أقلام حرة

الإسلام لا يتلائم مع الحياة في بريطانيا

لأقول ان الطيبة لا تكفي لوحدها للتاسيس لعلاقة مقبولة مع الآخر!

منذ سنوات عديدة يدور بين الإسلام والغرب وبين المسلمين المقيمين في المهجر والدول التي سمحت لهم بالإقامة على أراضيها صراع فكري مر بمراحل كثيرة وصل بعضها إلى تخلي الغرب عن قيمه التي كان يتبجح بها حول ما يسمى بثقافة التسامح والحرية الفردية والمعتقدية والمساواة بين البشر ومصطلحات كثيرة أخرى تملأ قواميسهم السياسية والفكرية وهي المصطلحات التي خدعت بعض من جار عليهم الزمان في أوطانهم الأصلية فأغرتهم بالهجرة إلى تلك البلدان أملا بعيش حياة كريمة، ولكنها واقعا لم تحترمهم ولم تشعرهم بالراحة أو المساواة مع غيرهم وطالما ضيقت عليهم ولم توفر لهم فرص عمل وأبقتهم على راتب المعونة الذي يسد كفافهم دون فائض يسهم في تحسين أوضاعهم المعيشية.

وخلال العقد الأخير ولأسباب كثيرة بعضها يعود للمسلمين الذين انتهج بعضهم الخط الدموي الإسلامي المتشدد الذي بات يهدد مصالح تلك الدول حتى في الداخل بعد سلسلة الهجمات التي نفذت في بريطانيا وأسبانيا وغيرها، تحول الصراع إلى مواجهة حقيقية بين الفكر الإسلامي ممثلا بالرمز الإسلامي وبين الفكر الغربي  بدأ من التضييق في لبس الملابس الإسلامية ومنع النقاب ومنع الحجاب في المدارس والمؤسسات في كثير من الدول مرورا بأمر منع بناء المآذن في سويسرا ورغبة دول أوربية أخرى بتطبيق القرار،ووصل اليوم إلى أواخر مراحله التي أرادوها بمحورين الأول وقف هجرة المسلمين إلى تلك  البلدان بتاتا ومنع دخولهم إليها، والثاني طرد المسلمين الموجودين فيها أو تشجيعهم وإغرائهم بالرحيل.

 وفعلا تم تفعيل المرحلة الأولى من هذه الخطة في بلدان عديدة من الاتحاد الأوربي، ورغم أن فرنسا جاهرت بموقفها المعادي للإسلام والمسلمين بجرأة أكبر من أخواتها الأوربيات إلا أن بداية هذه الخطوة جاءت هذه المرة من بريطانيا  وكأن هناك تبادلا في مواقع اللعب وأدوار اللعبة ليس اعتباطيا ليبدو الوضع متشعبا وفاشيا في الاتحاد الأوربي كله، يبني جبهة رفض شعبية تغلق الأبواب بوجه المسلمين المغتربين وتمنع انتقالهم من بلد المهجر الذي يعيشون فيه للعيش في بلد مهجر آخر لكي لا يبقى أمامهم سوى العودة إلى أوطانهم الأصلية!

وفي هذا السياق دعا الحزب القومي البريطاني الذي شارك في الانتخابات الأخيرة في برنامجه الانتخابي إلى وقف هجرة المسلمين إلى بريطانيا باعتبار أن هذه الهجرة تشكل "خطر مميتا" للبلاد على حد تعبيرهم. ودعا البرنامج، الذي أعلنه زعيم الحزب "نك جريفين" في بلدة "ستوك" شمالي انجلترا، إلى وقف الهجرة من كافة الدول الإسلامية.كما تضمن البرنامج خطة تقضي بمنح البريطانيين المنحدرين من أصول إسلامية حوافز مادية لإقناعهم بالعودة إلى مواطنهم الأصلية.

وقال "جريفين" لدى إعلانه عن برنامج الحزب الذي ينص على انه يجب إيقاف الهجرة من البلدان الإسلامية تماما، (لأن هذه الهجرة ـ حسب رأيهم ـ تشكل اكبر تهديد لبقاء امتنا. وذلك لأن الإسلام لا يتلاءم مع الأنظمة الديمقراطية العلمانية المعاصرة.)

قال: (إن البرنامج يضم وعدا جديدا للناخبين يتلخص في تعهد الحزب بإعادة النظر في كل القرارات التي منحت بموجبها الجنسية البريطانية لمقيمين أجانب والتي صدرت منذ عام 1997 للتأكد من أنها ما زالت مناسبة. كما قال: إن بريطانيا مزدحمة بالسكان، وإن الأوان قد آن لإغلاق الأبواب.)

جدير ذكره أن هذا الحزب كان قد تبنى موضوع الهجرة وجعله همه الأول، وأخذ يطالب جهارا بمنع هجرة المسلمين إلى بريطانيا كليا ويتعهد بترحيل كل المهاجرين غير الشرعيين.

ولا أدري كيف تتسع أرض بريطانيا المزدحمة بأهلها لكل المهاجرين من غير المسلمين ولكنها تضيق إذا ما رغب مسلم بالهجرة إليها إلا إذا ما كان هذا المنع واحدا من خطط محاربة الإسلام الذي توسعت قاعدة المنتمين إليه في الآونة الأخيرة بشكل كبير في تلك البلدان بعد أن وجدوه ملبيا لمطالبهم الحياتية وفيه فسحة لتحقيق الكرامة لم يجدوها لا في مجتمعاتهم الأصلية ولا في أديانهم.

ونحن واقعا ما كنا سنعترض لو أن الأمر نفذ بحق الإسرائيلي والأمريكي كما نفذ بحق المسلم والعربي لكن أن يتم تنفيذه بهذه الانتقائية والتحيز فذلك يعني أنه جزء من مؤامرة تذهب لأبعد من هذه الخطوة بالتأكيد. لذا أرى أن من واجب الحكومات الإسلامية العمل على تشجيع هؤلاء المهاجرين بالعودة بكرامتهم إلى بلدانهم من خلال توفير أسباب الراحة لهم وفتح الأبواب لمساهمتهم في البناء من خلال توفير فرص العمل الذي يتناسب مع قدراتهم وتحصيلهم العلمي، ووقف ومنع مطاردتهم وإسقاط التهم السياسية الموجهة لهم واحترام رغباتهم. وأدعو الحكومات أن تتهيأ منذ الآن لهذا الأمر الذي بات تنفيذه قريبا قبل أن تصطدم بموجة العائدين الكبيرة التي لا تتمكن من استيعابها فتشعرها بأنها ليست أكثر من عبء جديد يضاف لأعبائها مما يدفع المهاجرين للبحث هن دار هجرة ثانية بأي ثمن كان حتى ولو أضطره الأمر إلى التنازل عن دينه!!!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1400 الثلاثاء 11/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم