أقلام حرة

الملحمة الغزية والمخاض الاقليمي والدولي (2) / الطيب بيتي العلوي

ومن تكهن بإمكان حدوث مجزرة إسرائيلية على مدنيين أتراك أمام أنظارالعالم ؟أوالتلويح من جديد بضرب بواخرالسلام القادمة، أوبالمجازفة بالتخطيط للإعتداء من جديدعلى لبنان في الأشهر القادمة؟ ومع ذلك، فإن تسارع هذه الأحداث لتثيربحرا لُجياً من التغييرات الأكيدة القادمة في الشرق الأوسط والعالم.... من مقال الكولونيل دوغلاس ماك غريغر Douglas Macgregorعضو Straus Military Reform Project بمركز إعلام شؤون الدفاع بواشنطن على موقعه Defense News .com

 

مقدمة:

كان المفكرالإنجليزي ألكسيس كارلايل –وهوأحد أعمدة دعاة تفوق حضارة الرجل الأبيض، ومن منظري العنصرية المؤسساتية– يؤمن بتعالي الحضارة المسيحية الغربية على ماعداها، وبخلود شكسبيرعلى ما عداه...، حيث قال منذ أكثرمن قرنين: لوخُيرت إنجلترابين الهند وبين شكسبير، لاختارت على رغم الساسة شكسبير، فالهند بالرغم من أنها جوهرة التاج البريطاني قد تذهب... - وقد ذهبت !.. وبقي شكسبير خالدا

ومع أن كارلايل قد أخطأ الطريق في عنصريته، غيرأنه قد أصاب في التذكير بأن الأفكارالكبيرة تتراءي للوهلة الأولى للمتسرعين والمتفرجين والعابثين والعضوانيين و الواقعيين أبعد منالا وأدنى وضوحا، ...

وقد تذيع هذه الأفكارالعظيمة، فتكون نجاحا للعصروذويه، ونجاحا لأصحابها ودعاتها، واستمرارها آية على أن قانون الإنسانية هو التحول والتغيرالمستمران ...، وفي زعامة هذه الأفكارتهوىالقلوب الصافية فيهتدي بها المدلجون والباحثون عن الحق، ويرائي فيها المراؤون والمدهنون

 

ومن هذا المنظور، فإن الملحمة الغزية عبرأساطيل الحرية (كفكرة وتطبيق وجهاد سلمي وتضحية) حركت العالم كله بمبادرتها السلمية ومبادئها السامية، وأوضحت بالخبراليقين وبما قل ودل من الكلام، الفرق ما بين سياسة الحق وسياسة الباطل، وكشفت للعالم الحقيقية عن من هم الإرهابيون من هم المسالمون، ومن هي الحضارة الحاملة لميكروبية الشر، وتلك التي تحمل في طيها فسلة الخير، فهيجت هذه الملحمة الضمائر والأفكاروالعقول، وأثارت الشجون على اختلاف الوان البشر ومشاربهم ومذاهبهم ومبادئهم(السامق منها والهابط):

فتحرك الصادقون والكاذبون ...، وتململ المترددون والمتشككون...، وتموقع المتاجرون والمقامرون والمغامرون والأفاقون..، وتنبه الغافلون و الصامتون واللامنتمون..، !

وتلك عبقرية (فكرة الملحمة الغزية) وفطانة ونباهة وكياسة واضعيها، حيث أصبح شعارالبشرية اليوم : كلنا غزيون ...يعلنونها بكل لغات الأرض ومبادئها ودياناتها وحضاراتها وثقافاتها، ليفهم العالم كله، بأنه كان سجينا الأرهاب الصهيوني وإعلامه الدولي، وانها كانت ضحية خداع ونفاق الشرعية الدولية وقوانينها الكاذبة اللامجدية، وبهتان إنسانية وسخاء منظماتها الإنسانية المتفننة في التمسرح الهزلي الكاذب أمام كاميرات مغفلي العالم، بنقل فتات موائد الغرب الشبعان، من أكياس الطحين الفائض عن حاجيات المتخمنين إلى الدول المفقًرة والمجوًعة، وإن تلك المنظمات الإنسانية ذاتها هي التي غابت كلها - للغرابة - في المشهد الغزي بعيد محرقة غزة عام 2008

