أقلام حرة

قلنا فلتكن كوردستان بوابة للحرية والديموقراطية!

 

وما دعانا ان نتفاخر بما فعلناه، واصرينا على ان نقدم درسا للاخرين هو اتباع المصالحة ونبذ العنف وازاحة الثار والانتقام في تفكيرنا وعقليتنا، والاهتمام بالوسائل التي تقدم ماهو الخير للانسان وفي خدمة الانسانية، ونطبق مفاهيم عصرية ونعتمد على ما تتطلبه المستجدات ونحترم الاخر ونضمن التعددية وسيادة القانون ونؤمٌن المقومات الاساسية لترسيخ الديموقراطية ونعتمد على اهم مبادئها الضرورية. هكذا اصبحت لدينا تجربة على ارض الواقع واستندنا على الانتخابات واسسنا حكومة فتية منذ تحررنا من مخالب الدكتاتورية بعد الانتفاضة المجيدة، ونحن شبه مستقلين ونتقدم بخطى واثقة ولكن بطيئة. كنا قلقين لمدة طويلة رغم ما فرضته الضرورات علينا من الاعتماد على الذات حصرا، والسبب بقاء الدكتاتورية لمدة طويلة وضغوطاتها لحين سقوطها، وما افرزته ابعاد تخلصنا منها وثبتنا اقدامنا على الارض واصبحنا قدوة للاخرين .

شهدت كوردستان تقدما ملحوظا من جميع جوانب الحياة دون استثناء ، وتعتبر هذه الفترة الذهبية لهذا الاقليم  منذ عهود مضت، لذا كان من الواجب على المهتمين ان يقدٌروا ما نحن فيه ويحسبوا حسابا دقيقا للضحايا الغفيرة التي قدمت من قبل الشعب من اجل الوصول الى الاهداف التي لم تتحقق نسبة كبيرة منها لحد اليوم، وكان من المفروض على القادة قبل الشعب ان يحلوا المعادلات الصعبة الداخلية والاقليمية باقصى تركيز ودون خطا يُذكر، ولكن!

منذ الانتفاضة والشعب الكوردستاني يتحمل الصعاب من الحصار المزدوج عليه داخليا وخارجيا، ولم يركع لاحد وعاش سنين عجاف مرفوع الراس ، اضافة الى ما قدمه من الدم والمال والبنين فانه صبر طويلا من انعدام ضرورات حياته العادية، الا ان الصراع الحزبي والايديولوجي زاد من الطين بلة بحيث تورط بالحرب الداخلية ولاسباب تافهة ونتيجة اعتيادية لانعدام الحكمة لدى قيادته وتوارثهم للصفات التي اكتسبوها من الوضع السياسي الاجتماعي الثقافي لمرحلة الحرب الباردة والتحزب الضيق ومحاولة نفي الاخر والغائه كما كان سائدا، من اجل الانفراد بالسلطة والحكم، الى ان سقط الصنم وعبرنا عتبة القلق المزمن والخوف من البعبع الذي كنا نعيشه في كل لحظة.

خلال هذه المدة قدمت من الخدمات العامة رغم الفساد ما يمكن ان نسميها دون طموح الشعبلو قورنت بالواردات والموارد المالية التي لو استخدمت بشكل صحيح وبتخطيط علمي لكنا الان في وضع مغاير حقا.

لمسنا تقدما معقولا لو قارننا انفسنا مع الاخرين في مجال حرية التعبير والصحافة والاعلامو ارتفعنا من شان الاقليم واعتلينا سلما اخر من الثقافة العامة، ولكن!

لو ندقق، نرى ان الظروف العامة وما تقدمنا به من تلك النواحي التي تهم الانسان والتي تعتبر الحجر الاساس للتحرر والاستدامة في التطور والاصلاح والتغيير، نشهد عثرالت متعاقبة وعراقيل تصنعها السلطة بذاتها لاسبابها المعلومة وفي مقدمتها المصالح الحزبية والشخصية المعيقة لبناء المءسساتية وتجسيد المجتمع المدني وضمان النسبة المريحة من العدالة الاجتماعية والمساواة.

 فرحنا كثيرا وقلنا هكذا يجب ان نعيش وليعرف العالم باننا شعب يستحق الكثير، ولم يلق الا الظلم والاستعباد والتشريد والدمار من قبل، ولو سنحت لنا الفرصة سنوضح لهم باننا لدينا ما يقدم لنا وللاخرين ما يحتاجونه من كافة الجوانب العلمية والثقافية والادبية ولدينا من الرموز والجهابذة ما تبدع ايديهم وافكارهم وعقلياتهم ، ولكن!

قلنا من قبل وناقشنا وحاورنا وصرخنا على ان تكون كوردستان بوابة للحرية والديموقراطية وارضا لضمان حقوق الانسان ودافعا ومشجعا للاخرين بان يقتدوا بها وتكون مثالا للحداثة والتمدن والتنوير وبانيا لعصر النهضة في المنطقة، وعند تجسيد هذه الصفات سنتحرر نهائيا ونحرر الاخرين معنا الى الابد،و لكن!

ما نشاهدها في هذه المرحلة من الاحداث تخيب الامال وتعيد بنا الى الظلمات لو لم نجد الحلول الجذرية لها وخاصة قمع الحريات واتباع الصراع الملتوي غير النظيف وكم الافواه ومحاولة نفي الاخر والتوجه نحو الحزب الواحد الاوحد والقائد المهيب المقدس .

ماي منع توجهات السلطة الكوردستانية غير الواقعية هو الوعي العام للشعب والحراك السياسي الثقافي وفعالية المنظمات المدنية والثقافية، وهذا ما يفرحنا، لاننا لمسنا خلال هذه الفترة وبعد اغتيال الصحفيين نشاطا واضحا ومؤثرا ومثيرا للراي العام مما يفرض ضغوطا على الامتنفذين ليعيدوا النظر ويحسبوا للمرحلة الجديدة ومستجداتها وما يتطلبها الواقع لنكون مثالا ونموذجا يحتذى به الاخرين.

 وان وصفنا ما نحن عليه في نصابه الصحيح سنخدم انفسنا والاجيتال والاخرين في المنطقة وسنكون بوابة واسعة لمرور نسم الحرية الصافي، ونخلق المقومات الاساسية لضمان الحرية والديموقراطية والحداثة للجميع، ويجب ان نتفائل بما لدينا من القدرة والامكانية والعقليات والوعي العام المبشر والثقافة العالية، لنجسد الحرية المطلوبة معا، ويجب ان نشخص الخلل والمعوقات ونعالج اي منها بشكل صحيح ونزيح العراقيل امام تجسيد الحرية الدائمة .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1403 الجمعة 14/05/2010)

 

في المثقف اليوم