أقلام حرة

نموذج إعلام جديد .. بين جسر المد والموت في المهد

من هنا وبالرغم من تجنبي الحديث عن ذلك الشكل الإذاعي الجديد الذي اقوم بتقديمه عبر أثير الإذاعة الفلسطينية "صوت فلسطين"، إلا أنني اليوم بت مضطرا للتطرق لهذه التجربة التي توقف امامها نخبة من أهم الأدباء والمثقفين والكتاب العرب في فلسطين ومصر وسوريا والسعودية، توجيها واشادة ودعما وتشجيعا.

ولان الإنسلاخ من الممكن والمتاح يعد من الاشياء المختلفة ذات المعاني المختلفة، لدى أشخاص مختلفين.. لا يمكن القفز عن وقفة هذه النخبة التي يتصدرها الأديب والشاعر الأستاذ علي الخليلي، خاصة حينما نعلم أن استاذنا الفاضل قد خصص مساحة زاويته "ابجديات" يوم الاثنين 8-6-2009 لتسليط الضوء على هذه التجربة، التي هي برنامج إذاعي يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط الذي يجمع الإعلام الإلكتروني بالمسموع والمقروء في آن واحد وبشكل تفاعلي.. ما دفع الأستاذ "علي " للتوجه ـ دون اغفال وجود برامج إذاعية أخرى جيدة ـ نحو القول: إن هذا الإعلام بالذات، يتحرك بكل طموحه الكبير والواسع، رغم تواضع بيئة العمل.. وعليه جزم استاذنا أنه يعد واحدا من أهم البرامج في إعلامنا الفلسطيني المسموع، وهي شهادة على اهميتها واعتزازي وفخري بها، إلا أنها بحاجة للوقوف على أثرها من قبل صاحب القرار.

هذه المبادرة الفردية التي كتب عنها الشاعر الأستاذ أيمن اللبدي ايضا مقالا بعنوان " المبادرة المقتولة..فن عربي خالص، مطالبا بأن تلقى مثل هكذا مبادرات الدعم اللازم حتى لا تجهض في مهدها.. انطلقت من مبدأ الحكمة القائلة : أنا ما جئت لكي احاكم المذنب، ولكنني جئت لأجد حلا للمشكلة.

فمنذ أن ظهر الإعلام الإلكتروني كوسيلة إعلامية منافسة للإعلام التقليدي، راح العديد من الباحثين والدارسين والمهتمين بشأن الإعلام، باتجاه الفحص والتمحيص هل هو إعلام مواز أم بديل؟؟ بينما ذهب آخرون يفكرون في كيفية استخدام هذا الشكل الإعلامي المتطور.. وبالفعل سارعت وسائل الإعلام التقليدية من مرئي ومسموع ومقروء إلى حجز مساحات له عبر الشبكة التي باتت تجمع العالم في شاشة صغيرة.

وبالرغم أن هؤلاء تعاملوا فقط مع هذا الشكل الإعلامي الجديد، تعامل المتلقي للمنتج وليس المشارك في الإنتاج، بمعنى أنهم القوا بأنفسهم في أحضان هذا الشكل التكنولوجي المتطور بشروطه هو، وليس بشروط هم وضعوها حسب معاييرهم المهنية وسياستهم الإعلامية.

وهنا تأتي التجربة التي ربما لم تكن واضحة المعالم أمام الآخرين، ألا وهي كيفية توظيف هذا الفضاء الإعلامي الجديد لخدمة الإعلام التقليدي وخاصة المسموع منه، لإحداث حراك يقتل الممل والرتابة اللذين باتا سمة العديد من الإعلام التقليدي عامة والإذاعي خاصة، أمام طغيان الفضائيات ومرونة الشبكة العنكبوتية، في سياق نهج سليم ومسؤول ومراقب سلوكيا وأخلاقيا وحضاريا، على حد قول الناقد والشاعر السوري الأستاذ حيان حسن الذي تناول هذه التجربة في دراسة له هدف من ورائها كما كتب يقول الى لفت أنظار المعنيين والدارسين والقائمين المشرفين على الإعلام العربي في كافة أقطارنا العربية.

هذه الفكرة الرائدة كما عنونت الأستاذة القاصة والصحفية المصرية نفيسة عبد الفتاح تقريرها المنشور في صحيفة الأسبوع المصرية الجمعة 22-5-2009، انتجت وعبر العلاقات التي تربط فريق العمل بالعديد من الصحافين والكتاب والمثقفين على امتداد الوطن العربي وخارجه، عملا إذاعيا فريدا من نوعه من حيث فلسفة الإنتاج، إذ يتشكل فريق العمل من إعداد وإخراج وتقديم إذاعي وإلكتروني من مختلف الأقطار العربية، والذي يجتمع أثناء البث ونخبة من المثقفين والكتاب في حوار عربي ثقافي حضاري يجمع الإعلام الإلكتروني بالمسوع وربما المقروء.

هكذا بدأت أصداء هذا البرنامج تنتشر كالنار في الهشيم بين العديد من الكتاب والمثقفين العرب أينما وجدوا على سطح البسيطة، ليتدفق العديد من هؤلاء الزملاء من كل حدب وصوب نحو تلك الشاشة التي وظفناها بشروطنا كي تخدم إعلامنا التقليدي وخاصة المسموع منه.

ما ذكر اعلاه يوضح مدى حاجتنا للنظر مليا في مد جسور الدعم لهذه التجربة إن كنا ننشد التطور والنجاح ـ وأحسب أننا كذلك ـ ولعلنا ندرك جميعا ثمن التناقض.. كأن يتحرك نصفك الأيمن عكس حركة نصفك الأيسر.

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1082  الخميس 18/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم