أقلام حرة

هل نأت الانتخابات عن ابتلاء الطائفية؟

العفلقي البعثي الفاشي وأصبحت سمة الوضع السياسي في العراق هي الديمقراطية وقبول السياسيين العراقيين بالتناول السلمي للسلطة التي لم يكن مثل هذا التقليد الحضاري معروفا للعراقيين لأنهم خرجوا للتو من قبضة السلطة الفاشية التي أرخت بظلامها وقسوتها على تفاصيل الحياة العراقية وبات العراقي في قفص البعث المجرم لا يهش ولا ينش خوفا من المحو الذي يتربصه في أي وقت وحين، هو، ومن سلم عليه يوما وهو في طريقه إلى العمل ناهيكم عن الموت الذي طال القريب الخامس ولعل القريب الثلاثين.

هذا هو الجانب المفرح في الانجاز الذي تحقق للعراقيين للخروج من المحنة التي امتدت لأربعين عاما من القهر والضيم وتغييب الناس لأتفه الأسباب

أما الواقع المر فهو بروز ظاهرة مرة وغريبة ومقززة في العراق تلك هي مسالة الطائفية والتشرذم الخطير الذي قسم العراق إلى محافظات ومناطق وشوارع وحتى بيوت الحارة الواحدة، هذه للسنة وهذه للشيعة وشجع هذا الوضع المتخلف دخول البعثيين الفارين وقتلة القاعدة على الخط لكونهم وجدوا الطريق سالكة للدخول والذوبان وسط الطائفيين لينفذوا أهدافهم، ساعدهم على ذلك وجود الأطراف الاثنية المتناحرة والتي وصل بها الغباء إلى تصفية احدهما الآخر وبأقذر الوسائل من قتل وتصفيات وتهجير دون رحمة، ناسين إنهم أبناء وطن واحد وقدرهم الذي لا مفر منه التعايش والتساكن والتمازج فيما بينهم لكن من حرّك وغذّى وبارك وساند هذه المذابح عراقيون مجرمون اتخذوا من السياسة طريقا سالكة لتنفيذ مشروعهم الإجرامي متخذين من البسطاء ومسلوبي الإرادة وممن لا حول له ولا قوة مادة وسلاحا خطيرا للتنفيذ.                فالمليشيات الشيعية بكل ألوانها دججت بالأسلحة، والسنية هي بدورها تنكبت الأسلحة، إنما  السؤال الحارق، من يقاتل من؟ يظل الجواب المر وصمة عار في تاريخ العراق الحديث وان يتحول الساسة إلى سماسرة حرب في وطنهم، ولماذا؟ فقط لكونهم يسعون بتكالب على الامتيازات والمناصب والجاه والحظوة واللعنة على كل شيء، سياسيين بكل مرجعياتهم الغبية ومكاسبهم الوضيعة وبالتالي بقي العراقي المسكين رهين هذه المفاصل الخبيثة وضحية كل الفوضى والخبصة الفارغة  والعراق الذي عاد كبش فداء  ولم نعد نعرف لكثرة القلاقل واللغط الذي بات سمة للوضع السياسي الكارثي طبيعة هذه الفوضى القاتلة وفتح السياسيون الافذاف بتناحراتهم الأبواب على مصاريعها  لكل الحاقدين والطامعين والمتربصين من دول جوار وغيرها بالعراق الذبيح .

من من السياسيين الذين حصدوا أصوات  الأبرياء وأولاد الخايبة أن يطل علينا وباعتداد لا حدود له ليقول لنا انه ربح تلك الأصوات بكفاءته وسمعته الوطنية وبرنامجه الذي سيغير جذريا حالة الخراب التي تعم كل شبر من الوطن شماله وجنوبه وشرقه وغربه ومن منهم يتفاخر بأنه ابن العمارة أو الناصرية أو البصرة قد نال ثقة أهل تكريت والرمادي وحتى عينكاوة. ومن من ترشح من أهل الفلوجة يتفاخر بأنه كسب أصوات أهل السماوة وأهل الديوانية وأهل عفج.

هكذا نريد المرشح كعراقي ينتمي لتراب الوطن أينما حل وتحرك ونال ثقة الناس لنصفق له جميعا ونعترف بأهليته وكفاءته واستحقاقه الوطني.

لا نريد أن نكذب على أنفسنا ونمارس الزيف على الآخرين ونقنع المراقب بان انتخاباتنا كانت أصيلة ولا تنتمي إلى الطائفة والمناطقية والمذهب.

رغم كل شيء ليس لنا إلا أن نبارك هذا المنجز الذي قد يؤسس لتقليد جديد ما تعود عليه العراقيون على أمل أن تتطور التجربة لتمزق ثوب الطائفية التي يعرف الجميع أنها سمة العرس الانتخابي ويا للأسف، ولولا الانتماء المذهبي واستغلال عواطف الناس ومشاعرهم التي تطغى على رجاحة وعيهم لما فاز من لا يستحق أن يقود فصيلا من الجنود الجدد لا العملية السياسية بكل تعقيداتها وبلاويها. ودعونا نكون واضحين مع بعضنا ولا نبيع (المية بحارة السقايين) ويقول المثل رحم الله امرأ عرف قدر نفسه.

من جعل القائمة العراقية تحصل على كل هذا العدد من الأصوات ودولة القانون تقاربها والصدريون بأربعين مقعدا وبقية الكتل؟ ومن جعل كتلا وطنية ومعروفة بولائها للوطن ولها تاريخ مشرف بذلك كاتحاد الشعب وقائمة مثال الآلوسي وغيرها،  تلك كانت هي الطائفية المقيتة سادتي، فالسنة  نافسوا الشيعة والشيعة سارعوا لسحب بساط السلطة من السنة واللعنة الأبدية على كل من اوجد وغذا هذه التوصيفات المقززة،  إنها جماهير كل فصيل ممن عمل الخطاب الديني والقومي والمذهبي فعله في تحريك عواطفهم ونزوعهم الضيق في التبعية العمياء لكل فئة متنافسة لا على أساس التنافس الوطني الأصيل، بل استغلالا لهذا الوضع المتردي من الوعي لغالبية الناس لتكريس أسس الخراب للوطن والمواطن ورهن مستقبل العراق تحت رحمة هذا النزوع الأرعن والجديد على قيم العراقيين النبيلة.

كلنا أمل مستقبلا على أن يخرج العراق من هذه الدوامة لنجد أن الأكفأ والأجدر من العراقيين هو الذي نصفق له من القلب وبفخر واعتزاز، أما من يقف بعداء إزاء ما يجري في العراق من قيم وممارسات ديمقراطية جديدة رغم مثالبها الكثيرة فليس أمامنا من اختيار سوى الحرص على التوحد لإفساد مشاريعه التخريبية.

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1389 الخميس 29/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم