أقلام حرة

مابين كوردستان والصحراء الغربية وجنوب السودان

الا اننا نعرج سطحيا على ما يمكن ان نوضحه من تشابه استمرار الظلم وعدم الاعتراف بهم نتيجة المصالح الكبرى لجهات مختلفة ذات صلة، والواضح انهم غُدروا في تاريخهم وتلقوا الضربات واصابهم الكوارث والمآسي جراء ما تعرضوا له من الاحتلال والمداهمات والاجتياحات والاعتقالات المتكررة، وما جرى لهم من الاعتداءات وما عوملوا به من الاجحاف من قبل المتسلطين ولم يحصلوا على جزء بسيط من حقوقهم المشروعة طوال حياتهم ولحد اليوم الذي اعتلت فيه مفاهيم الانسانية وضمان الحقوق الطبيعية للانسان في العيش والسكن بكرامة وعزة نفس وتحقيق الامنيات والاهداف التي يستحقونه بحرية تامة ومن دون اي اعتراض من احد، وهذا دليل على مدى الظلم الذي لحق بهم جميعا طيل تاريخهم الطويل.

كوردستان الاكبر من حيث المساحة وعدد السكان البالغ حوالي 65 مليون نسمة التي تعيش على ارض تبلغ مساحتها حوالي 410الاف كلم مربع المنقسم على اربعة دول مجاورة، ولها تاريخ طويل ومرير وتحاول منذ عقود تقرير مصير ابنائها دون جدوى لاسبابه المعلومة وما تمنعه مصالح الدول المنقسمة عليها عدى ما تشتهيه الدول الكبرى وما تحملها من العلاقات مع هذه الدول.

جنوب السودان ذات عدد السكان البالغ حوالي8,5 مليون نسمة تعيش على ارض مساحتها حوالي 600الف كلم مربع وله تاريخ ماساوي ومخضب بالدم ايضا كما هو حال كوردستان والصحراء الغربية، وربما يقترب من تحقيق اهدافه نظرا للظروف الموآتية له بعض الشيء بعد الاستفتاء المقرر ان يجري لابناء شعبه في تقرير مصيرهم في الانفصال او البقاء ضمن السودان في العام القادم .

اما الصحراء الغربية ذات المساحة حواليي 266الف كلم مربع وعدد السكان البالغ حوالي نصف مليون، فانها مشابهة لحد كبير للمنطقتين الاخريتين من جوانب عدة وبالاخص عملية تعريبها منذ القرن الثامن ووصول الهجرات العربية من شبه الجزيرة العربية اليها والتي غيرت من ديموغرافيتها وتركيبتها ووضعها الاجتماعي كما هو حال الكثير من مناطق كوردستان، وكما هو حال محاولات السودان المستمرة في هذا الجانب لجنوبها حتى اليوم، الجانب الايجابي في تاريخ الصحراء الغربية انها اعلنت استقلالها في 27 شباط 1976 واسست الجمهورية الصحراوية الديموقراطية واصبحت عضوا كاملا في منظمة الوحدة الافريقية رغم تراجع البعض عن اعترافهم لها مؤخرا، ولهم الخصائص المميزة والتي توصلهم لتحقيق مصيرهم النهائي متى ما كان .

لو فكر احد في القوميات التي تعيش في المناطق الثلاث التي ذكرت وما يتميزون به من الصفات والخصائص والسمات التي تفرقهم عن الاخرين وعن المحتلين، ولو حلل تاريخهم وتواصلهم ومن ثم التغيير الحاصل في بنيتهم وكيانهم جراء التدخلات الاخرين في شؤونهم وفرض سيطرتهم عليهم بالقوة الغاشمة وحسب كل مرحلة، سيفكر جليا في الوضع العام المقاوم لكل محاولات التغيير للمنطقة والتعاملات التي تجريها كل جهة للاخر، ومن ثم ان تواصل في ان يقيٌم بشكل محايد ما يجري في كافة بقاع منطقة الشرق الاوسط والمغرب وما فيها من القضايا العالقة سوى كانت ما تتعلق بالقومية الكوردية او الامازيغية او( الدينكا والنوير والاشولي والجور والباريا واللاتوكا) الجنوب السوداني وما يجري في اسرائيل وفلسطين سيقف طويلا قبل ان يحكم على اي طرف بالتعدي والاحتلال، وان قارننا الظالم والمظلوم من كان واينما كان، فاننا لو عممنا،سنرى ان العقلية التي تدير الصراعات هي نفسها في كافة المناطق، ولم نجد الذي يعتبر نفسه مغبونا ومحتلا الا لو سمحت له ظروفه وقوته وهو يحتل الاخر ويظلمه كما يحدث في هذه المناطق من قبل المسيطرين باسم الدين، وتعتبر القومية المسيطرة نفسها مظلوما ومحتلا من قبل اسرائيل،كما تفعل بنفسها الاعمال التي تجري على قدم وساق في تلك المناطق المذكورة . فهل يمكننا ان نلوم الاخر على افعاله وننهي ما يصر عليه وناتي نحن بانفسنا بمثله في مكان اخر !!.

اذن القضايا الشائكة المتعددة في هذه المنطقة شبيهة لبعضها وطالما بقت على حالها ولم يحقق المظلوم اهدافه ولم يُرفع عنه الحيف مهما كانت المصالح فلم نجد منطقة امنة ومستقرة . فالازدواجية في العمل والتعامل مع القضايا والكيل بمكيالين لا ينفع اية جهة ولم يخدم الانسانية برمتها وسيُبقي على المشاكل كما هي كعقدة شائكة بعيدة عن الحل.

اذن كما نحن متاكدون من الحل  وهو واحد للقضايا المتشابهة، فلا يمكن ان يقر شعب مصيره وينتظر الاخر لاخر الدهر وهو يتلقى الضربات الموجعة من الجهة التي تتلقى بنفسها الالم من ما تعتبره المحتل وما تعتبره غدرا من جهة اخرى.

الانسانية والافكار والنظرات العصرية الحداثوية تفرض على الجميع الا يفرقوا بين الانسان واخيه سوى كان امازيغيا او كورديا او عربيا او عبريا او قبطيا اومن اية قومية او عرق اخر كان، فلم تبق مبررات ايديولوجية او دينية او مذهبية تسمح للاعتداء على الاخر باسم وفكر واعتقاد مختلف، ولم يبق الا ان ندعو جميع الشعوب المظلومة في تاريخها الا الى الاعتدال والاعتماد على المباديء الانسانية السامية والتعاون والاتحاد والتجمع حول المباديء الانسانية المشتركة لتحقيق الاهداف المشتركة وفي مقدمتها حق تقرير المصير الذي هو من الاولويات للشعوب المغدورة في المناطق والدول الثلاث، والمرحلة لا تسمح للاخرين بالاستمرار في غدرهم وتباكيهم على تحقيق وفرض عقائد وافكار ضيقة الافق وعنصرية المنطلق من اجل بقاء ظلمهم.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1417 الجمعة 04/06/2010)

 

في المثقف اليوم