أقلام حرة

منتخب العراق الوطني والتحديات / زاهر الزبيدي

أخذته تلك اللعبة في قلوب أبناءه من كل الشرائح والأعمار، وكذلك أصبحت في زمن ما عنواناً لتوحد العراقيين وتقّرب من قلوبهم التي كادت أن تكون شتى .

ومن خلال تلك المحبة الكبيرة نرى من الضروري أن نبدأ بأعداد فريقنا الوطني وفق الأساليب والتقنيات الحديثة وأن نضع هدفاً كبيراً برؤى جديدة نتجاوز بها أهدافنا الصغيرة المتمثلة بكأس الخليج وبطولة غرب آسيا وحتى كأس الأمم الأسيوية الى الهدف الأكبر وهو الوصول الى كأس العالم 2014، وهذا بحد ذاته سيعتبر أنجازاً كبيراً إذاما تمكننا من أستثمار العوامل الفعالية في إنجاح تشكيلة منتخب وطني يتطاول والحلم العراقي الكبير بشبابه .

علينا أولاً أن نحسن وبدقة أختيار لاعبي منتخبنا الجديد من خلال عوامل عدة أهمها :

1.  صغر أعمارهم لنضمن تجانس لعبهم الجماعي خلال الفترة المقبلة، فسيكون أمامهم أربعة سنوات مع العديد من البطولات الأقليمية والقارية التي ستساهم بشكل فعال في إدامة هذا التجانس .

2.  التركيز على اللاعب الذي يتمتع بالذكاء الفطري وكذلك قابليته على أستنباط خطط آنية وتكتيكات سريعة في مجابهة الخصوم على مستوياتهم الكبيرة، فالذكاء الميداني،في الملعب، يمثل تحدياً كبيراً جداً أمام الفرق العراقية،  لقد تطورت كرة القدم كثيراً خلال الأربعة أعوام الماضية حيث أضحت لعبة ذكاء متكاملة لذلك ترى أن الفرق التي يمتلك لاعبيها نسب ذكاء عالية تتمكن من حسم المباريات لصالحها منذ البدء ولها القابلية أيضا في قلب نتائج المباريات في الوقت نفسه وفي الأوقات

الحرجة، إن الذكاء بحد ذاته يمثل ركيزة أساسية من ركائز الأفضلية للاعبي المنتخبات الحديثة، ولكوننا على العموم لن نتمكن خلال السنوات المقبلة إعدادا فريق مقبول أمام التحدي العالمي المتمثل بالتطور المضطرد للعبة و لكون أغلب الفرق في العالم تحث الخطى نحو ذلك التطور وبخطوات جادة وواسعة تتفوق علينا بعناصر كثيره أهما بأن القاعدة الرياضية لديها قاعدة كبيرة وإعداد الفئات العمرية الصغيرة يجري وفق أحدث التقنيات ويتلقى الدعم اللامحدود الذي أضاف الى إمكانيات تلك الفرق سهولة إيجاد البدائل المقنعة جداً في عالم الكرة، فعلى الرغم من إننا في العراق لدينا قاعدة رياضية في مجال اللعبة إلا أنها تفتقر الى التنظيم والدعم الذي يتناسب مع حجم الرؤيا المستقبلية الموضوعة، إذاما أجزمنا بأننا سنضع تلك الرؤيا .كذلك فأن إعداد افئآت العمرية الصغير هو ليس إعداداً بدنياً بالدرجة الأساس بل إعداد ذهني تكتيكي في أغلبه .

3.  من خلال مشاهدتنا للمباريات التي أجراها منتخبنا الوطني نلاحظ وللأسف وعلى الرغم من كون جميع لاعبينا قد أحترفوا في أندية خارج العراق أن إستلامهم للكرة لايزال ضعيفاً وكذلك فأن هناك خلل في أهم عنصر من عناصر نجاح المنتخبات العالمية ألا وهو المناولات الخاطئة أو المقطوعة وهي كثيرة جداً فالمباريات قد تحسم بنقلة واحد واحدة دقيقة كلعبة الشطرنج وبأحصائية بسيطة أجريتها لاحظت أن أحد لاعبي المنتخب الوطني ومن أحترفوا اللعب خرج الوطن قد أجرى 52% من نقلاته للكرة بصورة خاطئة  و23% من نقلاته غير ذكية بالمرة و 12% الى خارج الملعب من تلك النسب نرى أنه لم ينجح في 87% من نقلاته ! وهذا أخطر ما يوجه خطط المدربين على أختلاف جنسياتهم فقد يتمركز مهاجم الفريق في مكان محدد ومهم إلا أن الكرة لا تصل اليه بفعل الخطأ . وكذلك فان المنتخب الوطني في احدى مبارياته الدولية لم يتمكن من أستثمار أي كرة ثابتة على الرغم من حصوله على سبعة كراة ثابتة ومن مناطق متنوعة وهذا معناه إفتقارنا الى هذا الصنف من اللاعبين، وكذلك نلاحظ أن لاعبينا غير قادرين على أستثمار طاقاتهم البدنية بشكل صحيح حيث نراهم يبعثرون طاقاتهم في الملعب من أجل كرة غير مجدية كأن يكون غير قادر على وضع نسبة سريعة بين سرعته وسرعة الكرة المتوجهة الى الخارج فتراه يبذل جهداً ضائعاً في ملاحقتها، وعلى ذكر الطاقات فأن المعروف أن الجسم يمتلك طاقة كامنه تؤهله للعب دون حدوث التشنجات العضلية والأرهاق وهناك آليات محددة تؤهل اللاعب الى فهم ماهية تلك الطاقات والقدرات، فأذا لم يحسن اللاعب بعلمية كبيرة أن يثّور تلك الطاقة بأكملها فسوف يكون غير قادر على إكمال المبارات لأن عضلاته سوف تكون عرضه للتشنجات والتمزق بأسرع مما يتصور وخروجه معنا أحداث الخلل في خطط المدربين التي يجب أن تبنى على عدة خيارات .

4.  الكثيرة من لاعبي منتخبنا الوطني لا يمتلكون السرعة الكافية التي تؤهلهم لمجارات لاعبي المنتخبات الحديثة وحتى طريقة جريهم مع الكرة غير صحيحة أو غير دقيقة وبأسلوب غير مجدي، فالسرعة أضحت ومنذ زمن طويل من أهم مواصفات الفرق الكبيرة وهذا ما نلاحظه في مباريات المونديال الحالي والذي تمازجت فيه السرعة والذكاء لتشكيل فرقاً ذات سطوة كبيرة على مثيلاتها وأثبتت أنها فرق جديرة بالفوز بكأس 2010 والذي يختلف من حيث ثمنه أختلافاً كبيراً عن كأس 2006 والثمن هنا هو ما تمكنت فيه الفرق الأوربية والأمريكية اللاتينية من إحداث نقلة كبيرة في عالم المستديرة، فالتكتيكات تخلف نوعاً ما عن ما كان قبل أربعة سنوات والسرعة والدقة أضحت السبيل الوحيد للفوز وكذلك التصويب الدقيق من مسافات بعيدة نسبياً عن المرمى كان مهماً لأستثمار طاقات خطوط الهجوم حتى الدقائق الأخير وخصوصاً في المباريات المارثونية من الأدوار الأخيرة .

علينا أن نخضع جميع لاعبي منتخبنا الجديد (أنشاء الله ) الى أختبارات السرعة وتحديد السرعة القصوى المناسبة للاعب كرة القدم العالميين هدفاً لهذا الأختبار وأن نكون جديين في تطبيقه بعيداً عن كل مظاهر المحسوبية، فنحن أمام أستحقاقات كبيرة نسبياً بل وقد تكون هي أكبر الأستحقاقات .

5.  اللعب النظيف أحدى علامات الفرق التي توحي إيحاءاً جدياً بحضارة بلدانها فاللعب النظيف كان الى زمن بعيد توصف به الفرق الضعيفة وعلى ما أذكر في بطولات أمم أسيا السابقة كانت اليابان تحصل على جائزة اللعب النظيف ولما لا هي بلد متحضر يمتلك شعبها أخلاقاً عالية ولكن اليابان وعلى الرغم من عدم حصولها على أي موقع متميز في المونديال الأسيوي الأخير فهي الآن من أفضل ستة عشر فريق في العالم وصلوا الى دور الستة عشر من مونديال 2010  أما لماذا؟ فذلك لكون لاعبيها مجدين في اللعب مؤثرين مصلحة فريقهم على مصالحهم الشخصية وكذلك ليست لديهم تلك الروح الأنانية في اللعب والتي تطيح بأكبر الفرق، فمن خلال مراقبتنا لألعاب المنتخب في تصفيات كأس العالم الحالي نلاحظ أن هناك حالات وطرد ولعب بخشونة لاتدل على الأخلاق، والرياضة أخلاق قبل كل شيء، حيث أدت تلك الحالات الى  الأطاحة بآمال المنتخب بسبب سوء تقدير اللاعبين المطرودين .

6.  علينا البدء بأقامة منشآت رياضية حديثة وفق مواصفات عالمية دقيقة كأن يكون هناك مجمع خاص للمنتخب الوطني يحتوي على ملعب حديث مع موقع سكني متميز وأن نبدأ بأقامة معسكرات تدرييبية بالأعتماد على بروتوكولات التعاون الرياضية التي تعقدها اللجنة الأولمبية مع مثيلاتها .

 

زاهر الزبيدي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1443 الاربعاء 30/06/2010)

 

في المثقف اليوم