أقلام حرة

اين وصلت حركة الخضر الايرانية؟

ولم تعد هناك توجهين اسلاميين فقط اي المتشددين (المحافظين) والمعتدلين (الاصلاحيين) وانما اختلطت افكار وفلسفات وعقائد عديدة في بودقة واحدة وما جمعتهم هي الافرازات التي صنعتها الانتخابات الرئاسية ولم تصنعهم جهة معينة وهدف ضيق ما او ايديولوجيا، وما جرى بعد الانتخابات خصبت الارضية اللازمة والعفوية لبناء جبهة متحدة من جميع التوجهات، ولم يبق الاصلاح لوحده ولم تعد المعارضة محصورة بين الكماشات الايديولوجيا الاسلامية، بل اتسعت رقعتها ولم تعد تهتم المعارضة بحبس نفسها في فلسفة وفكر وعقيدة معينة فقط، وادركت ان الوضع السياسي العام والمرحلة والظروف التي تعيشها ايران من الجانب الاقتصادي الثقافي تتطلب من كافة القوى توحيد جهودها ومحاولة عدم تبعثر اي منها والاهتمام بالخطاب السياسي العام وعدم الاهتمام بالتفصيلات، والتركيز على الضغوطات التي تمارس ضدهم جميعا من اجل التغيير والاصلاح حسب المراحل التي يمكن ان ينتقلوا اليها والاهتمام بالاولويات قبل اي شيء اخر.

كلما ابقت المعارضة على جذوة الحركة الاعتراضية موقدة كما هو حالها منذ اشهر كانت فرص الاقتراب من تحقيق الاهداف العامة اكبر، ولكن هذا ما يحتاج الى الصبر والارادة. وما تميز هذه الحركة الواسعة انها تشمل كافة الجهات والتوجهات والمكونات والافكار والعقائد والايديولوجيات، واتفقت عفويا، وما جمعهم هو الكبت والقمع والقهر وكم الافواه واصبحوا حركة شاملة وسموا بالحركة الخضر المتعدد المعنى والمضمون حقا.

هناك اراء ومواقف عدة حول ما يحصل وكل حسب خلفياته، ولكن الاهم هو المتفق عليه جميعا بان المرحلة لا تتحمل اكثر مما سارت عليه ايران الاسلامية خلال هذه السنين الطوال ولابد من الاصلاح والتغيير مهما كانت السبل، وحسب راي الاكثرية ما يفرض نفسه هو ازاحة النظام واحلال البديل بدلا من الترقيع هنا وهناك.

و لكل جهة خطابها وتوجهاتها، اليسار يعتبر ما يحصل هو نابع من نفاذ صبر الجماهير والشعب باجمعه وليس للاصلاحيين اي دور في تاجيجها، بل هم من فرضوا انفسهم على الشعب، ويريدوا ان يقودوا الحركة ليصلوا الى سدة الحكم ومن ثم ينفذوا ما رسموا لها، وينتقدون الاصلاحيين ويشهدون لهم بفترة حكم الخاتمي التي لم تكن افضل من المراحل الاخرى، ولهذا يرفض اليسار اي من الجانبين الاسلاميين المحافظين والاصلاحيين في ادارة الحركة والحكم جملة وتفصيلا، وربما يكون هذا الموقف في هذه المرحلة خطا يجب ان يعدلوا عنها لاسباب تكتيكية . المرحلة تتطلب جهود الجميع ولا يمكن الاستغناء عن اي طرف في مثل هذه الظروف الموجودة في ايران. اما الاصلاحيين فانهم تاكدوا بان العصر الجديد لا يمكن ان يُحكم باليات مرٌ عليها الزمن ولابد من الاصلاحات الجذرية بحيث يمكن التوافق بين النظام الاسلامي المعتدل وما تتطلبه الحداثة والنظام العالمي الجديد والتطورات الكونية، ويكثفون جهودهم على تغيير بنود الدستور، وهم لا يثقون بالمعارضة الخارجية ومتطلباتها ايضا، ولذلك نرى بان هناك ازمة ثقة بين الاطراف كافة .

 على الرغم من ان الاهداف الرئيسية للحركة الاعتراضية سياسية بحتة وتشارك فيها قوى منظمة في احزاب وتيارات علنية كانت ام سرية، الا ان حركة الطلاب والنساء العام لم تاخذ قالبا تنظيميا ايديولوجيا قحا، وهما الاقوى على الساحة الاعتراضية الايرانية في تاريخها وان مالوا لاية جهة في اي تقدم يحصل سيكون النجاح مصيرها في السيطرة على السلطة والحكم، وهما الرقم الصعب في ادارة الاعتراضات والاحتجاجات الجارية، والتي لم تنخمد بعد .

اما المعارضة القومية السرية فانها لم تتخذ موقفا حاسما بعد ولم تنزل الى الساحة بكل جهدها وامكانياتها بعد، وخيرا ما تفعل في هذه المرحلة وتنتظر ما يقع لصالحها وتؤدي دورها في الوقت المناسب، لكي لا تعيد ما حدثت لها اثناء الثورة الاسلامية وما ادت من الادوارالكبرى وضحت بالغالي والنفيس وذهبت ادراج الرياح، وازيحت عن الساحة بالقوة المفرطة بعد تثبيت اركان النظام الاسلامي، وما تحتاجه هذه القوى وخاصة الكوردية هو توعية الشعب الكوردستاني وابلاغهم عن ما هو الاصح والادق من المواقف التي من الواجب الالتزام بها حسب كل مرحلة، والانتظار الحذر خير من المشاركة المضرة بالنفس والحال وما ستؤول اليه الاوضاع وما تتخصب من الارضية تفرض نفسها للتحرك في الوقت المناسب، وهذا هو عين الصواب في العمل السياسي التكتيكي الخادم للاستراتيجية، واختيار الوقت المناسب لاي موقف هو من اهم دواعم واسباب نجاح اية حركة وتاثيراتها على الارض، والتخطيط الجيد سينعكس بالخير ويقلل من التضحيات ويكثر من الانجازات ويقرب الطريق للوصول الى الهدف المنشود.

 المعلوم ان الحركة الاعتراضية الواسعة منذ سنة لم تُخمد بعد على الرغم من امتلاء السجون والزنزانات الكبيرة، وان جمدت او هي من وضعت نفسها في طور السبات المؤقت، وهذا ايضا ما يفيد الحركة مستقبلا، وهي في محاولاتها لتنظيم الذات، وتبحث عن طرق واليات لتجمع كافة الشرائح والطبقات والاعراق والمذاهب وتشارك بهم في الوقت المناسب، ولكن ما يمكن ان تضمن نجاحهم هي فاعلية الطبقة الكادحة والطلاب والنساء، ومن جميع المكونات والفئات، وهي التي تضمن تقدم الحركة وتحصر الحكومة والسلطة الدينية في زاوية حرجة، ولم يبق امامها الا القمع وهذا اخر الوسائل للدفاع عن ركائزها ومصيرها الفشل في النهاية .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1414 الثلاثاء 25/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم