أقلام حرة

التحالف الكوردستاني واحتمالات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة

ارض الواقع ذات اهمية قصوى لا يمكن لاي كتلة تجاوزها مهما كانت الاتفاقات سارية بينهم، ولا يمكن عدم اخذ ما لدى الكورد بنظر الاعتبار من القوة الاقتصادية العسكرية والتنظيم والحكومة والبرلمان والواقع الجيوسياسي وعلاقاته الواسعة المتعددة مع الدول المنطقة والعالم، وفي المحصلة لا يمكن نجاح اية حكومة عراقية بعيدة عن موقف الكورد ورضاهم، مما يدفع هذه الاهمية والموقف والخلفية شئنا ام ابينا لكل من يتفاوض ان يفكر الف مرة قبل ان يقر في النهاية ما ليس في مصلحة الكورد، ولا يمكن ابعاد الكورد عن المركز العراقي من قبل الاخرين وهناك طرق اخرى وحق تقرير المصير غير بعيد عن الاحتمالات، وهذا من امنيات الشعب ويدافع عنه بكل ما يملك الا ان الظروف الموضوعية والاقليمية والذاتية حالت دون اخذ تلك المواقف من قبل القيادة الكوردية، والشعب نتقد باستمرار السلطة الكوردية على خمولها وعدم حسمها لاهدافه المصيرية .

 الكورد بنفسه ينظر الى هذه المسالة، اي تشكيل الحكومة العراقية وما يدور في العراق والظروف التي تجري فيها المفاوضات والمباحثات وكأنه مطمئن على مصلحته وما يهمه كما يعتقد مضمون، وكأنه يفكر بانه يجب ان يشارك مهما كانت الاتفاقات ومن منهم شكل هذه الجكومة العسيرة، وهذا مبني على الواقع وما يملك من الامكانيات ولابد من مشاركته على ما يعتقد او ما منسوج في خياله لاسباب مقنعة للكثير، ام لاعتبارات عرفية يجب على الجميع الالتزام بها واحترامها، لانه المكون الرئيسي المهم من المكونات الشعب العراقي ولابد من مشاركته مهما كلف الامر، ولا يمكن ان يخطوا هذه الكتل اية خطوة دون الحساب الدقيق للكورد ومتطلباته، ام هل ترى انها الثقة الزائدة والاعتماد على الذات والاستناد على الضغوطات الخارجية  على الكتل الاخرى من عدم امكانهم تهميش الكورد مهما اتفقوا على النقاط الاخرى، وربما تساهل الكورد في الفترة السابقة وعدم فرضه للشروط التعجيزية لم تجعل الاخرين يتخوفون من مفاوضاتهم البعيدة عنه ويمكن للكورد التنازل عن حقوقه في اخر المطاف كما فعله كثيرا من قبل كما سلم الجميع بذلك من قبل، وهم يعتبرون نفسهم جزءا من الحل وان كان على حساب مصالحهم يجب ان يكونوا الوسطاء الخيرين.

و لكن ما يفكر به المراقبون في الوضع الجديد وبالاخص من الكورد العقلاء والمحللين هو اخذ الحيطة والحذر، ويُعتقد بان المصالح تفرض حتى العقد مع الشيطان واهمال الرجمن في السياسة، واقتراب علاوي ومالكي رغم بعد المسافة بينهما ونقاط الخلاف اكثر بكثير من امكان توصلهما لاتفاق بعيدا عن الكتل الاخرى وبالاخص التحالف الكوردستاني  يجب الحساب له، الا ان السياسة لاتعرف المستحيل ايضا، وهذا ما يفرض على المهتمين ان يدركوا ما يجب ان يهتموا به ويتواصلوا مع الاحداث لمعرفة تفاصيل ما يجري في بغداد، ويجب على الكورد ان يفكر في اسوء الاحتمالات بالنسبة له، وعند اتفاق هاتين الكتلتين الكبيرتين لن تكون لثقل الكورد اهمية كعدد للمقاعد وانما من الممكن مشاركته وبقائه في الهامش الحكومي ولا يمكن الاصرار منه على المناصب السيادية والطلبات الدستورية وحلول الخلافات بين المركز والاقليم من كافة الجوانب، وخاصة مشاكل المناطق المتنازع عليها والمادة 140 وقوات البيشمركة وقانون النفط والغاز، والى غير ذلك من احتمال انعكاف تلك الكتل على تغيير بنود الدستور وهذا بعيد المنال في المستقبل القريب، وحتى الفدرالية ستكون امام الخطورة، والتراجع محتمل وخصوصا الكتلتين تؤكدان على مركزية الحكم.

و ان تمكنت الكتل الاخرى التوصل الى اتفاق لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة بعيدا عن التحالف الكوردستاني في اسوء الاحتمالات، فلم يجد الكورد امامه الا الطريقين الواضحين لاتباع احدهما في احسن الاحوال ويجب ان يختار احداهما بدقة مهما كلف الامر. اولهما هو قبول الواقع الجديد والعودة الى البدايات وانتظار الحكم الذاتي وبرَكة الاخرين، وهل يمكن للقادة في هذا الاحتمال ان يتنازلوا عن المكتسبات التي حصلوا عليها في بغداد على الاقل ام تشارك مهما كان موقعها ضعيفا، ولا اعتقد ان يقبل به الشعب الكوردي وخصوصا انه انفتح اخيرا على الحرية والشفافية وضغوط المعارضة. وثانيهما هو الاهتمام بالامور الداخلية والاستناد على اقوال وتصريحات رئيس الاقليم والذي عبر في اكثر من مناسبة بان ضمان بقاء الكورد في العراق الموحد  ووحدته وعيشه في اطار العراق الفدرالي هو تطبيق الدستور والديموقراطية والفدرالية، وضمان وحدة العراق هو تطبيق الدستور بحذافيره.

ا وهنا يحسب للواقع الكوردستاني والخلفية الكوردية والابعاد الكثيرة لاقليم كوردستان الف حساب، ويستند اي موقف يؤخذ على الاستعدادات الداخلية والخارجية لذلك الحق ويكون تاييد الشعب اكبر الضمانات . على الرغم من الخطورة التي يمكن ان يوجهها اقليم كوردستان الا ان الشعب الكوردستاني معروف عنه الصبر والتحمل والتضحية ومحبته لترابه ومستقببل اجياله، وهذا الموقف يحتاج لجرئة متناهية ووحدة الراي والموقف من الجميع، ولكن الخطوة الحاسمة كهذه تؤخذ باتفاق الجميع وان شعر الجميع بالتراجع في الوضع في بغداد وان واجهه التهميش والابعاد، وهو في الواقع له امكانيات كثيرة وقدرة على النجاح والوصول الى المبتغى.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1388 الاربعاء 28/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم