أقلام حرة

موقف المثقفين من الخروقات لحقوق الانسان في كوردستان

وكلما كانت هذه الشرائح اكثريقظة وتاثيرا في تعاملاتهم مع ما يطرح على الوضع السياسي الاجتماعي، اتسم الشعب بالحيوية وكان منتجا ومثابرا ومتقدما بخطى ثابتة في جميع نواحي الحياة .

فالمثقف الكوردستاني المتاثر بظروف المنطقة وما موجود فيها اصلا، له الحق في ان يحمل الراية على الساحة الثقافية والسياسية في هذه المرحلة محاولا اثراء الشعب بما يمتلك من الامكانيات .

العائق الكبير الذي فرضه التاريخ وتوارثه المثقفون هو الخلط بين الثقافة والايديولوجيا وبين السياسة والثقافة في المراحل السابقة، وهذا ما خلٌف مسيرة الثقافة الكوردستانية عن ركب الثقافات العالمية بشكل ملحوظ.

انهم لم يعلموا بان الثقافة الحقيقية في تغيير دائم وتكون متاثرة بمستجدات الحياة من العلم والمعرفة والوضع الاجتماعي وبالعكس ايضا، بينما الايديولوجيا ثابتة على حالها رغم الاصلاحات التي من الواجب اجرائها على ما يتعلق بهذا المفهوم ان اريد لها النجاح في التنظير والتطبيق .

من المعلوم ان الوضع العام في هذه المنطقة يمر بازمة خانقة من النواحي كافة، وبديهي ان يتاثر المثقف والثقافة حتما وبشكل عام باية ازمة تمسه ويتفاعل معها، ويمكن القول ان الثقافة بذاتها في ازمة خانقة بعيدا عن الظروف السياسية العامة، ويعيش المثقف في اطار معين من حيث التفكير ولم تثمر ايديه مشروع فكري ثقافي معاصر منذ مدة .

  هنا يطرح سؤال هل يتعامل المثقف مع المواضيع بانفتاح دون اي محددات في العقلية او على الارض، وهل حدد اصلا اهدافه وما يصبو اليه في هذه المرحلة بالذات. وهنا يمكن ان نتلقى تفسيرات وتنظيرات وافكار مختلفة بقدر الاختلافات الموجودة بين المثقفين ونظرتهم الى الثقافة والسياسة والمجتمع بشكل عام.

لو حللنا الواقع الثقافي بموضوعية، يجب ان نتذكر بان واجبات المثقفين في هذه المنطقة بشكل عام وكوردستان بشكل خاص في هذه المرحلة بالذات يختلف عن المثقفين في المناطق والدول الامنة المستقرة، اي الظروف السياسية تفرض نفسها على اي مثقف ان يفكر فيها كالسياسيين المحترفين، من اجل تجسيد الامن والامان وتوفير الارضية المناسبة لحرية عمل المثقف وتشجعيه على الانتاج. اي يجب ان لا يكون المثقف مكتوفة الايدي من الاحداث التي تهم جميع الفئات  والشرائح ومكونات المجتمع، وعليه ان يقول كلمته بحزم ويكون في مقدمة المهتمين بما يحصل ودوره مؤثر وفعال في تغيير المسارات وله اليد الطولى في اثارة الراي العام وتوجيه المجتمع، ان ابتعد المثقف نفسه عن الخمول واهمال المواضيع المطروحة كما يتصف به مثقفونا  الاصلاء للاسف نتيجة الضغوطات السلطات السياسية وما توارثوه عبر التاريخ الحديث وما جرعوه من الضيم على ايدي المتسلطين والدكتاتورية . 

على المثقف ان لا يكون مشاهدا عابرا للسبيل عند مواجهته للقضايا ويجب ان ينتقد ما يراه سلبي بشكل ما كي يساعد على البناء ويحافظ على المصالح العليا .

 اما في اقليم كوردستان وان قيٌمنا وضعه من النواحي السياسية الاجتماعية الثقافية فيمكننا ان نقول انه يتميز بظروف خاصة يجب مراعاتها بشكل جيد، ولكن هذا لا يعني ان يقف المثقفون بعيدين ولم يكن لهم القول الفصل وخاصة في الخروقات التي تحدث، ومن فعل السلطة السياسية الذاتية او نتيجة فشلها او اهمالها او ما تنشرها من الفساد الذي يتفشى وينتشر كالنار في الهشيم دون حل جذري او اصلاح يذكر. نعم يجب ان تكون هناك علاقة منطقية هادئة بين السلطة والمثقفين وخاصة في اقليم كوردستان الذي تفرض ظروفه تلك الاوضاع، الا ان الانتقاد والتصحيح والتهذيب والارشاد يكون مكملا للسلطة التقدمية الحداثوية المتمدنة.  النحبة هم اكثر الشرائح الفعالة والضرورية وجودها لتصحيح المسار، ولكن يجب ان يهتموا بما يهم الشعب بشكل عام في هذه المرحلة وليس العمل من اجل النخبة ذاتهم فقط .

مايهم هذه المرحلة هو الحفاظ على الحرية النسبية  والديموقراطية السائدة وتجسيد مبادئها بشكل اقوى في كل يوم، لضمان بقائها مما ستنتج عنها الطريق السوي امام تنفيذ واجبات المثقف  الخاصة في المستقبل القريب، وما نشاهدها من الخروقات في الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان تفرض على المثقفين قبل غيرهم ان يقفوا سدا منيعا امام عودة المضايقات السياسية الثقافية، والعمل على قطع طريق الوصول الى وضع حجر الاساس او بداية الانفراد بالحكم وعودة الدكتاتورية مهما كان عرقها او شكلها، ونحن في بداية انشاء البنيان وكلما كان صحيحا ودقيقا رفعنا صرح العملية السياسية الثقافية بشكل سليم . وهذا ما يتطلب موقفا موحدا من جميع المثقفين على حد سواء مهما كانت رؤيتهم او فكرهم او عقيدتهم كي تعيد اية جهة كانت النظر في محاولتها لاحتكار الوضع والانفراد بالحكم والغاء الاخر، ويجب ان يعود المخطئ الى رشده .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1404 السبت 15/05/2010)

 

في المثقف اليوم