أقلام حرة

شوكة بعين الأمريكان

ورئيس الجمهورية العراقيان اللذان شككا بشرعية النتائج وطالبا بإعادة الفرز يدويا بسبب وجود عناصر في أعلى مراكز الفرز تلاعبت في النتائج بشكل مفضوح وقدما أدلة قاطعة على ذلكن، وإنما لأن إيران كما يدعي فشلت في تحقيق أهدافها، ووصف هذه النتيجة (الشرعية) بأنها كانت شوكة في عين الإيرانيين، مشيرا إلى أن طهران أنفقت نحو مائة مليون دولار لدعم الأحزاب الشيعية الدينية في العراق وتهميش قائمة "العراقية" التي يتزعمها إياد علاوي.

 ويأتي هذا التصريح المملوء بالكذب والدجل للتغطية من جهة على فضيحة الخمسة وعشرين مليار دولار التي رصدتها السعودية للتأثير على نتائج الانتخابات والتي نجحت فعلا في إحداث التأثير الذي قلب نتائجها بعد فرز 93 % من الأصوات لتفوز قائمة العراقية التي كانت تقبع خلف قائمة دولة القانون بسحر ساحر. ولتأكيد الدعم الذي توجهه أمريكا لقائمة علاوي ووقوفها العلني بوجه فوز القوائم التي ادعى أن إيران تدعمها.

ووفق منطق الصلف والتعجرف الأمريكي المعهود جدد بايدن رفض واشنطن لأي محاولات (غير شرعية) لقلب النتائج. ويأتي هذا التحذير ليغلق الباب أمام مسعى قائمة دولة القانون لإعادة الفرز ويعتبر المطالبة بإعادة الفرز أمرا ليس شرعيا وفق المنطق الديمقراطي الأمريكي، بينما لا يخفى على أحد انه كان مستعدا للتشكيك بشرعية الانتخابات والدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة لو فازت حقا قائمة دولة القانون.

وهو لا يقف عند هذا الحد بل يرفع صوته عاليا ليكشف أوراق اللعبة التي حاولت الاتفاقية الأمنية المعقودة بين البلدين ترسيخ قواعدها وهي لعبة المساهمة الأمريكية في إدارة شؤون وسياسة الدولة العراقية ليعلن أنه من الضروري للعراق أن تشمل حكومته تحالفا واسعا يمثل جميع أطياف الشعب العراقي ويأتي هذا التصريح كبادرة استباقية لمواجهة ما يمكن أن تسفر عنه المباحثات بين قائمة دولة القانون والقائمة الوطنية والقائمة الكردستانية التي أصبحت قريبة جدا من التوصل لاتفاق شامل على طريقة تشكيل الحكومة العراقية لأنه يرى في توحد هذه الكتل خلق كتلة قوية جدا ممكن أن تزيح كتلة علاوي من طريقها مما يحرم البعثيين فرصة الحصول على موطيء قدم في الحكومة الجديدة كما هو الحال في الحكومات السابقة.

أما تصريح بايدن الذي يقول فيه أن نتائج الانتخابات جاءت شوكة في عين إيران فيكشف التخوف الأمريكي الشديد من إمكانية توصل الأطراف العراقية إلى اتفاق تعاون مع بلدان المنطقة المعتدلة الذي يراه أشد خطورة من التعاون القائم بين أزلام البعث وفلول القاعدة مع دول جوار أخرى (تركيا / سوريا / الكويت / السعودية / الأردن / قطر) والحصول منها على الدعم المادي والعسكري والمالي والتخطيطي بما يسمح لها بإيقاع الأذى بالعراقيين الأبرياء والقيام بالتفجيرات الدموية. وهو أسلوب التشكيك الاستعماري المعروف الذي ينتهجه المستعمرون للطعن بمصداقية الوطنيين وقد أورد (برترام توماس) في كتابه (مخاطر ورحلات في الجزيرة العربية) الذي تحدث فيه عن بدايات دخول القوات البريطانية الغازية للعراق عام 1914 ما يشبه هذا الكلام من خلال وصفه للقائد الوطني الشيخ الخيون بأنه (كان شوكة في جسم الأتراك، ومعنا أيضا) فمن يعترض على سياسة المستعمرين ومن يعمل لأجل بلده وشعبه يتحول إلى شوكة يجب نزعها ولو بالقوة!

ومما سبق يتضح للعاقل والمجنون أن أمريكا لا تريد مغادرة العراق أو تركه يدير شؤونه بنفسه، وأنها ستبقى اللاعب الأقوى والمتنفذ الأوحد لحين تطبيق كل فقرات منهاجها الحافل في العراق والمنطقة كلها. أما صراع المراكز والمناصب  فيأتي بالتأكيد ليصب في صالح هذا البقاء اللابدي وكأن جميع الأطراف ترغب  باستمرار هذا الحال المائل الذي لا يرضي أحدا

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1405 الاحد 16/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم