أقلام حرة

البحث عن الذات.. بين الأنا والأنا

مستذكراً تلك المقولة الشهيرة "لقد تعلمنا كل الإجابات الممكنة، ولكننا لا نرى أين يكمن السؤال".

 

  هذا التساؤل الفلسفي حتماً يدفع بالعرب جميعاً نحو استحقاق مواجهة السؤال الأكثر إلحاحاً ومباشرة حول الذات العربية، أين هي وكيف أصبحت وما هو مستقبلها؟ فلا يمكن إنكار أن الشخصية العربية - قد بات جلياً- أنها فقدت ذاتيتها مع رحيل القادة الكبار سياسياً وفكرياً، وتزامناً مع اتساع رقعة ما يسمى بـ" عولمة الكرة الأرضية " إذ تاهت على ما يبدو هذه الشخصية العربية بين ركام فوضى الدمقرطة المستوردة، في خضّم محاولاتها المتكررة تلقيح وعيها الجماعي، إلى أن أفرزت نسخاً مشوهة لا تدرك أين أصولها.

 

وكي لا تتداخل الألوان وتختلط المفاهيم، ونفقد القدرة على تحليل مفاعيل المشهد العربي الراهن وإلامَ سيؤدي، حري بنا رفض الإتكال على حصر الإشكال الحقيقي الماثل أمام الشخصية العربية في النسخة الملقحة من المشروع الإستعماري الكولونيالي، وإغفال المشروع الإستيطاني الأيديولوجي والثقافي المُستعمِر لذواتنا المخترقة حد تموضعنا في قوالب جامدة ما بين الفساد، والإنقسام، والخمول، والترهل، إلى أن أصبحنا من حيث ندري أو لا ندري نخدم الآخر ونلغي حضورنا.

 

وكي نرى الصورة أكثر وضوحاً، خاصة على صعيد علاقتنا بالزمان والمكان جغرافياً وتاريخياً، بإمكاننا أن نتساءل، هل يكمن إشكالنا الحقيقي -نحن العرب- في هيمنة الغرب المتحكم في مقدراتنا؟! أم في انهيار منظومة القيم الأخلاقية والثقافية للمجتمع العربي؟!. هل يكمن في التغني بشعارات المقاومة أم في الإستسلام الكامل لخيار السلام؟ أم تراه في السباق الماراثوني بين الفارسية والصهيونية على حد سواء لملء الفراغ العربي في القارة السمراء؟؟. والأهم أين الشخصية العربية من كل هذا المشهد برمته؟؟؟. وأين هي ملامح الأنا الوطنية ذات الأبعاد القومية والعقائدية؟؟.

 

إن العلاقة مع الآخر وكيفية تعاطينا معه، ومنذ أواخر القرن المنصرم، ونحن نتحدث عنها وفيها بكل تفاصيلها، إلى أن أخذتنا بعيداً، دون الانتباه لجغرافيا "الأنا الجماعية" وضرورة تنميتها تنمية مستديمة، تحفظها وتصونها من الذوبان أو التقزيم فكرياً وسلوكياً.

 

من هنا ووقوفاً أمام الأهداف التي يجب أن نقف أمامها في خضّم بحثنا الدوؤب عن الحرية فكراً وممارسة، يجب علينا أولاً تحديد ملامح هويتنا في سياق البحث عن الذات بين الأنا والأنا قبل الأنا والآخر.

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1393 الثلاثاء 04/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم