أقلام حرة

الديمقراطية بين زيف الادعاء وحقيقة الانتماء

المنافي إلى العراق أملا بالزعامة وخلافة صدام حسين على كرسي الحكم في العراق وطمعا في الاستحواذ على عوائده النفطية

منذ ذلك الحين والحديث عن الديمقراطية والأيمان بها وتبنيها كمنهج ثابت في العمل السياسي والحياة الاجتماعية يتواصل يوميا في العراق وعلى مدار الساعة من منابر إلاعلام الحزبية والعشائرية والدينية ، وحتى السلفية التي ترى إن الحاكم مسلط من الله على الناس والخروج عن طاعته إنما هو كفر وخروج عن طاعة الله  يوجب القتل بحد السيف

ولازال هذا الماراثون الديمقراطي يتواصل كل يوم ويعلو صراخا يشق عنان السماء من قبل أعداء الديمقراطية وأنصارها معا ويتحول بعد ذلك إلى مزايدات وزعيق يصم أذان المشرق والمغرب ويصيب الفرد العراقي بذهول وخيبة أمل  يحول حلمه الموعود بفردوس الديمقراطية التي انتظرها طويلا إلى كراهية ورفض لها وذلك لفرط ما أصابه من بلاء على يد أدعياء الديمقراطية  الذين رغم صراخهم الديمقراطي الكاذب أوغلوا وبشكل مفرط في التجاوز على حق الفرد العراقي  في اختيار نمط وشكل الحياة التي يرغبها والمظهر الذي يود الظهور به وتقنين مميت لكل ممارسات الناس اليومية من خلال محاصرتهم بحزمة حديدية من التعاليم الدينية تسببت في امتهان كرامة الناس وإلغاء كل رغباتهم المشروعة بشكل لم يشهد له العراق مثيلا من قبل حتى في ضل اعتى أنظمة الحكم دكتاتورية في العالم  إلا اللهم نظام طالبان

وحتى نملك تصورا واضحا عن حالة الكبت الاجتماعي المفرط الذي تعيشة اليوم مدن العراق يمكن الإشارة إلى إن هذه المدن وعلى مدى السنوات التي أعقبت الإطاحة لم يتمكن احد فيها من الاحتفال بأي مناسبة عائلية مهما كانت  (زواج ، ختان ، تخرج ، مولود جديد لخ ) إلا من خلال رفع صور أدعياء الديمقراطية والهتافات والأهازيج التي تمجدهم وتتغنى بفضلهم على الناس أما الاحتفال بغير هذه الطريقة لا شك سيعرض صاحب المناسبة إلى مشاكل جدية ليس لهُ قِبلٌ بها أبدا

وهذه الظاهرة لا زالت سائدة ومستحكمة في كل محافظات الجنوب والفرات الأوسط والكثير من أحياء بغداد رغم الانفراج النسبي الذي حصل بعد العمليات الأمنية الأخيرة فيها

هذا فضلا عن الخوض في مجال حق هذا الفرد في الانتماء لفكري والديني و(الطائفي ألاثني) الذي أصبح موجبا للقتل على يد كل أدعياء الديمقراطية في عراق اليوم على اختلاف توجهاتهم المذهبية واصطفافاتهم الحزبية

وليس غريبا في عراق اليوم إن يمارس أدعياء الديمقراطية كل أشكال التجاوز والتضييق على الحريات العامة بواسطة ما لديهم من ميليشيات مسلحة سرية أو علنية      

وليس غريبا أن تقوم المليشيات السرية باختراق المليشيات العلنية والعكس صحيح أيضا وان وتمارس كل واحدة منها باسم الأخرى كل أشكال التعسف والظلم  ضد الحريات العامة وتقوم بإعمال القتل والترهيب ضد النساء والشباب الرافضين المحاولات فرض الانكفاء الاجتماعي عليهم بالقهر والإجبار

 وأيضا ما من غرابة في أن يطالعنا هؤلاء الأدعياء من خلال جلسات الاعلام  بحقيقة توجهاتهم  الرافضة للديمقراطية برغم كونها السبيل لوحيد الذي سلكوه إلى قبة البرلمان ومكاتب الوزارات 

إن الفوضى التي خلقتها ضروف الإطاحة بنظام البعث جعلت العراق بلدا تنسجم فيه المتناقضات مع بعضها دون تعارض       

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1428 الثلاثاء 15/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم