أقلام حرة

أربعة أشهر دستورية لعبور النفق !

جلسة لمجلس النواب الجديد والتي يجب أن تتم خلال خمسة عشر يوماً من تأريخ المصادقة في الأول من حزيران الجاري حيث مضى منها سبعة أيام وهي فترة ملزمة لايجوز تمديدها بموجب الدستور، بموجب المادة 54.

 

 سيتم خلال تلك الجلسة، والتي سيتولى رئاستها أكبر الفائزين عمراً، أنتخاب رئيس مجلس النواب ونائب أول ونائب ثاني له وبالأغلبية المطلقة،  ونكاد نجزم أن تلك الجلسة ستكون مفتوحة لحين استنفاذ كامل الفترة المقرر دستورياً والبالغة خمسة عشر يوماً من تأريخ أنعقاد الجلسة الأولى ، لكون صفقة الرئاسات الثلاثة التي يجري العمل حثيثاً على أنضاجها لم تكتمل لغاية الآن وهذا بدوره سيكون أول تأثير سلبي ومباشر على الفترة الزمنية الدستورية اللازمة لتشكيل الحكومة .

 

يقوم مجلس النواب  بأنتخاب رئيساً للجمهورية من بين المرشحين وبأغلبية ثلثي الأصوات (المادة 70 – أولاً)، وإذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلوبة يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات، ويعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الأقتراع الثاني (المادة 70 ـ ثانياً )، وخلال ثلاثون يوماً  من تأريخ أنعقاد أول جلسة لمجلس النواب، (المادة 72- ثانياً – ب)، وهذا الموضوع مرهوناً أيضا بصفقة الرئآسات الثلاث آنفة الذكر. حيث سيكون هناك تداخل في فترتي أنتخاب رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية في الفترة الزمنية الدستورية المحددة لكيلهما  .

 

عند أنتخاب رئيس الجمهورية يقوم الأخير بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء وخلال خمسة عشر يوماً من تأريخ أنتخابه (المادة 76 ـ أولاً) . ولكون المحكمة الأتحادية لم تعط تفسيراً يبعد الغموض ويرفع اللبس في المادة أعلاه فنعتقد أن الأمر سيؤول الى الكتلة العراقية لتشكيل الحكومة وخلال مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تأريخ التكليف (المادة 76 ـ ثانياً)، ولغاية الفترات أعلاه فلدى الكتلة العراقية ما يقارب الشهرين من العمل الجاد في تشكيل الحكومة وهذا معناه أن الجهود ستتركز على أتباعها أقصى درجات المرونة السياسية والحكمة وبعيداً عن العناد السياسي لكسب ثقة الائتلافات الشريكة، على العراقية أن تبدأ منذ الآن في محو صورة ذلك التعنت والذي تابعناه إعلامياً من خلال ناطقيها ومتحدثيها الرسميين .. شهران فقط تكون فيها القائمة العراقية على المحك وقد تقدم تنازلات كبيرة لها ثقلها الكبير على السياسة المتبعة داخل القائمة في سبيل نجاحها في تشكيل الحكومة وبخلاف ذلك كله فأن الفشل مصير كل ما بنته خلال الفترة الماضية ومنذ أنتخابات السابع من آذار وقبلها .

 

يكلف رئيس الجمهورية مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء وخلال خمسة عشر يوماً، المادة 76 – ثالثاً، وهناك غموض آخر يكتنف تلك المادة وهو : هل سيقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح آخر من ذات القائمة المشار إليها في المادة أولاً؟ أم مرشح أخر من قائمة آخرى؟ وهل يشترط في القائمة الأخرى أن تكون فائزة بأكبر عدد من المقاعد أم يترك الموضوع لأجتهادات رئيس الجمهورية بذلك ؟ وتلك التفاصيل المهمة لم يحددها الدستور .

 

عندها يقوم المرشح بعرض أسماء وزارته ومنهاجه الوزاري على مجلس النواب، حيث يعد حائزاً ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة . المادة 76 – رابعاً، وفي حالة فشل المرشح الثاني في تشكيل الحكومة، يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح آخر، وهنا تبرز ذات الأشكالية في الفقرة ثانياً آنفة الذكر، بتشكيل الوزارة وخلال خمسة عشر يوماً، في حالة عدم نيل الوزارة الثقة في الفقرة رابعاً، المادة 76 – خامساً .

 

وهنا توقف الدستور عن الحديث عن المادة القانونية التي ستحكم الوضع الدستوري في العراق بعد الفترة الزمنية اللازمة لعبور النفق المظلم والممتدة من تأريخ المصادقة على نتائج الأنتخابات في 1 / 6 / 2010 ولغاية آخر تكليف يتم بموجب المادة 76 – خامساً .

 

قد لا تسير الأمور طبيعية بعد ذلك التأريخ والذي يعتبر مصيرياً لأغلب العراقيين الذين بات صبرهم ينفذ من تصرفات ساستهم .. أربعة أشهر من الأنتظار الذي يشوبه الحذر والخوف لما يسببه ذلك الفراغ الدستوري من مصاعب تضاف الى سلة الصبر العراقي الكبيرة بانتظار ذلك اليوم الموعود وهي فترة تضاف الى الفترة التي أمتدت منذ 7 / 3 / 2010 موعد الأنتخابات ولغاية 1 / 6 / 2010 موعد المصادقة على نتائجها، وهي تقارب الثلاثة أشهر على أمل أن تزهر الأصابع البنفسجية عن حكومة وطنية تضع في حساباتها الكثير من الملفات الداخلية والخارجية المعلقة والمغلقة  وأن تقوم تلك الحكومة بوضع يدها على الجرح العراقي الغائر لتكون بلسماً له وتجمع شتات وطن ضاع وسط عالم من التناقضات السياسية المبهمة .

 

هناك ضبابية كثيفة تكتنف مجريات العملية السياسية الديمقراطية بعد أستنفاذ الوضع الدستوري بموجب المادة 76 ـ خامساً، حيث ستكون هناك العديد من السيناريوهات السياسية أحلاها مرّاً، منها :

1-   الأحتكام الى المحكمة الأتحادية كونها المرجعية القانونية في العراق والمكلفة بموجب المادة 93 – ثالثاً ، في الفصل في القضايا المتنازع عليها، وقد يكون لها قراراً بأستمرار المسلسل الدستوري للنهاية حتى تشكيل الحكومة  .

2-   إستقالة رئيس الجمهورية المنتخب بموجب المادة (المادة 70 – أولاً ) من الدستور، بموجب تقديمه أستقالة تحريرية الى رئيس مجلس النواب، وتُعد نافذة بعد مضي سبعة أيام على تأريخ إيداعها لدى مجلس النواب، المادة 75 – أولاً، على أن يقوم مجلس النواب بأنتخاب رئيس جديد وخلال ثلاثون يوماً من تأريخ خلو المنصب .

3-   قيام ثلثي أعضاء مجلس النواب بقرار شجاع، كأبغض الحلال، بتقديم طلب لحَل مجلس النواب المنتخب وبموافقة رئيس الجمهورية، المادة 64-أولاً، عند ذاك يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى أنتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاه ستون يوماً من تأريخ الحل، عند ذلك يواصل مجلس الوزراء المنتهية ولايته تصريف الأمور اليومية للبلاد .

4-   يقوم رئيس الجمهورية بشغل منصب رئيس الوزراء بسبب أنتهاء كافة الفترات الدستورية

 المقررة، ولخلو المنصب بموجب المادة 81 – ثانياً، حيث لم تحدد المادة أسباباً لخلو المنصب أو حتى سببه، حيث يقوم بتكليف مرشح آخر لتشكيل الوزارة وخلال مدة لا تزيد على خمسة عشر يوماً ووفقاً لأحكام المادة 76 من الدستور .

5-   في ظل كل التكهنات أعلاه قد تبرز قوة لها القابلية على الاستحواذ على السلطة بقوة السلاح، بذلك لن يكون هناك تداول سلمي للسلطة في العراق وتنتقل السلطة عن طريق تنفيذ عمليات أغتيال سريعة لبعض الساسة المتنفذين وإحكام السيطرة على الشارع وإعلان حضر التجول، وهذا محتمل جداً وسيتم بدعم لوجستي من بعض دول الجوار التي تمتلك حضور لا باس بها على الساحة العراقية متمثلاً ببعض أعضاء مجلس النواب المنتخب .. قد يكون هذا الحديث خطر بعض الشيء ولكنه لا يتعدى كونه أحتمالاً علينا أن نحذر منه بجديدة حفاظاً على أرواح أبناء شعبنا.. فالعملية السياسية بوجهها الديمقراطي البراق طالماً أخفت في سرها خطر محدق على مثال الدايني وغيره ولا يغرنا الساسة عندما يخرجون من موائدهم وهم يضحكون ويبتسمون ويتصافحون حتى ليتراءى لنا أننا أمام أروع أخوة في العالم وهم في حقيقتهم كقابيل وهابيل ! فسيوف الغدر مشرعة دائماً في وطن بثراء العراق .

 

 اغلب الفقرات أعلاه لا تضرب للخير أطناباً في وطننا، فالشعب يرزح سبعة ملايين منه تحت خط الفقر وملايين بلا مأوى كريم لأعراضهم وملايين الأرامل والأيتام ومئآت الآلاف ممن نهشت لحومهم أنواع المسرطنات وملايين يجوبون العالم بحثاً عن وطن بعد أن أضاعوا وطنهم، وطفولة منكوبة وجريمة منظمة هدفها السطو على دم الشعب قبل قوته والحامي حرامي والذئب أستطاب لحم الخراف.. الأنتظار صعب جداً .. وسنعود من جديد لنسأل، عسى أن لايغيب هذا السؤال عن عقولنا ساعة، هل أخطئنا الأختيار؟

 

زاهر الزبيدي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1426 الاحد 13/06/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم