أقلام حرة

الحكومة العراقية المقبلة .. تجاذب ينذر بالخطر

لكنها في حقيقة الامر لاتخضع لأي تفسير ايديولوجي، ذلك لأن جميع تلك القوى لاهم لها سوى السيطرة على مقاليد الحكم للاستفادة باكبر قدر ممكن من الامتيازات على حساب الشعب العراقي . ولعل قوائم الاتهامات التي تصدر من هذا الطرف أو ذاك والحافلة بشتى المآخذ تؤكد أن الخلاف بين هذه القوى لايمت بأي صلة لأي مفارقة ايديولوجية، بل على العكس من ذلك فأنه يكشف عن مآرب ذاتية تنطلق من مصلحة آنية لكسب الصراع ولاشئ غير ذلك، فأذا كان الامر على هذا المستوى، فماالذي يحرك الاغلبية الصامتة صاحبة المصلحة الحقيقية في بناء العراق؟

ان الاجابة على مثل هذا السؤال يستند الى الطروحات التي فاءت بها الاطراف المتصارعة في حكم العراق .. فقد كشفت هذه الاغلبية خطل السياسة التي درجت عليها السلطة الحاكمة ومنذ عام 2003 فكل ماصدر سواء عن حزب الدعوة أو المجلس الاعلى أو التيار الصدري أو حتى مجموعة القائمة العراقية والتيار الذي يمثله الدكتور أياد علاوي يصب في محاولات لأستقطاب تأييد الاغلبية الصامتة لكي تكون غطاء شرعيا لها في تحقيق امتيازاتها، وليس أدل على ذلك من محاولات حزب الدعوة وعلى رأسه نوري المالكي من عقد تحالفات مع أطراف كانت الى وقت قريب تتبادل الاتهامات فيما بينها، وكذا الحال بالنسبة للمجاميع الأخرى التي اقتربت في وقت ما من تحويل صراعاتها الكلامية الى صراعات تتسم بالعنف ومصادرة الرأي والتهميش غير المبرر لبعضها البعض، ومن جانب آخر،نرى أن هناك من يحاول اقتناص الفرصة للحيلولة دون استئثار هذه الجهة أو تلك بالحكم وتحقيق الامتيازات على حساب واحدة تلو الأخرى .ان أي محاولة لفهم الوضع العراقي الحالي لابد وأن يأخذ بنظر الاعتبار ماهية تصريحات الاقطاب السياسية المهيمنة على الساحة العراقية، فبها تحدد مناهج العمل السياسي لجميع التيارات، ومنها نتعرف على علاقات بعضها البعض، ففي الوقت الذي يشير فيه الدكتور علاوي - على سبيل المثال - الى أن الحكومة برئاسة المالكي قد حجمت تياره الذي يعتبره بعيدا عن المنازعات الأقليمية، يعود بعض من ينتمون اليه ليؤكد أنه من الممكن التعاون معه في تشكيل الحكومة المقبلة . ومن هنا نكتشف خطر ماهو مقبل ليس على العراق حسب وانما على القوى المؤثرة اقليميا على السياسة العراقية، حيث سيتحول العراق الى ساحة مفتوحة للصراعات الأثينية والاقليمية معا وفي سباق ماراثوني نحو تحقيق الامتيازات لهذه الجهة أو تلك فهل يعرف السياسيون العراقيون من اصحاب النفوذ الى أي متاهة يقودون العراق؟

لاريب انهم يدركون ذلك، لكنهم يتغاضون عنه لصالح تجارتهم التي قد تدر عليهم الربح الكثير على حساب الشعب الذي عانى ويعاني الكثير بدء من فقدانه للامان وحرمانه من كل الخدمات الانسانية، أضف الى ذلك ان الصراعات فيما بينهم قد خلقت مناخا خصبا للارهاب ان لم يكونوا انفسهم طرفا فيه لحاجة في نفس يعقوب . ويرى أغلب المراقبين للوضع العراقي ان محاولة تشكيل حكومة جديدة على وفق ماافرزته الانتخابات الاخيرة ستصطدم بالكثير من المعوقات استنادا الى ماسبق وان قلناه آنفا وسيطول امرها وستكتنف الفترة مابين هذه المحاولة والاستقرار على رأي واحد تفرضه تحالفات جديدة بين القوى المحركة، الكثير من التجاذبات قد تقترب في بعض مراحلها من التصفيات الجسدية وهذه علامة على ان الوضع العراقي غير قابل للاستقرار على المدى القريب

 

الاعلامية هيفاء الحسيني /واشنطن

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1394 الاربعاء 05/05/2010)

 

في المثقف اليوم