أقلام حرة

العالم بين ملحمة غزة وخسة العرب وعولمة المقاومة

 أكثرجرأة ونزاهة و تطرفا وغلوا في توصيف المغامرة الإسرائيلية القذرة على الباخرة التركية - (الذي تم التخطيط لضربها بانتقائية ممنهجة لأسباب ستتوضح أكثر على المدى القريب)-، بألفاظ تذكرأجيال أوروبيي مابعد الحرب العالمية الثانية،  بتلك التوصيفات التي كانت تطلق على ألمانيا النازية في فترة المقاومة في الأربعينات مثل الفاشية والبربرية والهمجية، التي حرك لاشعورها الجمعي، الرئيس التركي أردوغان، عبرالخطابات المجلجلة المعبرة والمؤثرةب فتوته الشرقية البلدية، وكأنه خرج لتوه من لوحة فنية لأحد أبطال التراث الشعبي-حسب تعبير فنان تشكيلي فرنسي- بكارزميته وعفويته وصرامته ومصداقيتة ورنة التحدي الحارة في نبرات صوته الصادقة، وخلو ألفاظه من التبجح والديماغوجية والإدعاء المعهودة في الخطابات السياسية....ذلك  الموقف التركي الذي سجل إشارات ومؤشرات لدى متخصصي الأنثروبولوجيا السياسية،  منعرجا فجائيا في المنحنيات المستقبلية للذهنيات والعقليات الغربية تجاه الثوابث الفكرية والسياسية الغربية حول علاقات: (شرق-غرب) و(إسلام - غرب) ودفع المتخصصين في  المجالات العسكرية و(الجيوبوليتيك) وعلوم الاستشراق والإسلاميات، والمنشغلين بمستقبل إسرائيل الوجودي- الذي لن يستمر أكثر من عشرة سنوات حسب تقديرات خبراء المخابرات الامريكية نفسها-  مما  يفسر التعجيل-نظريا- باحتمالات الحرب الكونية القادمة، التي هي مطلب حيوي إسرائلي أساسي في  أن تكون أولا تكون  حيث أن حالة الإرتعاب التي خلقها الكيان الصهيوني ، لخصها محلل سياسي فرنسي  بقوله:  تعودت إسرائيل على قتل العرب منذ حوالي قرن بدون أي عقاب، أوردع من المجتمع الدولي، واليوم  يقتلون الأتراك والأوروبيين،  فمن  هم الضحايا الآخرون  المقبلون غدا في هذا العالم، فتكون إسرائيل بهذا قد خلقت-سوسيولوجيا - جيلا غربيا  جديدا ولدته  بالتتالي :حروب الإبادة على  لبنان عام 2006ومحرقة غزة عام 2008ومجزرة أسطول عام2010 

 

 وتأتي صرخة الكاتب والمحلل والمفكرالكبيرالبرازيلي إسكوبار في مقاله المعنون نحن اليوم كلنا  غزيون ، الذي تساءل فيه عن ماذا كان سيحدث  للعالم المتحضر  و للمجتمع الدولي لوأن إيران هاجمت بكوماندوس إيراني باخرة متعددة الجنسيات في المياه الدولية؟ فالأكيد أن الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة الأوروبية وإسرائيل لن يتوانواعن القيام بحملة عسكرية  فورية ضد إيران على غرار الصدمة والترهيب بدون الرجوع الى المجتمع الدولي أو منظماته، بينما رفضت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا –رسميا- عدم إدانة الكيان الصهيوني

 

وهذا يجرنا، إلى محاولة اكتناه معاني تلك المجزرة الانتقائية على الباخرة التركية ودوافعها الحينية،  والأهداف المتوخاة من ورائها على المدىالبعيد، شريطة إستبعاد الطرح القائل بغباء إسرائيل أو ارتجالية الهجمة،  لأن العدو الصهيوني،  لاولن يتحرك من فراغ ، وعلينا ألا تحجبنا الإنفعاليات الفورية عن التنقيب عن المستور،  فلربما  ما خفي  أعظم

 

وفي انتظار الخبراليقين،  فإن العالم بأسره الذي كان مضللا يستفيق على ما يلي:

أن البشرية كلها تكتشف اليوم أنها  كانت رهينة للمشاريع الاسرائليلو-امريكية لعقود من الزمن-

 -وأن العالم أضحى لقمة سهلة وطيعة لمرمى كل الهسترات اللا محدودة للساديات الصهيونية، كما وضح ذلك جيداالمحاضرالأمريكي والمحلل والكاتب الأمريكي المعروف نورمان غاري فينكلشتاين Norman Gary Finkelstien  في مداخلة تلفزيونية تحليليةله معنونة ب الفعلة الجنونية  الذي يقول فيها: بأن الرسالة الوحيدة التي تريد إسرائيل إرسالها الى المجتمع الدولي هي:

 

-انذارللعالم كله وخاصة ما يسمى ب العالم الحر بأنها  خارج السيطرة وأنها ستظل مطلوبة ومرغوبة ومدللة ومدلعة،  ولن تكون أبدا طالبة وراغبة(منتهى التدلل، فانظر !(وعلينا-يضيف  نورمان -أن نفكر مليا في الأسباب والدوافع الحقيقية والخفية لهذه الفعلة الهوجاء، وسرهذا التحلل الإسرائيلي  من كل الالتزامات  الأخلاقية المتعارف عليها، سواء في السلم أو في الحرب

 

وبناء على تحليل نورمان يمكننا إستشفاف ما يلي:

أن الكيان الصهيوني يريد إرسال رموز مشفرة  لسادات أوباما الذين هم  وراء الستار، والمتخذين الفعليين للقرار، بأن إسرائيل هي  مشارك أساسي  في اقتسام كعكعة العالم،  ولن ترضى من الغنيمة  بالفرجة،  أوالإكتفاء بالقيام بدور الشرطي الغبي وكلب الحراسة  الغربي الوفي

 

-تذكيرأوباما وتقزيمه الى حجمه الطبيعي كخادم مأجورلم يؤت به من غياهيب المجهول ومساعدته في تلبية رغباته النرجسية في أن يدخل التاريخ العالمي ، والتاريخ الأمريكي خاصة،  بانه الأسود الأول-وربما الأخير-في البيت الأبيض، وأن  نجاح إعادة انتخابه مشروطة  بتنفيذ أولويات إسرائيل ووصايا ناتانياهو

-إنذارالحكومات الأوروبية ، وترهيب حكام عرب المنطقة بالإذعان والرضوخ ، لأن قرارإشعال الحرب الكونية القادمة أوعدمها معقود على الإرادة الإسرائيلية وليس سادات البيت الأبيض

 -أن العالم أصبح فيعرف الكيان الصهيوني مزبلته، والساحة الخصوصية لممارسة تعالي عرقيته وخرافة صفائها، وإثبات وثوقية تفوقية أكذوبات خرافات سجع كهانه الداعية إلى الإبادات المقدسة للأغيار

-أن العالم كله قد أضحى مرمىً للأطماع والأهداف المشتركة للمشاريع (التلمودية – البروتستانية - الماسونية) بعد أن تقررالإنتقال من من المجابهة الغيرالمعلنة بين الشرق والغرب قبيل حرب الخليج الأولى، حيث بدأت التوليفة الجديدة العجيبة: (إسرائيل-أمريكا –دول الإعتدال العربية) ترى في إيران وتركيا المصدرين الأساسيين للإضطرابات واللاستقرار المهددة للأنظومة الغربية الجديدةالهشة، و التهديد الفعلي لما يسمى بحكومة العالم الجديد المقبلة، التي ترتبط أهدافها الإبليسية،  باليهودية العالمية  المعاصرة، حيث تقررمؤخرا، أن تكون العاصمة الأبدية للحكومة العالمية الجديدة هي: (القدس) كما صرح مؤخرا-على قناة فرنسية معروفة- في شهر مارس :اليهودي العلماني  جاك أتالي المستشارالأسيق لفرانسوا ميتيران والمستشار الأقرب للرئيس الفرنسي الحالي ساركوزي .وهذا هو الجانب الخفي والمستورللهسترة الصهيونية الحالية، والجموح المرضي السادي لحكومة ناتانياهو،  مع التواطؤ السافرلأوباما، بالممارسات التمظهرية المسرحية الهزلية الخلافية،

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1418 السبت 05/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم