أقلام حرة

العراق مابين: الانتهازية والتدكتر .. وكذبة الديمقراطية..

 تحمله خصوصا في المجتمعات سريعة التغير (المجتمعات الفتية الشبابية).. تجربتنا الديمقراطية بعد سقوط هبل بغداد متعكزة على أكثر من عكازة...والخلل الديمقراطي كبير لا يمكن معالجته ارتجاليا أو معالجته وفق رؤية نظرية صالحة ما دام الخلاف هو الجو السائد خصوصا بتدخلات إقليمية وعالمية خارجية ورعونة أيتام الدكتاتورية والذين يقدسون ولائهم للماضي ..أن من يقف أمام التغيير الديمقراطي وتبادل السلطة السلمي هم في الغالب الساسة والإداريون الذين خلال فترة تسلطهم كانوا يؤسسون عصابات وجماعات منتفعة من السلطة على حساب المجتمع (منتفعون أو مخدوعون) .. ليكونوا موالون لهم ويعملون على استمرار السلطة.. بينما الغالبية العظمى المتضررة المهمشة تطلب التغيير وتعمل على تحقيقه.. أن التغيير ضروري جدا من اجل أحداث الرضا للإنسان المغرور بالفطرة السليمة الذي يرغب بالتغيير مهما كان ويكره البقاء على وضع واحد وحالة ثابتة.. لان السبات والاستمرار والتكرار على نسق واحد يعني الموت الحضاري للإنسان وتراجع فكره... يجب أن يكون هناك تغيير من اجل القضاء على الدكتاتورية ومنعها من النمو وتحجيم الدكتاتورية المؤسساتية لتكون دكتاتورية فاضلة حازمة بالحق والعدل ... أن الدكتاتورية المؤسساتية الظالمة المتجبرة لم تفارق المؤسسات العراقية منذ عقودا طويلة (أو بشكل اصح منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة حتى الآن).. أي أن سقوط صنم بغداد لم يمهد للقضاء على هذه التدكتر الذي لا يحترم الإنسان العراقي ... لذا لكي يكون هناك ثقافة حقيقية للديمقراطية يجب أن يكون هناك التغيير لكل لبنات المؤسسات الحكومية في عراقنا الجديد .. نتسأل من يقف ضد هذا التغيير السلمي؟ وهل التغيير يفرض تغيير البرامج الإستراتيجية التي تخص الأمن والسلامة وتخص بناء البلد وازدهاره ونمو اقتصاده وحلول جميع مشاكله؟؟..هل التغيير يعمل على عرقلة أتمام البرامج التنموية بعد كل انتخابات ويفشلها ليبدأ من الصفر في كل دورة انتخابية؟؟... بئسا التغيير هذا!!!

يجب بناء مؤسسات البلد بالاعتماد على التكنوقرط وفقا لأسس الصلاح والنزاهة واحترام القانون والماضي الصالح مع الاخذ بنظر الاعتبار الخصوصيات المحلية  والثقافة الاجتماعية والمسؤولية الوطنية وما تفرضه من عدالة في حفظ حقوق  جميع المكونات والأفراد ... ومحاربة الابتزاز والفساد... ليس المهم اليوم الارتقاء بالشكليات  والخداع الإعلامي أمام الكاميرا والتمنطق بالشعارات الكاذبة .. وإنما المهم تصحيح المسار المهم تقليل الانتظار المهم تحجيم الروتين الغبي القاتل. المهم هو الصدق المفقود المهم الصدق الغائب المهم الصدق المخفي بوشاحات ثقافة السوء والذي نفتقده في جميع مؤسساتنا منذ سنين طويلة وكأنه أصبح كلمة ليس لها معنى... قبل أيام التقيت احد الإداريين فشكا لي من عمال الخدمة في دائرته وموظفي الصيانة وقال لي لا يعملون أي شيء يكلفون به ألا بعد اخذ اجر مقابل ذلك وكأنهم لا يستلمون رواتب من الدولة..فقلت له صحيح لكن يبقى الخلل خلل مؤسساتي أداري... والفشل ليس بسبب المجتمع ولكن السبب هو في انتهازية من وصلوا للكراسي... النزهاء أن وصلوا كراسي السلطة سوف لا يتقبلون أي معنى من معاني الفساد ... الرشوة فساد ، الإكراميات فساد ، عدم احترام القانون فساد  ، التكاسل والتهرب من الواجبات فساد ، الغش فساد .. لماذا يتحمل الإداريين كل هذا الفساد أن لم يكونوا هم أنفسهم أسوء من ذلك... أنهم يؤسسون الى فساد وانهيار للبنى الأخلاقية للمؤسسات الحكومية... وبتعاملهم مع الفاسدين يبررون ما سيفعلونه من أعمال ومهما جملنا وحسنا أعمالهم فلن نقول عنها ألا أنها صورة من صور الفساد التي لا نتمنى أن تستمر ولا نتمنى أن نراها... أن الحلول والكلام في ذلك هو كلام في دائرة مفرغة. الفساد يبيح المقدسات ويستهلك حياة الإنسان الشريف لمصلحة التدني القيمي والأخلاقي لصالح المرتشين والفاسدين. يستهلك الإنسان البسيط لصالح مافيات العصر الديمقراطي الجديد  لم نرى أي التزام بقانون يحاسب السوء ويمنح المظلوم حقه.. الكذب أصبح السلاح الحكومي ليس في مواجهة أخطار المرحلة وإنما في مواجهة تطلعات الشعب لمحاربة السوء.. كثيرا ما تتبنى المؤسسات الحكومية الأسلوب الكاذب في المخاطبات والتخريجات لكي تمرر ما تشتهي في أي قضية أو مشكلة تواجهها.. كما أن الإدارات العليا في البلد لا تتقبل الصدق الناقد المصحح وإنما تتقبل النفاق والكذب المتبسم والمصفق لها.. كما أن المؤسسة الحكومية مؤمنة بالكذب حتى في مخاطباتها لكي يطابق القوانين المشرعة للسوء وليس لصلاح الدولة والمجتمع .. نقول هذا ولا نرجو من السيئين شيء ولا نتأمل أن يكون هناك خلاصا على أيديهم لكن نقول ما نقول لكي تكون هناك رؤية وجمهرة فكرية تثبت حقيقة مرحلة قد .. يطول سوءها أطول منها.. .... ونتمنى أن لا نتلقى السلبيات فقط والتهجم فقط ولكن نتمنى تلقي برامج التوحد في الرؤى ونتمنى ان نتخلص من الذين كنا نظنهم بمرتبة القدسية .. فالبشر ليس بمقدسون  والصلاح لن يكون ألا بقانون ولا يحترم القانون ألا بقوة ولا قوة وطنية صالحة ألا بتوحد وعصبية وطنية (قدسية وطنية) .. وعصبيتنا الوطنية اليوم تعاني من اغتراب مزدوجي الجنسية ..عصبيتنا الوطنية ظامئة في صحراء الجفاف التي تتوسع على حساب المدنية العراقية وعلى حسب الغد والرفاه ... نسال أين هي العدالة أين الصدق يا ديمقراطية الوهن وخداع البسطاء ... تبا لحكومة لا عدالة اجتماعية فيها تبا لسلاطنة السوء والسرقة تبا للانتهازية التي سرقة شمس حريتنا واغتصبت الديمقراطية ... هل نحن على أبوب الخلاص الحقيقة أم على عتبة السوء الأعظم ونحتاج سنين طوال لنتخلص منه... الديمقراطية لا تعني التصارع الذي يمهد  للتشرذم والانهيار، فتبا لديمقراطية التشرذم التي لا تحترم الإنسان  تبا لديمقراطية تجعل العراق العظيم قزم متخبطا يطلب المساعدة هنا وهناك وتصفعه كل غباءات الشرق والغرب ... قزم يتعثر بأذيال ثوبه المرقع برقع الكذب والتدكتر والسرقة والسوء والفساد والإرهاب... عراقنا ماردا عظيم يرفض التقزم يا أقزام الديمقراطية السوداء...

عراقنا اجتاز أيام مره كثيرة ولازال أمامه الكثير منها لكنه سيجتازها.... سينهض سيمزق ثوب الكذب ثوب الفساد..... لكن هل نحن بحاجة الى حرب نتوحد بعصبيتنا فيها ضد السوء ... ومن هو العدو الذي نتوحد ضده.... فإننا لا نكاد نتفق على صديق ولا على عدو .. تم تناسي الذات العراقية أمام أفكار السوء الوافدة : إرهاب وفساد وطائفية.... لذا فان حربنا أصحبت داخلية حرب الانقسام لذاتنا الجريحة . لكن الغمة ستنكشف وسوف يزول السوء وسنحارب الوثنية التي رسختها الرعونة العربية القذرة بإرهابها الوافد ورسختها سنوات الألم والقهر الدكتاتوري...

سنحارب ذات السوء سنعمل لمصلحة العراق عدونا من ينتهك حرماتنا من يتجاوز على حدودنا وثرواتنا من يشير بأصبعه بسوء للعراق لا نصنفه عدوا فقط  لكن سنقسم بان نقطع أصبعه .... ولن نستسلم ولن نتراجع في ذلك ..هذه ليس دعوة للحرب والتعنصر لكنها دعوه للتضامن دعوة لإيقاف السوء الذي يبدو انه مسلسل حلقاته الم متنوع الفصول يأتينا من خارج الحدود.. عدونا من يتجاوز على المصلحة العراقية والكرامة العراقية ... عدونا من يمنع الماء عنا عدونا من يستثمر مليارات الدولار في تركيا وسوريا لاقامة السدود على دجلة والفرات لمنع الماء عنا عدونا من يتجاوز على حدودنا عدونا من يتطاول ويستغل الظروف لسرقة نفطنا  عدونا من يغرق سوقنا بالمنتجات التي  أفشلت اقتصادنا... عدونا كل الجوار الطامع وعدونا انتم يا ساسة الغدار والغباء يا من لا يهمكم سوى كراسيكم ..  بسماتكم صفراء تقول سحقا للضعفاء .. نحن الآن تحت الصفر ومشاكلنا لا تحل ألا بمشاكل اكبر لكن أمنياتنا كبيرة وطموحاتنا كثيرة.... ستتحقق  مهما طال زمان السوء وعتمة الغباء السياسي...لن نقول قولة الضعفاء سنطرد السوء لا بل سنسحق السوء .. لن نقول نموت ويحيا العراق لكن سنقول نعيش بكرامة وعزة ونعمل ونضحي ليزدهر العراق ... أنها كلمات لكنها املا سيتحقق  ... لنعمل من أجل ذلك لنتوحد  بالعصبية الوطنية العراقية..

 

د.علي عبد داود الزكي [email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1412 الاحد 23/05/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم