أقلام حرة

دار جبرا ابراهيم جبرا تتحول الى ركام ورماد..!

ولد في بيت لحم، وعاش وتعلم في القدس،وانهى التعليم الاكاديمي في بريطانيا،وامضى حياته في العراق مدرساً للغة الانجليزية. وقد اعتنق الديانة الاسلامية ليتسنى له الزواج من عشيقته العراقية "لميعة" .وفي العام 1994 غادر جبرا الدنيا مرتحلا الى العالم الآخر، بعد رحلة عطاء متجددة، تاركاً وراءه ارثاً ادبيا ثميناً وكنوزاً نادرة من الشعر والرواية والنقد والفكر والرسم.

اشتهر جبرا بروايته "صيادون في شارع ضيق" وبكتبه النقدية : "الحرية والطوفان" و"الرحلة الثامنة" و"ينابيع الرؤيا" وغيرها الكثير، وكان يرى في الشعر ركيزة للإبداع ومنطلقاً للعطاء _وكما كان يقول دائماً _ ان لم يكن شاعراً اولاً وأخيراً فلن يكون ناقداً ولا روائياً ولا مبدعاً، لأن الشعر هو سمة الأصالة في كل الفنون.

وقبل ايام معدودات قرأت في مواقع الانترنت العراقية، ان دار الراحل جبرا ابراهيم جبرا، تحولت الى ركام جرّاء التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى القنصلية المصرية المجاورة للدار، في حين تحولت محتويات الدار من مخطوطات وكتب وأسفار وتراثيات ولوحات فنية تشكيلية لكبار الفنانين التشكيليين العراقيين والفلسطينيين، بالاضافة الى صور شخصية وتسجيلات صوتية وأشرطة فيديو لندوات ولقاءات ومحاضرات كان يلقيها ويشارك فيها الراحل، وتمثل جزءاً من تراثه الأدبي والفني والنقدي.

ورداً على هذا الحادث التفجيري تساءل الكاتب العراقي ماجد السامرائي : فأي تراث شخصي وتاريخي ثقافي قد دمر بفعل هذا الانتحاري، لحظة تفجر بما يقود ويحمل ليدمر ويحرق كل شيء في الدار التي من بابها دخل، من البشر الى الفن، الى الثقافة، وما هنالك من وثائق مهمة تمثل عقل ذاكرة مرحلة من أهم مراحل الثقافة الحديثة؟!!

حقاً، ان نسف وتدمير دار الأديب والروائي الفلسطيني الكبير جبرا ابراهيم جبرا بحي المنصورة في بغداد، لهو كارثة ثقافية أخرى تضاف الى سلسلة كوارث حلت بالشعب العراقي وفي مقدمتها حرق بغداد الرشيد وسرقة المتحف العراقي واحراق التماثيل وتدمير المعالم التاريخية العراقية الحضارية، ابان الغزو الامبريالي الاستعماري الاجنبي للعراق. وهذا التدمير هو ضربة قوية للثقافة والفكر وللمثقفين العراقيين والفلسطينيين والعرب أجمعين، وهو يذكرني بما فعلته قوات الغزو الاسرائيلي خلال اجتياح بيروت الصمود، بيروت خليل حاوي، والجنوب اللبناني، بضرب المكتبة العربية ونهب وتدمير مركز التراث الفلسطيني مستهدفة من وراء ذلك اغتيال الذاكرة التاريخية الفلسطينية وهزم المثقف اللبناني والفلسطيني والعربي وشل دماغه وتفكيره وتدمير العقل المفكر والابداعي. فشلت اليد التي اقدمت على تفجير دار جبرا ابراهيم جبرا وحولت الأوراق والمخطوطات النادرة الى رماد، وسيظل جبرا حاضراً فينا مبدعاً وانساناً معطاءً.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1389 الخميس 29/04/2010)

 

في المثقف اليوم