أقلام حرة

قد تكون "قد" صحيحة

 وتمثل خلاصة قراءة العراقيين وقادتهم للواقع المعاش، ومن يستذكر ذلك التمظهر النزق الذي كانت القيادة تريد أن تبدو من خلاله بمظهر الحنكة والحكمة، وذلك الطيش المجنون الذي كان يقود الحياة وتلك الساعات والدقائق التي كانت تتحكم بالمصائر يدرك أن كل الحكايات غير المعقولة التي سمعها بعد التغيير عن طرائق قيادة البلاد "قد" تكون صحيحة ولاسيما وإننا لاحظنا كيف كانت القيادة تنقل الموجودات الثابتة للبنك المركزي ومؤسسات الدولة وأملاكها الخاصة التي لم تتمكن من إخراجها إلى خارج البلاد من بيت لآخر ومن مزرعة إلى أخرى بما فيها من ذهب وسلة عملات أجنبية تبلغ مليارات الدولارات ونوادر وسلسلة مطبوعات العملة الورقية التاريخية وأشياء ثمينة أخرى ولوحات وتحف بعضها لا يقدر بثمن

و"قد" وصلني قبل أيام إيميل من أحد أصدقائي فيه صور لكهف يقع غربي العراق  وكانت القوات الأمريكية بعد دخولها للعراق تقف في داخله قرب أكوام كبيرة من سبائك الذهب غير النظامية أي المصنوعة محليا في مصاهر يدوية والتي "قد" تعود بالأساس إلى كميات الذهب الكبيرة التي جمعها الحاكم من المواطنين عنوة بحجة التبرع لدعم (القادسية) و"قد"كانت الغاية من ورائها سحب كل مدخرات العراقيين وإفلاسهم  لكي تصبح كل مقدراتهم بيد الطغاة تبعا للسياسة القهرية التي كانوا يتبعونها تحت شعار (جوع كلبك يتبعك)

ووصلتني رسالة أخرى تتكلم عن وجود كميات كبيرة من اليورانيوم في شمال العراق قام الأمريكان بنقلها إلى بلادهم بعد أن حولوا شمال العراق إلى ما يعرف بـ(الملاذ الآمن) بعد حرب 1990 وهذا ما أعترف بحقيقته الرئيس الأمريكي السابق بل كلنتون في قوله عام 1996 (لـ"قد" أخذنا من شمال العراق يورانيوم يكفينا للقرن القادم) ويقصد القرن 21. و"قد"أكد كلامه القادة الأكراد حينما قالوا: إن الأمريكان حطموا جبلا كاملا ونقلوا ترابه  بالطائرات إلى خارج العراق!

وأتذكر صورة الجنود الأمريكان الذين دخلوا المزارع الرئاسية وعثورهم على حيطان مبنية بربطات الدولارات الأمريكية!

وتلك القصور الرئاسية الفارهة التي دخلتها القوات الأمريكية وهي تضج بما فيها من تحف ونوادر ولوحات فنية لا تقدر بثمن ولم تخرج منها إلا بعد أن تركتها خاوية!

واختفاء كميات الزئبق الأحمر واليورانيوم والمعدات والمكائن المتطورة من منشئات التصنيع العسكري التي "قد" يكون الضباط العراقيون "قد" اعترفوا للقوات الأمريكية بمخابئها والتي لم يسمع عنها أحد بعد هذا التاريخ شيئا، و"قد"لا يعرف مصيرها أحد غير الأمريكان إلى الآن!

"قد" يكون كل ذلك صحيحا .. و"قد" يسهم جزء يسيرا منه لو أعيد إلى العراق بإسعاد العراقيين وقد .. وقد .. وقد، ولكن "قد" "قد"  "قدَ" قلبها من صخر ولا تبيض سوى الحجر وحارق الجمر

وقبل مدة تناقلت الأخبار المحلية مطالبة الحكومة العراقية للحكومة الأمريكية بإرجاع كنز الوثائق اليهودية الذي لا يقدر بثمن والذي نقلته القوات الأمريكية إلى بلادها، و"قد" يكون ذلك صحيحا بما يبدو وكأنه محاولة خجولة للمطالبة بالحقوق، ولكن هل من المعقول أن يلتفت السياسيون المنشغلون بالصراع المرير على مدخرات الداخل التي تزخها الكراسي الوجاهية عليهم إلى قضية المطالبة بحقوق العراق في هذا الوقت بالذات؟ وأين كانوا خلال السنين الماضية؟ "قد" يقول المنصف والمسالم أنهم "قد" يكونون "قد" طالبوا بها ولكننا لم نسمع بذلك؟ وأقول : "قد" يكون ذلك من نسج الخيال، و"قد" يكون صحيحا!

ولكن لكي لا نظلم السياسيين الذين "قد" يكون بينهم بعض المحنكين نقول: "قد" يكون فيهم من طالب بإعادة هذه المقتنيات ولكننا لم نسمع بتلك البطولات أو "قد" سمعناها ونسيناها، لأن المطالب الهمام "قد" يكون من لا يبحث عن الدعاية ويريد أن تبقى أعماله الجهادية الوطنية من المستورات، لكن "قد" إن كانت "قد" صدقت من قبل في حديثها عن السرقات والمنهوبات فهي "قد" تكون هنا كاذبة لأنها تخالف العقل والمنطق. و"قد" أكون متجنيا و"قد" أحشر نفسي في زاوية ضيقة إذا ما قلت: ألعن أبو شوارب من يدعي وجود "قد" على هذا الـ"قد" من الشجاعة عند أصحاب الـ"قد" الأهيف الذي "قد" من حجر!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1401 الاربعاء 12/05/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم