أقلام حرة

الحداثة وتاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا

والاحداث المتتالية عبر التاريخ، وهذا يمكن ان يصح ويطبق على الفرد كذلك، كما هو حال المجتمع وهو يتسم من الصفات ويحمل المقومات الاساسية لبروز الهوية بشكل عام والثقافية منها بشكل خاص. تختلف ظروف انبثاق الهوية الثقافية من منطقة لاخرى ومن مرحلة او زمان لاخر، وتعتمد على الظروف السياسية وما يملكه اي مجتمع من النظام والكيان والعوامل الاساسية لبناء البلد  سوى كانت القوانين والقدرة والامكانية الاقتصادية او العقلية المدبرة او درجة تطور المجتمع ومستواه الثقافي، وتكون الهوية بشكل عام معرضة للتغيير المستمر نتيجة المؤثرات والمستجدات والتطورات العالمية والاحتكاك بين المجتمعات بشكل متواصل.

 بعدما وصلت اوضاع العالم الى ما نحن فيه من كافة الجوانب، نحس باننا نقترب من بعضنا البعض كمجتمع بشري يوما بعد اخر، فالتطورات العلمية المشهودة والقفزات التي حصلت من الناحية التكنولوجية والاتصالاتية ازدادت من النقاط المشتركة بين الناس وازالت من بعض الخصوصيات واثرت بشكل مباشر على معيشة المجتمعات ووسعت من الساحة المطلوبة لتقارب الشعوب وخصبت الارضية للنجاح وتحقيق الاهداف العامة لما سميت بالعولمة في اكثرية بقاع العالم. اي الهوية  كمفهوم وهو اطار لمجموعة من المميزات التي تعرٌف حاملها من كافة النواحي وتفرقها عن الاخر،و يكون هامل الهوية هوحامل للسلوك والعمل بدافع من الخلفية المعرفية والاخلاقية والفكرية وهو يتصرف كحامل لهوية معينة تفرقه عن سابقه ولاحقه، وهذا ينطبق على الفرد ايضا .

اما بالنسبة لهذه المنطقة التي نعيش، يمكن ان نعين ونحدد بالذات مجموعة من الركائز الاساسية لتحديد الهوية ومنها اللغة والدين والمذهب والفكر والعقيدة والعقلية، وحديثا اصبحت الايديولوجيا من ضمنها ايضا. هذا عدا ما يملكه الفرد والمجتمع من الهوية الاقتصادية والعلمية والاجتماعية وما يتضمن من الموروثات التاريخية وتفرض عليه جغرافيته الشكل والنوع المعين من الهوية. في حالات يمكن ان تطغي بعض منها على الاخر وتختلف من بقعة لاخرى، ناهيك عن الاختلاف الواسع مع الدول المتقدمة، وكلما كانت الظروف الاقتصادية مسيطرة على الفرد، وهو يهتم بها اكثر من المجالات الاخرى، اي الاهتمام بالهوية الخاصة، ويمكن ان تخفف الحداثة من سمك وثقل هوية الفرد سوى كانت اجتماعية ام ثقافية خاصة به، اي تقترب الافراد رغم الاختلافات الكثيرة في كافة الجوانب من شكل وجوهر الهوية الخاصة بهم .

 في المجتمعات المتخلفة تبرز الاختلافات الخاصة بالهوية بين مكونات الشعب، وهناك من العوامل المؤثرة على التشدد في الالتزام بالهويات الخاصة ومنها الفقر والبطالة والتخلف وفي ظل انظمة قمعية، وهذا ما يؤدي الى مجابهة العولمة وما تفرض وتحصل تناقضات عديدة مما تقف حجر عثرة امام توحيد الهوية الثقافية العالمية .

 عندما يلتزم الفرد بهويته الثقافية الخاصة يتمسك بوضع نفسي معين، ولابد ان يتاثر بما يلاقيه من الاختلافات في المستويات المعيشية والتطورات التكنولولجية والعلمية بشكل عام في مسيرته، ومن جراء امتداد ما تبرزه العولمة والنظام العالمي الجديد وما تتجسد من الحداثة والتنوير ستتاثر الهويات المختلفة للافراد والمجتمعات في العالم، وهذا ما يبرزحالة تقلل من تداعيات الثقافة السائدة وما افرزته الحضارات المختلفة،و ما تنسجم من حالات، يمحي الملائم الاصح الاخر الشاذ والطاريء من الصفات.

تلتزم منطقتنا بعدة هويات تجبرها الالتزام بها ما يمتلك من العاطفة والروحانية او المثالية المسيطرة في الفكر والعقلية والعمل، وتحتاج لمراحل متعاقبة من اجل فهم ماهية هذه الهويات التي اكتسبتها وراثيا دون ان يحللها عقليا، ولا يعتمد على ما يفرضه المنطق من التحليل والتفسير العلمي، وفرزت هذه الهويات الظواهر العديدة وانتجت حوادث واثبتت نفسها واوثقت بقوة ما تميزت بها، وصعبت الانتزاع منها او التخفيف من سعتها واثرها على الجميع.

 ما يفرح النفس في هذا القرن، ان الحداثة والعلوم والتقدم التكنولوجي لم يختزل الهوية الخاصة بكل مجتمع فقط وانما قرب من المجتمعات في الحياة وشكل ونوعية المعيشة ولم يحصر ثقافة معينة بمجتمع ما بل سبب في انتشار كل جديد مما فرض الاصلاحات في جميع انحاء العالم بشكل مستمر مما اثمرت التغييرات العالمية المفيدة وجسدت الحداثة وما بعدها بشكل نهائي وهي في تطور دائم لحد اليوم، وسببت في التخفيف في الالتزام بالهوية القديمة او متهية الصلاحية.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1370 السبت 10/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم