أقلام حرة

الصحافة الكوردستانية الى اين؟

والمواقف حول اليوم الذي اثبت على انه 22/4، والاجماع عليه اصبح شبه كامل على اعتباره عيدا للصحافة الكوردستانية عموما.

دون ادنى شك، فان الصحافة تعبر عن واقع اية منطقة تصدر منها وهي مرآة الوضع السياسي الاجتماعي الثقافي الاقتصادي لاي مجتمع تمثله، ويمكن تقييم اي مجتمع من خلال ظروف واحوال صحافته واعلامه بشكل عام .

 وعليه، فان الشعب الكوردستاني وهو منقسم لحد اليوم بين اربع دول ذات اوضاع مختلفة، فانها تتاثر حتما بتلك الاختلافات من حيث الطبيعة الاجتماعية والثقافية والاعلامية، وبما ان هذا الشعب عانى من الويلات، فان الصحافة في اكثر مراحلها كانت سرية وثورية وعبرت عن الاحوال السيئة التي مر بها الشعب الكوردستاني من الناحية السياسية قبل اي شيء اخر، ويختلف هذا الامر حتما من منطقة لاخرى وفق سلطة الدولة التي انقسم عليها الشعب الكوردستاني دون ارادته.

 منذ انتفاضة اذار 1991 واقليم كورستان العراق عبٌر مرحلة هامة من حياته وتاثرت الصحافة بشكل مباشر بهذه الانتقالة، غير انها لم تكن بمستوى الطموح الذي يحمله هذه الشريحة الهامة من الصحفيين والنخبة المثقفة والسياسيين المتنورين على العموم.

 الصحافة الحرة من اهم اوجه المدنية والحداثة والعوامل المساعدة لتقدم اي بلد من كافة النواحي وهي المعيار الرئيسي لمستوى حرية الشعب وثقافته العامة .

على الرغم من ان الصحافة الكوردستانية قطعت شوطا  في اقليم كوردستان العراق منذ ظهور الصحف الاهلية، الا ان السلطة تحاول بشتى السبل والوسائل وبكل جهدها من تضييق مساحة الحرية الصحفية امامها سوى بشكل مباشر كان او غير مباشر، عن طريق الضغوطات الجانبية ومحاربة الصحفيين او حجب المعلومات عنهم بقرارات فوقية، ولم نشهد لحد اليوم قانونا حرا منصفا يجمع عليه كافة الصحفيين يحوي في طياته ما يدعم الصحافة الحرة بشكل مريح او مشجع، والقانون الصادر من برلمان كوردستان يحتاج الى اعادة النظر والتعديل الجذري لتخلله نقاط ضعف وثغرات يمكن ان تضع حجر عثرة امام حرية الصحافة في هذه المرحلة ومستقبلا.

ما شاهدناه طيلة هذه الفترة السابقة من المضايقات والتهجم على الصحفيين خلال اداء عملهم، يؤكد مدى تراجع السلطة عن وعودها وتعهداتها بمنح الحرية المطلوبة وتوفير الفرص عن وصول المعلومات الى الصحفيين وعدم محاربة الصحافة المستقلة الاهلية التي تكشف الحقائق بجهد كبير وبتعب لا مثيل له في الكثير من البلدان العالم. ومن الجوانب السلبية لممارسات السلطة هو عدم سماح للصحافة باداء ادوارها الحقيقية كسلطة رابعة ومنعها من التاثير على الراي العام بكل السبل، ومنها تضليل الراي العام حول تلك الصحف وكيفية ادارتهم عن طريق الصحف الحزبية وامكانيات السلطة، الى جانب عدم الاهتمام بما يطرح في الصحف المستقلة وكانها ضد الشعب، وتصر السلطة على تهميش الصحفيين المستقلين وتقديم الامتيازات للصحفيين الحزبيين الذين لم يقدموا غير المدح والثناء للسلطة والاحزاب من اجل المصالح الذاتية ناهيك عن استخدامهم كوسيلة ضد زملائهم في المهنة بكل السبل المتاحة امامهم.

اخطر ما موجود ونحن نسير عليه منذ عقدينفي اقليم كوردستان هو انعدام نقابة حرة مستقلة ممثلة للصحفيين الاحرار، والتي من الممكن الاعتماد عليها لدفاع عن الصحفيين واوضاع الصحافة المزرية، كل ماموجود نقابة صحفية حزبية ممثلة للاحزاب والسلطة على غرار النقابات المهنية الاخرى، ولم تقدم على شيء سوى ضمان امتيازاتهم وبالاخص الهيئة الادارية وايفاداتهم وحفلاتهم الباذخة، ولم ينبروا يوما الى الدفاع عن الصحفيين المظلومين والذين تلقوا الضرب المبرح في تغطياتهم للاخبار والمواضيع الساخنة وما تحملوا من الضغوطات بكافة الاشكال من قبل السلطة ومؤسساتها على الرغم من تبجحها في اكثر الاحيان بانها تشكل لجان للدفاع عنهم والذي لم يثمر شيئا سوى تغطية الاحداث ومحاولة ذر الرماد في الاعين، ولم يشغلوا انفسهم الا باحصاء للخروقات حدث هنا وهناك، ولم تنتج ايدي هذه اللجان ما كان ينتظر منهم، وحقا لا حول لهم ولا قوة في هذا المجال، وليس بمقدورها ان تدافع عنهم امام السلطة لانها تحت رحمتها واعضاء الهيئة تتصرف كموظف ومنفذ لاوامر السلطة.

 وهنا يمكن ان نقول ان الصحافة لم تتقدم بشكل يمكن ان تدعم العملية الديموقراطية التي لا يمكن ان تترسخ في ظل هذا الوضع العام، وستبقى الصحافة عرجاء طالما بقت شبه مشلولة والمعلومات محجوبة عنها، ويمنع الصحفي من ممارسة عمله بحرية.

لذا من الواجب على الجميع وفي مقدمتهم من يهمه العملية الديموقراطية والحرية النسبية المتوفرة والمتجسدة في اقليم كوردستان اينما كان موقعه ودرجته ووظيفته، عليهم ان يعيدوا النظر في تعاملهم مع الظروف العامة للواقع الصحفي وان يسمحوا للصحفيين بانشاء نقابة حرة مستقلة حقيقية ممثلة لهم من دون اعاقتهم بشتى الوسائل كما يحدث لحد اليوم، وان يبقوا بعيدين عن استفزازاتهم من دون ضغوطات وعقوبات، والا لم يشهد الراي العام دورا ايجابيا مؤثرا على العملية السياسية بشكل عام ولم يوجهها في الطريق السليم، وهو من اهم مهام الصحافة الحرة.

الجميع على اليقين بان الضغوطات التي تمارس على الصحافة الحرة المستقلة لم تنفع المصالح العليا للشعب، لانها  هي الصحافة الحرة المستقلة التي تعبر عن الاماني الحقيقية والاهداف العامة للشعب، وهي التي تعلن الحقائق كما هي ولها ثقلها الداخلي والخارجي المؤثر، لذا تبقى تلك المحاولات التي تصر عليها السلطة في وضع حجر عثرة امام مسيرة الصحافة الحرة الاهلية المنتشرة بالذات في هذه المرحلة ستكون عقيمة. ورغم امكانيات السلطة المادية والمعنوية الا ان الصحافة الاهلية المستقلة تسير على سكتها ولم تقدر قوة ما من اعاقتها على الدوام، وربما تحدث خللا هنا وهناك، الا ان القافلة سائرة وهي الداعمة الرئيسية للعملية الديموقراطية وتحميها مصالح الشعب وتدعمها الحقيقة والمصداقية التي تتمتع بها، وما تتوجه اليه احزاب السلطة والسلطة بكل امكانياتها من احداث خرق في هذا المجال بتاسيس صحف على اعتبارها اهلية وهي مدعومة من قبلها وتكون ظلا للسان حالها، لم تنجح فيها لانها تنكشف في اول الامر، والمصداقية لم تتحقق بسهولة لما يقدمون عليه من اجل اهداف حزبية مصلحية ضيقة.

  

 

 

 

في المثقف اليوم