أقلام حرة

لم نلمس الردود الفعل الاقوى ازاء ما تعرضت كوردستان ايران اليه من الجريمة

مصدرا للقمع والقهر والحصار والاستغلال والتعدي على الحقوق والحرق على نار هادئة والغش والتضليل بكل انواع الحيل والخداع، وفي مقدمتها الاغتيالات بكل السبل المتاحة لديها داخل وخارج ايران .

عندما تعرضت خمسة من الشباب المناضلين لابشع انواع الغدر والتعذيب، واخيرا تم تنفيذ حكم الاعدام بهم صباح يوم 9 /5 /2010 على ايدي جلاوزة النظام الايراني، فكانت اربعة منهم من القومية الكوردية وبينهم مناضلة شجاعة مدافعة عن حقوق امتها بكل جراة واثبتت انه لا فرق بينها وبين المناضل في مقارعة العدو والتضحية. عدا السلطة الحاكمة في اقليم كوردستان العراق التي لم تدن هذه الجريمة  البشعة بشكل صريح ولاسباب واعتبارات سياسية كما تدع (و هذه ليست بحجة تذكر)، فجميع الاتجاهات والاحزاب والتيارات التحررية والجماهير الغاضبة في مقدمتهم في كل مكان عبرت عن موقفها الرافض والمدين لهذا الغدر والجريمة التي ترتكبها سلطة الملالي في عصر حقوق الانسان، وهي تتعامل بجنون مع القضايا وفي وقت هي التي  ترزح تحت الضغوطات المختلفة من قبل القوى في العالم، وفي وقت وهي محصورة في زاوية حرجة جراء الاعتراضات المستمرة من حركة الخضرالمحتجة بعد الانتخابات الرئاسية منذ حوالي سنة تقريبا، فانها لم تكف عن ظلمها للشعب الايراني كافة والمتطلعين للحرية والديموقراطية بشكل خاص .

تنفيذ هذه الجريمة البشعة جاءت في وقت اصبحت مفاجئة للجميع وحتى من قبل اهالي ومقربي الضحايا الابطال، واصطدم الراي العام العالمي بهذه الحادثة المثيرة للقلق في القرن الواحد العشرين، ويروا اسوا تعامل من خلال حكم وتنفيذ الاعدام بحق المعارضين السياسيين وطلاب الحرية وحقوق الانسان والشعوب المضطهدة. تغيرت الاوضاع في كوردستان الشرقية بشكل كبير واصطدم الجميع وتحولت البيوت كافة الى مجالس للعزاء على الرغم من منعها على اهاليهم، الا ان ما اثلج قلوب المتابعين للقضية هو التوجه المدني العصري للشعب الكوردستاني من الاحتجاج على هذه الجريمة التي اقترفت بحق الانسانية، وتوحدت الفئات والشرائح كافة واستصرخوا الضمير العالمي بعيدا عن العنف، الا انه للاسف لم يتلقوا اي رد فعل عالمي يوازي حجم الجريمة من قبل اية جهة كانت، وكما هو المعلوم ان لسيطرة المصالح السياسية على المواقف دورها الفعال كما كان حال الكورد في جميع اجزاء كوردستان في التاريخ .

ما لفت النظر في ما اعترى هذه الحادثة وما استوضحت بعدها من الابعاد والمعطيات هو مشاركة الاكثرية المطلقة من الشعب الكوردستاني في المدن الكوردية من كوردستان الشرقية قاطبة في الاحتجاجات والتعبير عن سخطهم، وكل بشكل من الاشكال متحدين الضغوطات والعراقيل والتشدد وحالات الطواريء والانتشار العسكري الكثيف في كل بقعة والمستمر لحد اليوم، وانهم اثبتوا للعالم انهم متوحدون ويفدون بكل ما يملكون من اجل تحقيق اهدافهم، وينتظرون الظروف والفرص السانحة لازاحة الستار عن تعاملهم الصحيح المناسب واندفاعهم لتحقيق استراتيجياتهم في التحرر واتباعهم الديموقراطية والسبل التقدمية للحصول على حقوقهم المشروعة .

و ما اتجهت اليه السلطة الايرانية في تعاملها مع ردود الافعال الداخلية هو تصدير الازمة الى خارج حدودها في هذا الوقت وكل ما عملت هو تفعيل حادثة وتوجيه الانظار اليها لتخفيف الضغوطات الداخلية، وهذا ما اقدمت عليه من اسرها لضابط حرس حدود اقليم كوردستان وخرقها للحدود وقصفها المستمر للقرى والارياف في المناطق الحدودية في اقليم كوردستان لاهداف سياسية بحتة وبحجج واهية.

ما يُسجل بشكل ايجابي للقوى الكوردستانية المعارضة هو تعاملهم الصحيح مع الحادث بعيدا عن التصرفات العاطفية وما تنتج عنها من الامور والافرازات الثانوية غير المطلوبة، على الرغم مما ينتقدون عليه من الضعف في الاثارة والتعبئة وتهيج الشارع واختفاء دورهم الاعلامي، عدا ما تنتقد عليه الصحافة والاعلام الكوردي بشكل عام وبالاخص القنوات الفضائية في اقليم كوردستان العراق سوى التابعة للسلطة او المعارضة، بحيث لم يهتموا بما حدث في كوردستان الشرقية، على الاقل بشكل مماثل لما حدث ازاء الجريمة النكراء لاغتيال الصحفي الشاب سردشت عثمان والتظاهرات والاعتصامات التي رافقتها.

 اما الصحافة والاعلام العالمي ومنها العربي اصموا اذانهم على الرغم من خلافاتهم مع السلطة في ايران وانما ازاء قضية لا تخصهم فيكموا افواهم ويعصبوا اعينهم .

ويجب ان يعلم الجميع ان دماء الشباب المعدومين  المغدورين ليست باقل من اية ضحية اخرى في تاريخنا وكانوا يستحقون ردود الافعال والاعتراضات القوية كي لا تتجرا هذا النظام الراقد على صدور الشعوب الايرانية ان تعيد الجريمة او تفكر ثانية في هذا الاتجاه، ويجب ان تتوقف كثيرا مستقبلا ازاء اية خطوة تنوي اتخاذها في هذا الاتجاه.

كما اعتقد، يجب ان تعلم السلطة في ايران انها ان استغلت المعادلات التي في صالحها في هذه الظروف في المنطقة واقدمت على مثل هذا الفعل، فانها ستتعرض لما هو المناسب  في الوقت المناسب ويجب ان تنتظر الرد المناسب في وقته المناسب ايضا وفي ظروف مغايرة تماما، ويجب ان تتعلم الدرس من الدكتاتوريات التي اطيحت بها فكانت الاقوى منها، وهي  تعاملت ايضا بغرور مع القضية الكوردستانية المحقة .

لذا اننا حقا كنا ننتظر ردود فعل اقوى من القوى العالمية، ولكن المصالح السياسية العالمية خذلت كافة القوى التحررية في العالم ووقفت مكتوفة الايدي ازاء جريمة القرن الواحد والعشرين في الشرق الاوسط. والنقطة الايجابية بعد هذه الحادثة هو تقوية وحدة الصف الكوردستاني   في كوردستان الشرقية .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1415 الاربعاء 26/05/2010)

 

في المثقف اليوم