه أو قريبه المجرم الإرهابي؟ وكم رجل دين أدان في خطبة صلاة الجمعة أو في محاضرته الأسبوعية أعمال الإرهابيين؟ وكم فتوى صدرت بتحريم هذه الأعمال؟ وكم مظاهرة جماهيرية في هذه المحافظة أو تلك خرجت لتدين الإرهاب؟ وكم جلسة جمعت أعيان وقادة الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات فيما بينهم لتقريب وجهات نظر أتباعهم ومريديهم لتخفيف الاحتقان الطائفي الذي يقف على شفير جرف الانفجار المهلك؟

إن اتهام الحكومة وحدها بالتقصير مؤامرة إرهابية تهدف إلى دعم العمل الإرهابي العسكري وشرعنة قتل العراقيين، وحرف النظر عن المجرمين الحقيقيين والتغطية عليهم، ولا تدخل في باب النقد البناء أبدا، ولا يمكن أخذها على محمل الطيبة أو أنها مجرد ردة فعل غاضب نتيجة الشعور بالغضب من جراء هذه الأعمال  القذرة، أو أنها جاءت نتيجة الإحباط الذي يشعر به المثقف. لا إنها أعمال مبرمجة ولها قصد تخريبي لا يقل سوء عن التفجيرات، والقائمون عليها هم أيضا إرهابيون يفجرون الموقف بأقلامهم، ويعبئون الجماهير ضد التغيير بآرائهم، ويجب شمولهم بقانون الإرهاب حالهم حال من ينفذون عمليات التفجير القذرة. ألسنا كلنا مسؤولون حينما يتعلق الأمر بسلامة وأمن العراق والعراقيين؟ فهل التزمنا بهذه المسئولية أم أننا تخلينا عنها في أشد ساعات الحاجة لها؟

نعم للصراع السياسي القائم اليوم بين رؤساء الكتل النيابية وجريهم الوحشي خلف المناصب السيادية في بلد فقد سيادته منذ أمد بعيد وتركهم لواجباتهم ومهامهم للتفرغ لزيارات دول الجوار لكسب ودها ونصرتها كامل الأثر على ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية، لكن أليس من واجبنا نحن الشعب المعذب المستباح المقهور المظلوم أن نتصدى لحماية أهلنا وشعبنا إذا عجز السياسيون عن ذلك، وهم عاجزون فعلا؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1367 الاربعاء 07/04/2010)

 

في المثقف اليوم