 

ولقد تعددت القراءات التحليلية لهذه الملحمة، منها المغالية والمقسطة ومنها ما دون ذلك، وإن كانت تجتمع معظمها على محاولة تجلية حقيقة دوافع السلوك السياسي المتوحش للكيان الصهيوني تجاه القافلة التركية، واكتناه ردود أفعال الحكومات الأوروبية الغامضة، وخلفيات الدعم الأمريكي الواضح - كما بين محللون أوروبيون وكنديون - ومعرفة لغز صمت معظم الأنظمة العربية المعتدلة المشبوه..

ويمكن تلخيص هذه القراءات المتنوعة والمتكاملة، التي ترد السياسة المتهورة للكيان الصهيوني إلىبعض الإحتمالات التالية:

- الغباء والتشويش السياسي للكيان الصهيوني (الذي استنفذ، يقينا، معينه العقدي (التوارتي) والإيديولوجي - ا(الصهيوني) المغذي لتنظيرات هستراته السياسية المصادمة (اليمينية أواليسارية)

- الإنفعالية العدوانية البهيمية الهمجية (التي هي من خصائص الإله (ياهو) التوراتي البركاني العنيف المهاجم

- أو المخططات السرية ل-: (ناتنياهو - أوباما) التي هي الإمتداد الطبيعي لِلٌحمة العقدية بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، بنمظورالمرجعية الأصلية لتقاليد التنشاءة الأمريكية الأولى المؤسًسَة على ثوابث عقدية، كون الولايات المتحدة الأمريكية هي:

أرض الميعاد و أورشاليم الجديدة أو كنعان الجديدة أو الدولة الصليبية في مواجهة العالم، كما حددها الرواد الأوائل التطهيريون عام 1620، أوما يسمي ب عهد ماي فلاور .. فيكون الكيان الصهيوني بموجب ذلك - بالنسبة للملايين من الأمريكيين الطيبين المستغفلين من التابعين لآلاف الكنائس المتصهينة - وخاصة البروتستانتية - في الولايات المتحدة، بان الكيان الصهيوني هوأرض الأطهار، ويهود إسرائيل هم شعب الله المختار - حتى بمنظور العقيدة الأوبامية كما تبينها تصريحاته في الكابيتول قبيل رئاسته وبعدها كلما تم الحديث عن الكيان الصهيوني - ..وتلك مسلمة (أنثروبو - دينية)لايمكن لأي رئيس أمريكي الخروج عنها، جمهوريا كان أم ديموقراطيا، مؤمنا مثل بوش او ملحدا مثل اوباما

- أوالدفع القسري(من الأطراف الخفية لحكومة الأشباح) والضغوط علىالحكومات إلى قبول سياسة الامرالواقع، الذي تصر جماعات الضغط الخفية على اتباعه باعتبارها الفاعل س الحقيقي على مسرح الجريمة، والمحركة من وراء الكواليس للكراكيز الدولية المأجوة أو المأمورة، المتحركة على الخشبة - وسحقا للمغفلين من نفاة المؤامرة شرقا وغربا - وسواء أكان التحريك بالغباوة الهجومية البوشية السافرة، أو، بلدهائية الماكيافيلية الأوبامية المبطنة المسماة ب الحروب الذكية

 

- أو المسارعة في زج البشرية في حرب كونية لإنقاذ الكيان الصهيوني من ورطاته الوجودية(الميتافيزيقو - خرافية) والمصيرية (التوسعية العنصرية الإستعمارية) وانتشاله من حتمية زواله حتى بتقديرات حسابات خبراء من اليهود العقلانيين وخبراء أمريكيين(في الأنثروبولوجيا السياسية) أو من خبراء المخابرات الأمريكية، ومن منظري بعض علوم المستقبليات في أوروبا وكندا

 

و بذا، فيصعب، من هذا الزاوية، فك تلك التوليفة الإئتلالفية العضوية المعقدة (الإيديولوجية - العقدية - التاريخية)بتبسيطها الى مجرد مصالح (إستراتيجية - عسكرية) تفرضها الضرورات والمصالح البراغماتية المتبادلة) ..

 

وللإدلاء بدلونا في محاولة فهم ما يجري بهدف ما قد يحدث على المدى القريب على الأقل، فلا بد من الإبتعاد–نسبيا - عن تبسيطات المقولات المتكررة لتأثيرات اللوبيات اليهودية والصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية - والتي هي موجودة فعليا -، ولكنها لا تكفي وحدها لتفسير وإجلاء كل المعميات، حيث يبقى دوما ذلك التساؤل المحير المطروح -: (من يستخدم من ؟)... وهولغزما فتئت دوافعه أكثرإبهاما، وأبعد منالا، وأشد تعقيدا- وهو -، مع غرابته ولا عقلانيته -، يشكل المحفزالأساسي، والمسوغ لمنطق كل السياسات الخارجية الأمريكية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية بالتحديد، لاتخاذ جملة الإجراءات الاحترازية (الغبية)، أوالدفاعية، أوالهجومية الشرسة لقصف الدول، وقتل الشعوب وإبادة الحضارات والأثنيات، وإشاعة المجاعات واستنباث التلوثات، التي أثرت، سلبا، ولعقود من الزمن على الشأن الداخلي الأمريكي، أوصلت اغني دولة في العالم إلى ان تصبح اكثر الدول المتقدمة فقرا ومديونة فقط، للحفاظ على ديمومة الكيان الصهيوني بأي ثمن....ولو أدي با لبشرية إلى النهاية، وذاك وأيم الحق من عجائب عقلانيات الفكرالسياسي الأمريكي، ومن غرائب عملاتية الفلسفة البراغماتية الأمريكية، ومقامراتها القذرة في العالم

 

موقف ما يسمي بالمجتمع الدولي

أولا - الموقف الأمريكي الخفي والرسمي بعيد الهجمة على الباخرة التركية

لا عجب في أن يثير البروفسور ميشيل شوسودوفسكي Michel Chossudofsky - الباحث الكندي والمحاضر في الجامعات الكندية، والمستشار الإقتصادي للمنظمات الدولية ولحكومات دول نامية - مشاركة البيت الأبيض في التخطيط لضرب سفينة الحرية التركية في مقال له، - وغيره - يدعم فيه اتهامه الخطيرالمنشو في الموقع الدولي المغروف، Mondialisation .com وهو ما أكدته صحيفة هاارتيز الصهيونية، بأن اوباما كان علىعلم مسبقا بكل تفاصيل خطة الهجوم، وصادق عليها،

وتاكد هذا الاتهام من خلال تصريحات واشنطن المعلنة المستفزة لحفيظة الأتراك، بالتهديد والوعيد بالأمرًين، وبالضغوط على حرمانها من عضوية المجموعة الأوروبية، ومناهضة مصالحها عبر العالم، وتضرب بذلك الولايات المتحدة بمصالحها الحيوية مع تركيا كأحد أهم أعضاء الأطلسي في المنطقة- والحليف الاستراتيجي لها بعد فقدان شاه إيران، مما يعد خرقا صريحا للسيادة التركية، وتدخلا معلنا في شؤونها القومية وتنقيصا من كرامتها الوطنية، وإذلالاً لها أمام أنظار العالم

 

غيرأنه يحق (للعقل العاقل) أو(للعقل المفطور) أو (العقل المجبول) أو (العقل المجرد) أن يتسائل :

- اية خلفيات (عقلانية - عملاتية) يستند اليهاالصهاينة والأمريكيون في اختلاق الشنشنات المشبوهة والاستفزازات المقصودة، التي قد تؤدي حتما إلى تفجير الكرة الارضية بين عشية وضحاها؟ ولصالح من؟ ولماذا؟

- وما الذي يجعل من دويلة مبثوثة بطرق المؤامرات واللصوصيات الغربية في أواسط القرن الماضي، لا تتعدى مساحتها أحد أصغرضواحي باريس بفرنسا، وتمتلك مع ذلك من الرؤوس النووية ما يمكنها من تدميرالعواصم العربية والأوروبية مجتمعة، وتحضى بعضوية مميزة في المجموعة الأوروبية تلتزم هذه الأعضاء تجاهها بالدعم (اللوجيستي والتقني والمالي والقانوني) ولا يلتزم الكيان الصهيوني تجاه المجموعةالاوروبية

- ماالذي يرغم الولايات المتحدة لتخصيص ميزانية (140 ملياردولار سنويا مدفوعة لميزانية الكيان الصهيوني و600 مليار دولا ر مخصصة للدعم الحربي سنويا، و70.000 دولاركمساعدة لكل يهودي يعيش في إسرائيل –من دون العرب( حيث يعتبرعرب 48 اقل درجة من الهنود الحمر الذين يتلقون المساعدات الإحسانية من الخزينة الأمريكية بعد أن أبيد معظمهم)

 

- وعن أية شرعية دولية لا يزال يتحدث عنها بعض الأركيين من المفكرين الفلسطينيين والعرب، ...تلك الشرعية الدولية التي تعتبرالكيان الصهيوني دولة متفردة ( حسب توصيف مجموعة بروكسل لها) :etat A part بمعنى انها منفصلة عن بقية دول العالم بخصوصيتها... بدون تزويد البشرية باية تفاصيل عقلانية أو قانونية لنوعية هذه لخصوصية الدولية المتفردة

 

- وماالذي يجعل هؤلاء (الأمريكيين والإسرائيليين) يطمئنون إلى صوابية ويقينية قرارتهم ومخططاتهم السرية والعلنية، في التحرش بالشعوب –بغض النظر عن اشتراكهما في خصوصية ابادة السكان الاصليين والاستعمار الاحلالي والاستاطاني ...علما بان العقلانية البحثة، وقواعد البحث العلمي والتخطيط الاستراتيجي تقول: بان اليقين هو عدم اليقين ؟

 

ثانيا - موقف المجموعةا لأوروبية

وقبل محاولةاستكناه خفائيات هذه الإستسرارات الغامضة ésotérico - occultes لعباقرة البشرية هؤلاء، ومحاولة تفكيك كيماوتها الصعبة...، فلا بد لنا من ممارسة ماعلمتنا إياه مناهج الجامعات الغربية ومدارساتها وندواتها، بأن القاعدة الذهبية في أي بحث أكاديمي هي :تبني الشكية الديكارتية Le sceptisime Cartésien إلى أن يأتي الدليل على صحة الطرح أو نقيضه ...

وعملا بهذه القاعدة، يمكننا التأكيد على أن الموقف الأوروبي هوالموقف الرسمي للكيان الصهيوني - مع بعض التفاصيل التفريعية، والرتوشات الطفيفة مع التمرسح السيركي - إلى أن يثبت العكس – ...تلك المواقف التي لن تتغير على الاطلاق على المدى القريب–...ويكفينا تعليق خبراءغربيون دوليون على مهزلة مطالبة كل من أوباما وساركوزي، والحكومة البريطانية الجديدة وميركل وحكومة إيطاليا باقتراح تحقيق حكام الكيان الإسرائيلي أنفسهم في حادثة الهجمة على الباخرة التركية بإشراف أوروبي حصري وكأن المجتمع الدولي كان ملزما بمطالبةحكومة هتلر بعيد المحرقة، وبعيد نهاية الحرب العالمية بالتحقيق في جرائم النازية و في محرقتها ومجازرها وإشعالها للحروب، وتقتيل أكثر من 60 مليون من البشر، وتدمير العمران في كل ربوع أوربا، بحيث كان سيفترض في النازيين - زمنها - النزاهة والمصداقية لكي يدينوا أنفسهم بأنفسهم بكل موضوعية ونزاهة أووكأننا سنطالب النازيين في التحقيق في محاكمات نورنبورغ ...وتلك وأيم الحق لهي من أخبث أنواع الضحك على الذقون، واحتقارالعقول المعبرعنها بأشدأنواع التخابث العقلاني بالقياس المنطقي الإرسطي التي يسميها صمويل بيكيت ب الضحك الضحل المرير و الضحك الشيطاني الوحشي الشرير حيث غط المجتمع الدولي - عبر مجلس أمنه في نومة دامت 12 ساعة، لكي يخرج على البشرية البلها ء بقراركاريكاتوري لم يتجاوزإثنتي عشرة سطرا تتضمن شكلا ومضمونا، الإذلال للأتراك أولا، وللعرب والمسلمين ثانيا، وللأنام أجمعين، تلخصها هذه العبارة الصدارة عن مجلس الأمن الدولي باللغة الفرنسية، التي تدل على أهم ما في التقرير، عبرخمسة كلمات سخيفة لا تحمل أية إدانة أو حتى مجرد الإشارة إلى الجرم: «Une enquête rapide, impartiale, crédible et transparente» تحقيق سريع محايد نزيه وشفاف فتأمل

 

- التحريض على إيقاف القوافل بالتدخل العسكري، مع ضمانات حمايتها في المنتديات الدولية وضمان إسكات حكام الدول العربية المعتدلة، بل والتلويح السري بالمساندة الفعلية لبعض الأطراف العربية عند الإقتضاء التي هي منقبة الأنطمة (السايسكوبية - العربية)

 

ومهما تعددت الأسباب والقراءات، فإن الكيان الإسرائيلي، فتح على نفسه وعلىأمه الرؤوم الغرب، أبواب نقمة السماوات والأرض تتمثل فيما يلي:

- تهاطل وابل انتقادات واستغراب وتساؤلات العالم، وبشكل غير مسبوق، منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، تذكرنا بالمواقف الأوروبية التي كانت مساندة ومعجبة بالتجربتين الفتيتين للتيارين :الفاشي الايطالي والنازي الألماني، وتم الإلتفاف عليهما بمجرد بوادرالإندحار النازي في الجناح الشرقي لأوروبا بموقعة ستالينغراد....وتلك هي النفعية الغربية و الأخلاقية الوضعانية التي تدورمع المنافع الماكيافيلية والمصالح الحينية أينما دارت، حتى لا يتسرع بعض السذج من دوي النوايا الطيبة، أومن بعض قراء التاريخ من صفحاته الأخيرة، ومن المؤمنين ب عقلانية الغرب و إنسانيته وب قيمه الإنسانية العليا التي لم ترمنها الشعوب سوى (الامبرياليات والكولونياليات والحروب والتدمير) عندما يصاب البعض بحالات الزار، و النشوة الصوفية كلما تنحنح أوعطس مسؤول أوروبي او امريكي ولوح بكلمة السلم الشامل و الحلول الشاملة و التفاوض البناء

 

- تزايد موجات انتقادات أصدقاء الكيان الصهيوني، من أقصى الحركات المتصهينة (علمانية أم أصولية دينية) حتى من بعض أعضاء الكونجرس الأمريكيين من المتصهينين السابقين، الذين بدؤوايضجون من تمادي غطرسة الإسرائيليين، ناهيك عن بداية تململ الأطياف الشيوعية القديمة الوفية للتقاليد الماركسية الأرثوذوكسية في اوروبا وروسيا، ومن الأقليات الروحانية الصامتة (المسيحية واليهودية)، ومن المسيحيين السياسيين الملتزمين الناشطين في حركات حوارات الديانات والحضارات، و من المثقفين اللامنتمين المنشغلين بقضايا الإنسان - وما أقلهم كما وكيفا في الغرب الحالي - أوحتىأولئك المزيفين الذين بدؤوا يتململون حرجا أوطمعا، تحركهم حوافز براغماتية، قصد التموضع والتموقع للدخول في اللعبة الوضيعة القادمة لاقتسام الكعكعة الشهية، والتسابق إلى حيازة النياشين والألقاب وجوائزالسلام المشبوهة - وسيظهرمن هؤلاء الأصناف، الكثيرون في هذا الغرب الاسطوري الولاد للفلسفات عشية كل مساء في الشقق الفاخرة في العواصم الغربية) - حسب سيدفلسفتهم المعاصرة هايدغر ...وسنرى منهم عجبا

 

والنتيجة......؟:

إن تسارع الأحداث منذ الهجمة الصهيونية البربرية على أسطول الحرية التركي، بدأ يشكل ثقلا سياسيا جديدا لم يكن في الحسبان الذي بدأ يخيم على تل أبيب وواشنطن وعواصم المجموعة الأوروبية، إضافة إلىكوابيس تزايد حملات التطوع السلمية الدولية الأخرىالقادمة، سواء عبر الباخرة اللبنانية مريم الحاملة لخمسين امراة من مختلف الأعمار والجنسيات والتوجهات السياسية والدينية من بينهم ثلاثون لبنانية، بالاضافة إلى باخرتين لمنظمتين دوليتين هما :حركة فلسطين الحرة Free Paletine Movementوصحفيون بلا حدود JournalistsWitout Limits

 

- تنامي الظهورالتركي على الساحة الدولية والإقليمية وتزايد شعبيةونجومية رجب طيب أردغان، بين أوساط الشباب من المتمردين الجدد في الغرب، وتنامي التخوفات الغربية من المزيد من المساندات الشعبية الدولية التي تزامنت مع حمىالإسراع باستصدار الإبتزاز الغربي في حق إيران، وبوادرالميول المشبوهة للروس والصين نحو المعسكر الغربي

 

والخلاصة؟:

- إن الوضعية الحرجة للكيان الصهيوني بغزة - الغير المسبوقة في (الزمن الصهيوني - الامريكي) يلخصها لنا الكولونيل الأمريكي دوغلاس ماك غريغر - المشار اليه اعلاه - بإحدى استعاراته اللطيفة لمقولة طوماس جيفرسون القائلة: إن إسرائيل تمسك ذئبا مستعصيا على الترويض من إحدى أذنيه، فلا هي باستطاعتها السيطرة عليه بالكامل، ولا هي باستطاعتها إخلاء سبيله وتركه بسلام ...ويضيف الكولونيل : ومهما كانت السياسات والتصرفات التي ستتبناها إسرائيل في الأشهرالقادمة، فلا بد لها من أن تزن بكل دقة ما يمكنها كسبه، بإصرارها على الحفاظ على حصارغزة، وما يمكنها خسرانه ليس في غزةفحسب، بل من النيل إلى البحر الأسود حسب تعبيرالكولونيل الأمريكي

والعبرة؟

وهكذا يبدوأن النظامين: الصهيوني والأمريكي، قد حشرا نفسيهما في الزاوية الضيقة الصعبة، وهما مجبرتان على إعادة القراءات لانظوماتهما المتحفية الفكرية والسياسية المؤسسة لكل ما هو (فلسفي - سياسي) تعود الى عهود التراث( - الروماني - التوراتي) الذي قعد للعالم تقاليد فكرية ثابثةغيرقالبة للتغييرأوالتبديل أوالتعديل، أو التلاقح، أ التقابس....

وهكذا يتوضح بالملموس والاستنباط المنطقي بان:

- الاصل في التفكيرالسياسي الغربي المعاصر عموما هوالبلبلة والفوضى،

- وان المرجعية الوحيدة المتبقية في جعبة الغرب اليوم هو الفراغ والدوران في الحلقة المفرغة، و الإرتعاب من قيام شرق أوسطي – عربي - إسلامي– سني - شيعي موحد جديد، ضد مصالح الإمبراطوريات الغربية الأوروبية الآفلة و(الأمبراطورية الرومانية - الأمريكيةالجديدة) المتداعية، بدل مشاريع الشرق أوسطية المجهَضة منذ الإندحار الصهيوني في حربه التدميرية على لبنان عام 2006 ذلك المشروع الميت الذي لاتزال ترعاه أنظمة بخورية فرعونية آيبة إلى الزوال

 

د. الطيب بيتي

مغربي مقيم بفرنسا/ باحث أنثروبولوجي بباريس

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1439 السبت 26/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم