أقلام حرة

الى الائتلافين والعراقية ..مع التحية

وحين تكون الأمور هكذا تكون بهم حاجة لرأي ليس لصاحبه فيما يتصارعون عليه "ناقة ولا جمل".. ولهم نتقدم بثلاث نصائح.

الأولى: أن يمنح الائتلافان، دولة القانون والائتلاف الوطني، الفرصة لرئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني، وأمر عودته محسوم، بتكليف رئيس الكتلة الفائزه السيد اياد علاوي بتشكيل الحكومة .. فبها يسجل الائتلافان الشيعيّان فضيلة كبيرة في السلوك الديمقراطي، (ولهما في ذلك سابقة عظيمة هي قبول الأمام علي تولّي الخلفاء الثلاثة للسلطة). وبها ايضا يخلقان أجواءا مريحة تمتص الاحتقان وتخفض التوتر لدى الأطراف السياسية والناس الذين يتخوفون من حرب أهلية.فما يميّز العراقيون أنهم ميّالون، سيكولوجيا، لتوقع الشرّ في أوقات الأزمات واستبعاد الخير..لأن ما أصابهم من أحداث جعلهم يفكرون هكذا، ولأن ما يرونه من انشغال السياسيين بلعبة الحكم أكثر من انشغالهم بأحوال البلد والناس يعزز لديهم هذه التوقعات.فضلا عن أنهما يغلقان، بهذا الأجراء، افواه القنوات الفضائية التحريضيه، ويردّان بأسلوب رفيع على اتهامات اقليمية بسعي أشخاص في السلطة (للأستحواذ) على السلطة، ويشيعان الاطمئنان من تخوفات تلّوح بمجيء دكتاتوريات بعد ذهاب دكتاتورية .

وطبيعي أن "العراقية" لن تستطيع تشكيل حكومة شراكة وطنية قوية الا بموافقة الائتلافين الشيعيين.. فان نجحت وأرضتهما فبها، وأن لم تنجح فسيؤول امرها للائتلافين بروح رياضية، وبرضا العراقيين والجيران.. الطيبين منهم والخبثاء.

والفرق بين الاجرائين مؤثر جدا في التعبئة النفسية وتحديد صيغ التعامل البرلماني. فان عمد الائتلافان الشيعيّان الى أن يحولا دون قيام "العراقية" بتشكيل الحكومة، فان البرلمان سيكون معبئا من جلسته الأولى بصراع طائفي وقومي، وسيقول كثيرون (جنك يابو زيد ما غزيت) ويا ليتنا ما انتخبنا.. وان البرلمان الجديد نسخة طبق الأصل من سلفه الذي خذلنا.. فيما الاجراء الثاني الذي يعطي الفرصة للعراقية بتشكيل الحكومة(ولن تستطيع الا بموافقة دولة القانون أو الوطني) سيوفر مناخا نفسيا يشعر فيه المواطن أن رياح التغيير الربيعية في طريقها اليه، ويجّنب الكتل الفائزه قيام كلّ واحدة بتفكيك مكونات الكتلة المنافسه، أوالنخر فيها "كالأرّضه"..وفي هذا تأجيج لروح الكراهية وفرز جديد لاصطفافات طائفية وعشائرية ومناطقية.. تديم بؤس الناس وجزعهم وتعمّق كرههم للسياسة والسياسيين.

والنصيحة الثانية: أن يبادر الثلاثة (الائتلافان والعراقية) في الجلسات البرلمانية الأولى، الى اقرار اجراء بتخفيض رواتبهم وامتيازاتهم، فبه يتقربون من الناس الذين انتخبوهم، ويشعرونهم بالاطمئنان أن الذين أدخلوهم قبة البرلمان سيعملون على خدمتهم..لا أن يعززوا سابقة:يثروا ويولّوا الأدبار بجوازات دبلوماسية بعد أربع سنوات!.

والثالثة:أن يتخذ الائتلافان والعراقية اجراءا برلمانيا حاسما بملاحقة الفاسدين مبتدئين بالرؤوس الكبيرة، والزامهم باعادة أموال العراقيين وتقديمهم للمحاكم.. فهذا الاجراء سيكون وقعه عند الناس أقوى من توفير الكهرباء لهم، لأن القضاء على الفاسدين واعتماد "العين الحمره" في التعامل معهم هو الضمانة لتحقيق مطالب الناس وايفاء الكتل السياسية بوعودها للناخبين..فضلا عن أنه هوية الدولة في تطبيق القانون الذي يعني احترام الانسان بوصفه القيمة التي تميز المجتمعات المتحضرة.

أقول هذا بوصفي عراقيا وسيكولوجست ولست سياسيا. فتاعلوا على أنفسكم وخذوا بنصيحة محبّ له خبرة أربعين عاما، ولا تكونوا كما قال المعري: لقد أسمعت لو ناديت حيا..ولكن لا حياة لمن تنادي.

 

أ.د. قاسم حسين صالح

رئيس الجمعية النفسية العراقية

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1415 الاربعاء 26/05/2010)

 

في المثقف اليوم