أقلام حرة

ميرسر مرة اخرى !

فقد نشرت جريدة الصباح الغراء في أحد أعدادها لقاءاً مع كادر أمانة العاصمة والحديث هنا بالذات على تصريح السيد حكيم عبد الزهرة المتحدث الرسمي بأمانة بغداد والذي قلل فيه من أهمية التقرير وأكد أن بغداد تتفوق على العديد من العواصم والمدن العربية والأسلامية ؟ أقول : نعم تفوقت بغداد على العديد من العواصم العربية مثل مقديشو من الصومال وإسلامياً مثل بعض بلدان أفريقيا التي لا تجد حتى قوت يومها .

 أما العواصم الأخرى فلا أعتقد مطلقاً بأن بغداد قد تتفوق بدرجة واحد عليها والسبب واضح جداً وهو أنك، على ما أعتقد، لم تخرج بعيداً عن محيط أمانة العاصمة أي انك لم تدخل مدن ومحلات بغداد أو حتى أنك لم تذهب الى ميناء العراق (الشورجة) التي أضحت عبارة عن خربه بسبب المجاري التي تطفح بين الحين والآخر أو حتى لم تطأ قدماك الشوارع الفرعية ولا أعلم آخر مرة زرت فيها شارع المتنبي الذي صرف عليه ماصرف وخلال أقل من سنة بدا الشارع وهو عبارة عن كومة من النفايات، والنفايات البشرية التي طرزت الأستراحة على شاطيء دجلة وأكوام النفايات التي تجمعت بكل أصنافها في بين المرسى والشط، وعلى الرغم من أن النهر قريباً من الشارع إلا أن الأمانة لم تكلف نفسها في غسل الشارع ولو مرة بالسنة والماء قريب منها، لقد ذهب بريق الشارع وماتت النباتات بعد إفتتاحة من قبل رئيس الوزراء بأيام لأنها لم تكن سوى واجهه خُدعتم بها مثلما خُدعتم بالكثير من المشاريع بسبب جهلكم أو تجاهلكم بالمواصفات العالمية لكل شيء . ياسيدي العالم كله يعمل بمواصفات وتقييس عالمي وهو مهم لأنجاح أي مشروع .

وهناك سؤال يقفز الى الواجهه دائماً هل وصلنا الى الدرجة التي نتمكن فيها من عمل مشاريع عملاقة مع عدم وجود ثقافة شعبية مناسبة لأدامة تلك المشاريع وقبولها .. القصد ماهي أساليب تطوير الأنسان العراقي والوصول به الى مستوى متطور نضمن معه عدم أتلافه لمشاريعنا بدافع عدم الشعور بالمسؤولية أي هل تمكنا بعد سبعة سنوات من العمل أن نثقف الأنسان العراقي . فالأنسان قبل المكان دائماً وفي العالم هناك مناطق ريفية لم تطأها يد العمران وهي من أجمل بقاع الأرض بسبب البشر الذين يسكنوها ومقدار أحترامهم لها جعلها كذلك .. أما في شارع المتنبي فالكلاب السائبة لها مكانها عند تمثال المتنبي وأغلب الأنارة المعلقة قد حطمت من قواعدها الحديدية والسبب أنها لم تكن ضمن المواصفات العالمية أي أنها لا تتحمل الأستخدام المتين وحتى المقاعد الحديدية قد تحطمت على الرغم من وجود سيطرة عسكرية قريبة منها . وكيف سنقوم بالمشاريع التي ستنقل بغداد الى واجهة العواصم العالمية لتحتل مكانة جنيف مثلاً .. لا أعتقد أن أحداً من البشر قادراً على ذلك فبغداد ستبقى على ما هي عليه تغرقها أكوام النفايات .. أما لماذا فوجه الحضارة المشرق قد غادر صبحها الى غير رجعة .. وما الفعاليات البسيطة التي تجريها الأمانة بين الحين والآخر إلا تعبيراً تضّيع الوقت ..

 أتمنى من كل قلبي أن أكون متوهماً وأن اكون كاذباً وأن كل مايجري هو حلم مزعج ينتهي حالماً أسمع منبه سيارة جمع النفايات يمر أمام منزلي الكائن في حافات المياه .

متى نبدأ ببناء الأنسان العراقي الذي يعتبر أساس كل حملة عمرانية .. فنحن لغاية الأن لم نعمل شيء يستحق الثناء ومتميز ويعبر حدود الأحتياجات الفعلية فالماء والمجاري أقل حدود طلبات الشعب وهي مسؤولية الدولة وأنجازها لا يعتبر نصراً .. فالنصر أن نصنع لشعبنا شيئاً مميزاً ويفوق حد الأحتياجات الأساسية والنصر هنا لا يمكن أنجازه قبل أكمال كل الأحتياجات اليومية للشعب، بمعنى آخر هل أنشيء مترو بغداد أم أبني المدارس ونحن بحاجة لألاف المدارس بدل مدارس الطين التي آلت الى السقوط على رؤسس طلبتها الصغار

. أو هل أنشيء ميترو أو أنشيء أكبر مستشفى لمعالجة السرطان في الشرق .

مؤسسة ميرسر هي ليست مؤسسة عنصرية فاسدة إدارياً ومالياً، أو تراها إذا اختارت بغداد كالعاصمة الأولى في العالم، هل ستعترض ياسيد عبد الزهرة ؟ كفانا الحديث بتلك النبرة التي جعلت العالم بأكمله عدواً لنا الكل يعادي العراقي والكل عنصري ورجعي وديكتاتوري ويريد أن ينهب العراق والكل عملاء لليهود والكل يكرهنا .. علينا أن نفهم لماذا وضعت تلك المؤسسة مدينة بغداد بهذا المستوى .. ونتدارس الأسباب ونضع الحلول ورؤى من خلالها نضع هدفاً أن نكون في العام القادم في المركز العاشر قبل الأخير ؟ ونعمل على ذلك بكل ما أوتينا من قوة .. فأنا منزلي في أحد الأحياء الشعبية ولا أرى عجلة جمع النفايات ووالنفايات والمجاري تتناوب مع عواصف التراب في أزكام أنوفنا والشارع بطوله أصبح عبارة عن خربة وهو من الشوارع المهمة والسبب أن الشارع أصبح يحتوي على أكثر من عشرين (أسكلة) تؤمها مئآت السيارات الكبيرة التي تحمل الأسمنت والحديد وكافة مستلزمات البناء فدمر الشارع أمام أنظار المجلس البلدي وأمانة بغداد ومحافظة بغداد .. لقد أصبح الشارع خربة لقد أنتهت الأرصفة بفعل الضغط الهائل من تلك العجلات التي تنثر غبارها، فمن المسؤول عن ذلك .

وما مدير العقود في الأمانة والذي قبض عليه متلبساً بالجرم المشهود وهو يتقاضى الرشوة من أحد المقاولين إلا سبباً من الأسباب التي دعت تلك المؤسسة أن تصنف بغداد بهذا المستوى.. عندما كنا سابقا نسمع كلمة بغداد تتقافز الى عقولنا صوراً من الحضارة وألف ليلة وليلة وتلك العاصمة التي كانت يوماً ما منبراً للفكر والثقافات بأنواعها .. أما الآن فبفضلكم الصورة قاتمة لا توحي وتنذر إلا بالشر .

ثم عليك ياسيد عبد الزهرة أن تحدد المدن التي تفوقت عليها بغداد وكذلك بخبرتك أن تحدد لنا شارع واحداً في بغداد تتوفر فيه المواصفات القياسية العالمية للشوارع ..

 لا تنسى ياسيدي شارع واحد فقط لا أكثر؟ عند ذاك نعرف أن ميرسر قد كذبت وصدق عبد الزهرة !

 

زاهر الزبيدي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1437 الخميس 24/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم