أقلام حرة

الفدرالية الحقيقة تنقذ العراق وتحافظ على وحدته

في الحقيقة لا يمكن مقارنة الاوضاع الحالية بما كنا فيه قبل السقوط باي شكل كان ان كنا منصفين في التقييم، وما نشهقه من هواء الحرية يساوي العيش كله الذي قضيناها في زمان الدكتاتور البغيض المباد، رغم النواقص التي نمر بها وعدم احسااس الفرد العراقي يالامن والامان وانعدام الخدمات العامة مقارنة مع الواردات الهائلة من تصدير النفط، وخصوصا اليوم لم نؤسس جيشا جرارا كي يبلع الميزانية كلها، ولم نعتد على احد رغم تدخلات كافة دول المنطقة في شؤوننا واشغالنا عن اداء الواجبات التي من المفروض تقديمها للمواطن العراقي.

العملية السياسية هي الاهم في حياة الشعب العراقي وتشغله جل اوقاته، واننا نراوح في مكاننا طيل هذه المدة التي ليست بقصيرة بعد سقوط الصنم، وكلما تنفسنا الصعداء لمدة قصيرة نواجه ازمة تعيدنا الى المربع الاول وخاصة بعد المحطات الرئيسية للديموقراطية ومبادئها الاساسية التي اعتمدناها خلال هذه المدة.

يحس الفرد العراقي بياس وهو يعتقد بانه مسلوب الارادة ويجنى عليه الجميع رغم تغنيهم باسمه عند احساسهم بانهم يحتاجون اليه في لحظات معينة. النظام السياسي العام لم يثبت اركانه وغير معلوم المعالم والاطر لحد اليوم، العلاقات المختلفة بين ابناء المجتمع والجهات تشهد توترا باستمرار، المؤسسات لم تكتمل والصراعات على اشدها، العقلية لازالت تحت تاثير الترسبات الماضية وللثقافة العامة والعادات والتقاليد والعقائد والايديولوجيا تاثيراتها المباشرة على الوضع العام، الحدود لم تتحصن ومشروعة للجميع، الاختلافات تحولت الى خلافات عميقة بين المكونات الرئيسية للمجتمع وتوسعت وانتشرت في ثنايا المجتع جميعا. كل هذا ولازلنا اسير المصالح الحزبية والشخصية ولم يفكر احد في الحلول الجذرية التي تعبرنا على شاطيء الامان وتمنع العودة بنا الى البداية بعد كل عملية ديموقراطية او نتخابات يعتمدها النظام السياسي العام في البلد.

الحل يكمن في الابتعاد عن الخيال والعقائد الطوباوية والنزول الى ارض الواقع والتعايش مع ما موجود وايجادةالوسيلة القابلة للتوفير والتطبيق والحل خلال هذه المرحلة على الاقل.

الواقع يدلنا على حجم الاختلافات والخلافات بين المكونات على الرغم من عدم اعتراف البعض بوجود المشكلة من اجل المصالح الشخصية والحزبية والنظرة المتعالية الضيقة الى الامور وعدم البحث العلمي الدقيق الممكن النجاح للعبور من الازمات. نتائج الانتخابات تدلنا على توجه وتفكير المكونات في كافة مناطق العراق وتوضح لنا عقلية وتفكير الفرد والمجتمع العراقي بشكل عام وبكل صراحة، ويجب الا نخبيء راسنا من الحقيق، هذا هو الواقع في هذه المرحلة ولا يمكن ان نغيره بالعاطفة والتمنيات . اذن هذا ما يفرض علينا التعامل معه من اجل الانتقال الى مرحلة اخرى ليستوضح لنا الامور اكثر ويمكن في حينه ان نتعامل بغير طريقة ووفق المستجدات بعد انقاذ الوضع الراهن.

اذن هذه الارضية التي انشات، توفر لنا ما يمكننا الخوض في البحث والحوار من اجل ايجاد الحل وتحقيق الطريقة الملائمة التي ترضى بها الجميع، واتباع ما ينقلنا على الاقل الى خطوة مقبلة في مسيرة عمليتنا غير المتكاملة.

الفدرالية الحقيقية وفق الدستور يجب ان تنبثق حسب المعطيات الموجودة على الارض، فبوجود الحكومات والبرلمانات الاقليمية وتوزيع السلطات والصلاحيات تتخفف الاثقال على كاهل المركز، ويمكن السيطرة بسهولة وبشكل جيد على الامور، ويكون المركز هو الحاكم والقاضي العادل وفق الصلاحيات الممنوحة له، ولم يبق امامه الا تنظيم الحياة السياسية العامة لجميع الاقاليم وامور الجيش والمالية والحدود والعلاقات الدبولماسية، فيمكنه التخطيط والبرمجة الصحيحة. وبعد التطبيق ينشغل كل اقليم في ادارة اموره الخاصة ويقدم ما يفيد المواطن من الخدمات، والسلطات فيه قريبة من المواطن والذي يمكنه محاسبته في العمليات الانتخابية، وعندئذ يمكن ان نقول اننا نبتعد عن اثارة النعرات والخلافات بكافة انواعها لتشابه المكونات في كل اقليم من كافة الجوانب، وخلال فترة معينة ينسى الجميع ما اثر عليه جراء الاحتدامات الكبيرة في هذه الفترة، فيتصافح ويتصالح ويتسامح ويخلق جو الامان ومن ثم تبدا مرحلة مستقبلية قريبة التي لن تكون فيها حاجة الى وجود الفواصل وحتى السلم والامان يستقر بنسبة كبيرة ولم تبق عوائق للوحدة الشاملة الواقعية، ولا يمكن لاي مكون عندئذ ان يعيش بعيدا عن الاخر، والعلاقات التاريخية ستفرز ما يدفع الجميع الى التعاون والتصاهر والتكاتف خلال مدة معينة.

اذن الفدرالية الحقيقية المبنية على ارض الواقع الطبيعي والمستندة على معطيات وتداعيات ماموجود على الارض من كافة النواحي السياسية الاجتماعية الثقافية الاقتصادية ستنجح خلال مدة قصيرة، وبها يمكن انقاذ العراق من الازمات المتكررة التي تواجهه وتمنعه من التطور والتغيير الفعلي، والفدرالية الجوهرية هي التي تحافظ على وحدة العراق وتراصفه وتكاتفه امام اي اعتداء خارجي او خروقات هنا وهناك او اية نوايا تريد الشر للبلد.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1392 الاثنين 03/05/2010)

 

في المثقف اليوم