أقلام حرة

المرتكزات الاساسية العامة لتشخيص هوية اي بلد

سوى كان ايديولوجيا او ضمن مساحة فكر معينة، ولا يمكن ان تكون هذه العوامل المحددة ملك لاحد او خاص بجهة او حزب او تيار يفعل ما يشاء بها او يغير من جوهرها او مضمونها وفق عقليته وهواه او مصلحته.

هناك اعمدة رئيسية متعددة لاسناد اي بلد وهي التي تثبت اركانه وتبرز من معالمه وملامحه وتوضح مكامنه وتركيبته وانتمائاته وتحدد موقعه من كافة النواحي ، وهي المستندات التي تعتبر الاهم والاوسع والاكبر من اي مشروع سياسي او فكري لاية جهة كانت مهما بلغت شموليته وسعته . ولا يمكن ان يختص اي كان سوى كان شخصية عامة او مؤسسة او حزب او تيار فكري في تحديد وتنفيذ هذا المهام الذي من شان المجتمع والتاريخ والجغرافيا والطبيعة والتركيبة الاجتماعية وموروثات الشعب ان تهتم بها، اي بتوضيح شكل وصورة واركان الهوية الحقيقية لاي مجتمع والبلد الذي يعيش فيه ، ولا يمكن اختزاله بيد مجموعة او حزب او تيار معين، ولذلك، لا يمكننا ان نستمع الى من تريد فرض ما تمليه عليه مصالحه وهو يريد ان يختص في تشخيص هوية البلد بعرضها وطولها باي شكل كان ، وما تفرضه عليه الصراعات السياسية من التطرف في هذا الجانب والانحراف لاهدافه الحزبية وبدوافع متعددة لن يطول ولا ينفعه، وستبقى اقوال واراء ومواقف اي كان لا تخرج من مساحة واطار الايديولوجيا وعقيدة حزبية ليس الا.

تختلف الهوية من بلد لاخر طبعا وحسب اختلافات تلك العوامل ونسبة الجهات العرقية والدينية والمذهبية والمستوى الثقافي والتاريخ والروابط الاجتماعية والعادات والتقاليد ومدى تمسك اي مكون بالمعتقدات ونظراتهم الى خصوصياتهم بعيدا عن عموميات اليلد واختلافاتهم مع الاخرين، وما ينتجه الوعي العام لمكونات شعبه من العوامل المشتركة وهذا يخص بلدان الشرق في اكثر الاحيان، وانما يصح في الغرب من هذه الناحية مختلفة تماما ولا يمكن ان نقيس المحددات الخاصة بالهوية لجميع البلدان بمقياس واحد . وعندما تبرز الهوية بشكل واضح عفويا ومستندا على ماموجود على الارض دون ضغوطات او اعتبارات لمصالح جهة دون اخرى سيعترف الجميع باسترضاء كامل بها ويشارك في اعلائها ويتمسك بانتمائه اليه دون اي ضغوط تذكر .

و الهوية التي تعكس التركيب والشكل والصورة الحقيقية لجميع مكونات المجتمع دون استثناء ونابعة من تاريخه وروابطه الاجتماعية ستترسخ بسهولة ويؤمن الجميع بها، ويتكامل البلد وهو حامل الهوية المعينة والمبنية على الحقائق ويتعامل معه الجميع وفق خصوصيات هويته.

العراق اليوم وبعد تاريخ مرير، انزاح عنه الغبار واستوضحت صورته للعيان بشكل كامل وما كان مختفيا طيل العقود الماضية جراء ما تطلبته المصالح السياسية، برز اليوم وطفح الى السطح وتبين الواقع الحقيقي وجوهر التركيبة الاساسية له بشكل جلي، وهنا ان حاول احد بدافع انتمائه الايديولوجي والفكري ان يذرف دموعا على مجريات الامور ويريد بذر الرماد في العيون ان يضلل العالم كي لا يروا ما هو عليه العراق ، لن يصمد كثيرا ولن يتمكن من ادامة نصب الموانع امام كشف الحقلئق التاريخية والتركيبة الاجتماعية والسمات العامة والاختلافات الموجودة بين مكونات المجتمع العراقي من جميع الحوانب، وهي التي تُنصع الهوية وتبرز جوهر اي بلد وتبرز هويته لعالم في العصر الحديث.

حاولت جهات متعددة، وتحاول اليوم بطريقة مغايرة، ان تفرض نفسها وتدعي ما لا يمكن ان يُصدٌق ويتتبر نفسها صاحبة الموقف الصحيح ولكنها لا تتحمل الحقيقة المرة ان انكشفت له، وتريد يتضليلها ان تضع السواتر امام عيون العالم، وتستخدم الفاظ وعناوين لا يمكن ان نصفها الا بانها ايديولوجيات مقولَبة وفي مساحات ضيقة قد مر عليها الزمن ولا يمكن ان تبقى نافذة المفعول لهذه المرحلة.

ما روجت وطرحت الى الاسواق السياسية في الحملات الانتخابية العراقية قد افادت بعض الجهات لاسباب سياسية معينة، الا ان الواقع والعوامل التاريخية المحددة للهوية والمجتمع بكل ما فيه لن يرضخ مرة اخرى لمتطلبات المصلحيين من خارج البلد والموالين لهم في محاولاتهم لقلب الحقائق وادامة ما سار عليه المتسلطين طيل العقود الماضية لحكم العراق.

العراق الجديد يسير بخطى واثقة في هذا الاتجاه وبترسيخ الديموقراطية في ظل الحرية النسبية المتجسدةو التي تتوسع يوما بعد اخر، سيخلف ورائه العقليات والايديولوجيات والافكار القديمة النافذة المفعول، ولا يمكن ان يحكم العراق فكر وتوجيه وعقلية احادية النظرة وبوجه الخصوص من يسيطر عليه موروثات العقود الماضية المترسبة لحد اليوم، وعليه ان يربت على عقليته ليصحوا ويقرا الواقع الجديد وما استجد وما استوضحت من الحقائق التي لم يكن يعرفها من قبل لكي لا يتخلف عن القافلة . والهوية العراقية برزت اجزاء كثيرة منها واستقلت ولا يمكن ان تغطيها العقد الفكرية البالية، وهي متنوعة الشكل والتركيب وتحوي في طياتها على التعريف الكامل والواضح والحقيقي لمكونات الشعب بكل فئاتهم .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1420 الاثنين 07/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم