أقلام حرة

ما يحتاجه العراق هو الحوار ام المفاوضات؟

الاراء والمواقف والنظرة الى المواضيع المطروحة وبيان ما هو الاصح من التخمين كان او الاستنتاج لما يفسر ويحلل اثناء الحوار.

ما يستنتج من النقاشات في طرح المواضيع المراد بحثها في زمان ومكان معينين ربما يختلف ويتغير من مرحلة لاخرى. اي بمعنى، الموضوع الذي يستند على ركائز معينة ويُراد منه نتاج ما، لا يمكن ان يبقى على حاله كما هو لفترة طويلة، بل الحوار الذي يُثار حول قضية ما يمكن ان تكون له تداعيات تختلف بحدوث المستجدات والتغييرات التي تحدث نتيجة التطورات في المجالات المتصلة بتلك القضية التي يجري الحوار حولها. اما المفاوضات التي تهدف للحصول على ثمرة معينة تختلف جذريا عن الحوار من كافة الجوانب، بحيث يمكن ان تكون الركائز والاعمدة التي تعتمد في طرح المطالب تبقى لحين الحصول على النتائج، او تكون مؤقتة وتستعمل من اجل اسناد ما يطرحه اي طرف لتثبيت ادعائاته وصحة توجهاته وحقيقة كلامه وعدالة مطالبه. وتدخل هنا مجموعة من العوامل التي تدفع الطرف المفاوض الى اتباع طريقة دبلوماسية معينة لاقناع المقابل ومنها المصالح المختلفة والاهداف العامة لما وراء تلك المفاوضات، وهنا ايضا لا يمكن ان ننتظر الجديد او حدوث اختراع او ايجاد فكر او فلسفة وعقيدة وايديولوجية ونتاج جديد بحيث يمكن ان يزيح القديم ويبدا في مرحلة حديثة بشكل فوري، اما الحوار الموضوعي الايجابي لمجموعة من الجهات او الاطراف ذات الخلفيات الثرية بالمعرفة والعلمية والمنطق يمكن ان يثير ما يطمح اليه العقل المتطور للفكر الانساني، اي يمكن انتظار بروز ثمرة جديدة للحوار الناضج الفعال ان كانت بعقلية تقدمية معتمدة على الاسس العلمية والمنطق السليم وبخلفية داعمة للابداع في الموضوع المطروح للحوار، والهدف المشترك بين الحوار والنقاش والمفاوضات هو وجود الهدف المعين بذاته، اي النقطة المراد الوصول اليها بعد العملية وبطريق الحوار، اما الطريقة والالية المتبعة فيمكن ان تكون مختلفة، ويمكن ان يجري الحوار بعيدا عن التخطيط والاجندات المسبقة وفي لحظة طرح موضوع ما، ولا يحل اية مشكلة او قضية في اللحظة الانية للحوار وانما يسهل الوصول الى الحل. ما هو الاهم في الحوار هو انبثاق الحقيقة من الاراء والمواقف المختلفة التي تطرح على البساط وتدفع الى المستفيد من الحوار ان يستثمر الثمرة المنبثقة من الحوار ويعتمد الحقيقة في الوصول الى الهدف، وفي اكثر الاحيان نصل الى المراد وان ارادت الحوارات وقتا اطول ولكن تجسيد ماهو المنتج من نجاح الحوار يكون اسهل وممكن التحقيق.

 اما فيما يخص الوضع العراقي في هذه المرحلة بالذات، فاننا نحتاج الى حوارات علمية متسعة حول العمليات الجارية سوى كانت سياسية او اقتصادية او ثقافية او اجتماعية، وان كنا ندخل في المفاوضات المختلفة بين فترة واخرى وبعد كل عملية او قانون هام حساس يُراد امراره، الا اننا لم نقف عند ما يحتاجه الشعب بشكل جدي وما يجب الاصرار عليه وما هو الاهم من الاولويات التي من الواجب العمل على الوصول اليه.

 تجري حوارات هامشية هنا وهناك دون ان تثمر شيئا، وان كان اي حوار له ايجابيات وان لم تظهر في وقته، والشعب العراقي بصفاته وسماته المعروفة عنه متعطش للبحث والنقاش وان كان متشددا وخشنا في الطرح والبحث والنقاش، الا انه دائم النقاش غير منكفيء او منعزل رغم كبت الدكتاتورية له ورزوحه تحت ثقل الحكم اللمتسلط عليه وافرازات الحروب المتتالية المفروضة عليه، وعدم تشبعه من الحريات التي منحت له بعد سقوط الدكتاتورية وانطلاقته من الظروف التعيسة والجو المعروف بالسجن الكبير له.

الحرية توفرت وبشكل نسبي، الاحزاب تعددت ومن جميع المشارب والعقائد والايديولوجيات، الاعلام انتشر وتوسع كالنار في الهشيم، الطقوس والشعائر الدينية والمذهبية والعقيدية طبقت وبمبالغة وغلو، الوضع الاجتماعي العام تاثر بالمتغيرات بشكل كبير. وهذا ما يوفر الارضية الملائمة لطرح اي موضوع يهم الشعب بشكل عام، وما يحتاجه اليوم هو الحوار الحقيقي وطرح المواضيع واعلان الاراء والمواقف، ومن هنا سيظهر الجديد ونتفهم المتغيرات ونعتمد الانسانية والعقلانية في العلاج للمشاكل وحل القضايا. وان كانت قضايا الساعة بحاجة الى مفاوضات صريحة الا ان الحوار هو سيد الاطروحات للحلول وان احتاج الى وقت، وان لم يكن العلاج لاي موضوع عن طريق الحوار لن يكون جذريا وسريعا.

 ما يتميز به الشعب العراقي من موزائيكية التركيب وما توارثه في تاريخه وحضارته العريقة يعتبر من العوامل المساعدة في تكريس الاعتماد على الحوار الدائم والوصول الى الاهداف بشكل سليم.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1380 الثلاثاء 20/04/2010)

 

في المثقف اليوم