أقلام حرة

هَبـَّةُ المَحرومِينْ في بعض المدن العراقية سبب أم نتيجة؟ / بشار قفـطان

كان الجواب .. الشيوعية: هي الكهرباء والزراعة ...."

هذا السؤال كان قبل قرن من الزمان تقريبا أي مطلع القرن العشرين ونحن ألان في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وهناك في جزء من المعمورة بلدغني في ثرواته ولكن أبناؤه يطالبون بتوفير الخدمات وخصوصا الكهرباء.." الم يكن ذلك ضربا من الخيال

يوم التاسع عشر من شهر حزيران من هذا العام ولأول مرة من بعد سقوط النظام تخرج تظاهرات جماهيريه حاشدة وغير مسلحة وأهدافها معلنة قبل انطلاقها وشعاراتها واضحة لا تتعدى أكثر من المطالبة بتوفير الخدمات خصوصا الماء والكهرباء ..،،

وتحقيق تلك الشعارات لم يكن صعبا من قبل الجهات المعنية، طالما هناك من التخصيصات المالية التي تم رصدها لتنفيذ تلك المشاريع .

كل شيء ممكن تحقيقه، ولكن الموقف الأصعب الذي ما أردناه أن يحصل هو الإعلان عن وفاة الكهرباء وتشيعها بجنازة رمزية في معظم مناطق البصرة، وسرعان ما امتدت تلك التظاهرات والجنازة الرمزية إلى مدن أخرى في الجنوب والوسط.

إعلان المحرومين في هَبِّتهٍم عن وفاة أداة أساسية ومرفق اقتصادي حيوي من مرافق بناء البلد وتقدمه واعني بها الكهرباء، هذا التشيع الرمزي امرأ ليس سهلا ويضعنا في دوامة التفكير الجدي في النظر بمجمل الخطط الهادفة في إعادة النظر بالخطط التنموية في البلد على أساس التخطيط العلمي وبكفاءة الكوادر المخلصة .

وإنما كان من المفترض أن يرفض هؤلاء المحرومين من يريد قتل الكهرباء، وإعلان وفاتها في ذلك التشيع . والمطالبة بتوفيرها شأنها ِ شأن ابسط الخدمات الأخرى، والآصرار في التأكيد على إعادة تأهيل شبكات الكهرباء واستيراد محطات توليد تغطي من حاجة البلد والمواطن حسب الكثافة السكانية والجدوى الاقتصادية لتشغيل المشاريع والمصانع في البلد .

الكهرباء أداة أساسية من أدوات الإنتاج والخدمات . ومرفق حيوي هام في إدارة عجلة الاقتصاد في البلد

وبفهم منطقي بسيط على المسئولين أن ينتبهوا بجدية إلى تلك المطالب والاستفادة منها بإعادة النظر بمجمل سياساتهم في التخطيط وتنفيذ المشاريع الحيوية .

وببساطة أيضا اعتبرها المتظاهرون وسيلة كسب أرزاقهم وراحتهم من بعد عناء التعب المرهق من جراء العمل اليومي المضني لغرض العيش .. الكريم ؟

وفي الخوض في حيثيات هؤلاء المحرومين والدوافع التي أدت بهم إلى التظاهر وإضافة دم جديد إلى همومهم وهموم عوائلهم . ما ذا يفعل إي واحد من هؤلاء (البطرانين) بزعم البعض عندما يعود إلى داره ويستمع إلى حديث هذا المسئول المحلي أو المركزي أو ذاك من الذين يتحدثون باسم وزارتهم أو محافظتهم أومجالس المحافظات عن مبالغ الصرف الطائلة على تلك المشاريع من المليارات أو الملايين سواء من الدولار أو الدينار العراقي لإنشاء مشروع الماء الفلاني بالطاقة الإنتاجية التي تغري من سمعها أو تنفيذ بناء أو تعزيز وتأسيس الشبكة أو المحطة الكهربائية لإنتاج ما مقداره حسب معرفته من الميكا واط في المنطقة الفلانية الأخرى.، والحديث عن الوعود القريبة بالانتهاء من انجاز تلك المشاريع وبالكلفة والمواصفات التي يتعذر على المواطن حتى فهمها." وإزاء ما سمعه من فم ذلك المسؤول أو وكيله أو مستشاره والذين تعددت عناوينهم بتعدد ارتباطهم في المحسوبية والمنسوبية .. كل ذلك يسمعه عن طيب خاطر .. الذي لابد ان يصدقه ذلك المواطن المحروم حتى من صدق مسؤولية ومن حقه يصبح ما سمعه رأسمال يتاجر فيه بين أفراد عائلته الذين أسكتهم عندما كان يتابع سماع ذلك الحديث ولربما دخل في مشاجرة معهم بسبب عدم السماح له في متابعة الحديث ..، ولكن سرعان ما تتبدد صحة ذلك الحديث ويتبخر عندما يذهب إلى حنفية الماء ويجدها كالسماء والطارق ,, وإما ما سمعه عن الكهرباء فهي الغائب الدائم و الحاضر عند توزيع فواتيرها أو الإعلان عن ارتفاع أسعار وحدة سعر استهلاكها من قبل المواطن ." ..؟

ويبقى ذلك المواطن (البطر) في حيرة من أمره يصدق ما سمعه ورآه بأم عينه عندما يتحدث ذلك المسؤول أو من له التخويل في الحديث ..؟ أو يصدق نظره وما تحسه جميع حواسه التي يكاد يشلها كذب ما سمعه .. ؟ا أذا ما ذا يفعل هل يصيح (بالروح بالدم نفـ ... يا من أتعبتنا) بالحديث . وجعلت

(الهور مرك .. والزور خواشيك) أو يقول نحن بألف خير كما كان يقول البعض في مقام حضرة الرئيس القائد

(شنهو الكهرباء وشنهو الماي ما طول سالم أبو عداي) . إن ما قام به أصحاب الَهبَّة هو نتيحه و تعبير عن ردود أفعال معاناتهم، التي لايمكن الاستمرار في السكوت عليها، والكل منهم يسمع ويشاهد من انتخبوهم لإدارة شؤونهم وشؤون الدولة لازالوا في دوامة اللقاءات المكوكية لإعلان الاتفاق على تشكيل الحكومة، التي صار السكوت في الحديث عنها من ذهب .."حيث تتوالى التصريحات، عن موعد تشكيل الحكومة المرتقبة، في الوقت الحاضرلان أعمال تصريف الدولة جاري بدون اي مشاكل وهلم جرا .

ولكن المهم أن من يطالب بتوفير ابسط الخدمات، الويل والثبور منه تقف خلفه، جهات ساسية الغرض منها إثارة الفتن والنعرات الخدمية والكهربائية .

ان التعبير عند المواطن لم يكن عفويا أو بطرا وإنما كل ردة فعل بطبيعة الحال ناجمة من فعل .. ؟ واقصد ان هؤلاء المحرومين او (البطرانين) شئت ما شئت في تسميتهم خرجوا إلى الشوارع نتيجة معاناتهم اليوميه القاسية من سوء الخدمات، التي ملوا سماع الحديث عنها .." ولا يهمهم شيئا أخر ." الفساد الإداري، أو المالي، أو أي فساد أخر، وإنما مطلبهم توفير حاجتهم اليومية من تلك الخدمات التي يدفعون اجورها عن طيب خاطر .

ولكن حقا ما يؤسف له أن التهمة جاهزة لمن يحاول إن يعبر بالمطالبة عن ضروريات احتياجه من الخدمات، بجاهزية الاتهام .. وما أسهله لفضا، أو كتابة، إن وراء ذلك من الفوضى وإقلاق الأمن دوافع سياسيه . خططت لها جهات متآمرة .. للإطاحة بهذا المسؤول اوذاك، إلى أخر هذه الاسطوانات المشروخة التي مللنا سماعها ..ولكن السؤال المطروح هل كذب هؤلاء في تظاهراتهم المطلبية ..؟ وهل الكهرباء تعمل 24 ساعة .؟ او 12 ساعة .؟ او قطع 3 ساعة وعمل ساعتين ؟ لو كانت كذلك لا احد يتجرأ ويجازف بالنزول إلى الشارع.؟

ويجازف بأسالة هذا الدم الرقراق، الأجدر بالمسؤولين المحليين خصوصا الالتفات إلى مطالب من جاء بهم الى المقاعد سواء في مجالس المحافظات أو البلدية وحتى مجلس النواب والاستفادة من وجهات نظرهم التي يطرحونها من اجل توفير الخدمات بدلا من اتهامهم بالعمالة، وشراء الذمم، وكأن كل من يعترض ..على بعض التوجهات يعتبر دمية لهذا الطرف او ذاك. .؟ وكأن الكثير من تلك الاتهامات والتصريحات ستحد من المطالبة الجماهيرية التي أخذت تمتد إلى المحافظات الأخرى وهي بلا شك تمرين أولي لدور الجماهير في ممارسة حقها الذي كفله لها الدستور في التظاهر والاعتصام والإضراب

وان ما ميز تلك الَهَبِّة التي شاركت فيها جموعا غفيرة من ابناء الشعب على اختلاف الملل والمذاهب والانتماء عدم تعرضها للمحلات او الدوائر الحكومية كما كان يجري سابقا . وطغى عليها الطابع السلمي بالرغم من التعرض لها في مدينة البصرة وذهب ضحيتها من الشهداء والجرحى . ولكن بعض المسؤولين في محافظات أخرى ذهب ابعد من ذلك في إصدار أوامره بمنع مثل تلك التظاهرات ولكن من دون جدوى .

الاهتمام بمطالب أبناء الشعب في توفير الخدمات وتلبية احتياجاتهم الضرورية تجنبنا خسارة دماء جديدة وستدفع عملية البناء والأعمار إلى مواقع متقدمة وبعني ذلك المحاربة الجدية للفساد الإداري والمفسدين ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب و الاستغلال المبدع للطاقات والإمكانات التي يتمتع بها ذوي الخبرة من العاملين الفنيين عند ذاك لانجد ما جرى في البصرة في أواسط حزيران أوفي إي مدينة أخرى يتكرر

حذار من تجاهل مطالب هَبَّة المحرومين أنْصتوا إليهم .."

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1440 الاحد 27/06/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم