أقلام حرة

التاسع من نيسان*.. يوم إنعتاق وليس يوما للزعيق

ظلت تكبل العراقيين دون استثناء، انه يوم ولادة الإنسان العراقي المظلوم الذي بقي تحت نير السلطة الصدامية الغاشمة والتي بلغت من القسوة والإمساك بسلطة القرار والعنف الأهوج درجة بات من المستحيل تغييرها على يد العراقيين حتى وان كان على يد الجيش العراقي الذي أفرغه صدام من محتواه الوطني وحوله إلى أزلام تابعين له ويأتمرون بأمره وأقصى الضباط الأحرار أو قيدهم وجعلهم تحت رحمته وقرارات الإبادة التي قد تصدر في أية  لحظة وبإشارة منه أو من أفراد عائلته سيما ولديه اللعينيين وبقية البطانة الفاسدة من أفراد العائلة المتخلفة الذين عاثوا فسادا وقتلا وتنكيلا، ونحن لا نريد الآخرين أن يتحولوا إلى نعامات ليدفنوا رؤوسهم زعما بأنهم الوحيدون في الساحة ولا يعنيهم من يتربص بأفعالهم المريبة والتي لا تفسير لها سوى أنهم تحولوا إلى ببغاوات تردد ما مطلوب منها وإما أنهم مجندون لتنفيذ ما يريده غير العراقيين وتمرير أحابيل وخدع باتت معروفة للكل وأما أن هناك أهدافا تجعل من الأبرياء من ذوي النوايا الحسنة من العراقيين الذين لم يتحرروا بعد من سطوة التأثير الديني فاختلط الحابل بالنابل وضاع الخيط والعصفور.

 

كيف لعاقل ذاق الأمرين من القمع البعثي المخيف أن تختلط عليه الأمور، إن لم يخطط لها بعض من لهم نوايا مبيتة ليجتمع البرئ بالمخاتل لتوصيف يوم الانعتاق الحقيقي للعراقيين من الظلم البعثي باليوم الحزين والأسود بسبب الاحتلال وهنا ينطبق تماما قول الإمام علي المأثور انه كلام حق يراد به باطل.

 

هل نسي هؤلاء أن تغيير النظام البعثي بات ضربا من الخيال وان العراقيين قد وصلوا إلى مرحلة اليأس المطلق من أمل تغيير النظام الصدامي والمنكوبون ممن كانت السياط الصدامية تحرث جلودهم كل يوم يعرفون قبل غيرهم أن العراق قد ذهب دون رجعة بعد أن حول صدام العراق إلى دولة أمنية بامتياز وأباح لكل زبانيته تصفية كل من يشك في أمره وتحويل البيت العراقي إلى دائرة أمنية صغيرة ومطلوب من كل أفراد العائلة الواحدة التجسس احدهم على الآخر ومطالبة من يشك بولائه تصفيته من قبل احد أفراد الأسرة والأمثلة لا يمكن حصرها وهي  بالمئات، ليأتي من به خبل أو بله ليدعي إمكانية التغيير واردة وعلى أيدي عراقية، هذا الأمر ممكن ولكن في المشمش.

 

وهنا تحضرني مستملحة لأبي علي، المهندس العراقي الفار من القمع الصدامي والمقيم في الجزائر في بداية هروبنا نهاية السبعينات، كان أبو علي شديد التهكم وبمرارة المكتوي والخازن لوجعه  حين كنا نسأله عن نيته بالعودة للعراق يجيب بلغة تفكه مندوفة بالأسى، يا عراق، يا شباب، يا بطيخ، العراق الله يرحمه تركناه للبعثيين وحصتي من البترول أتنازل عنها مكرها لصدام ليتصرف بها ما يشاء.

 

دون تردد ولا تمحيص أقول لكل من كان يراهن على التغيير بإرادة عراقية انه كان يذر الرماد في عيون البسطاء من مسلوبي الإرادة ليخرجوا لنا بزعيق يصم الآذان والأفئدة والعقول معلنين رفضهم للاحتلال ونحن جميعا كعراقيين أحرار فعلا وقولا، لا كغيرنا من المدعين، لا نطيق حتى كلمة احتلال إنما إذا قارنا تلك المعاناة المخيفة وإمكانية التحالف مع الشيطان لإزاحة الكابوس البعثي لعاد الاحتلال مقارنة بالشيطان رحمة لأننا نستطيع إزاحة الاحتلال بالطرق السلمية وكما هو حال الاتفاقية الأمنية وإمكانية انسحاب القوات الأجنبية قريبا ولكن من يستطيع إزاحة صدام بالفعل لا باللسان؟

 

ثم هل أن إيران والسعودية وسوريا الشقيقة وكل من يتآمر على ذبح العراقيين  من متخلفي القاعدة وزمر البعث المنهار هم أفضل من الاحتلال؟

 

لماذا لزوم الصمت لهذا وإطلاق اللسان ضد ذاك؟؟؟

انه من السذاجة أن تمر مثل هكذا حيل وادعاءات مفضوحة على العراقيين  ومن الخيانة والإثم الأخلاقي والديني أن يجند العراقيون  لتمرير أجندات يخطط لها من يتربص بالعراق ومستقبله ويعادي تجربته الديمقراطية الفتية وتصفية حساباته مع المحتل ومن خلال عراقيين يدعون القيم والوطنية والدين والأخلاق والفضيلة وهم من كل هذا براء ومجندون لتمرير خطط  لا تريد الخير للعراق أبدا ووجدت من العراقيين من يكون قنطرة للوصول لأهدافها الشريرة.

 

دعوتنا للعراقيين أن يتحرروا من ربقة السلطة الدينية المشكوك بأهدافها ونواياها وملابساتها وعدم الانجرار وراء الشعارات واليافطات والأوهام وترك العراق وراء ظهورهم لأي سبب كان، هذا إذا ما أرادوا للعراق خيرا لسحب البساط من تحت من يريد أن يجعل منهم سبيلا شيطانيا لتخريب العراق الذي لا يستحق من أبنائه الخيرين إلا الوقوف الجاد والمسئول والعاقل.

 

والزعيق سوف لن يحرر العراق بل يلتقي مع من يريد إبقاء حالات التردي  والفوضى  وانعدام الأمن  والمتضرر يبقى العراقي المنكوب الذي ما ذاق طعم الراحة يوما.

 

[email protected]

 

.........................

*-- وأنا اكتب هذه المساهمة كنت أشاهد الحفل التأبيني لذكرى تصفية العلامة السيد محمد باقر الصدر وأخته  الشهيدة بنت الهدى وما لاقوه على يد الطغمة الصدامية الكريهة والكلمات الطيبة للمحتفين بهذه المناسبة الأليمة بحق الشهيد الصدر فقارنت مطالبة من زعق  لخروج الاحتلال مع ما حدث لقتلة الشهيد وأخته وكل ضحايا النظام المقبور من مصير محتوم، والسؤال هو كيف حدث ذلك؟ ومن ساعد العراقيين لإنزال العقاب بالقتلة؟ اترك لهم الإجابة.

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1372 الاثنين 12/04/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم