أقلام حرة
لا خطرَ إلا خطر دويلة كردستان.. اجعلوها ولو مرة واحدة في المعارضة
1- أغلبية ساسة العراق هم ممن يتمتعون بحاسة شم قوية (للغف) "أي افتراس بنهم" للسلطة اليوم.. بينما يفتقرون إلى رؤية سياسية للحكم ولا سياسة لتوازن مراكز السلطة في البلاد..
2- آجلا أم عاجلا.. الإحتلال سيندحر مذموماً بجلالبيبه رغم أنفه.. قتلة الشعب العراقي من القاعدة وأيتام صدام تطاردهم الهزيمة والخزي والعار.. ويتساقطون كالحشرات يومياً.. أو يختبئون كالصراصر في المراحيض.. الأنذال من حكام وساسة سرّاق سينالهم القضاء ويلعنهم التاريخ..
3- لم يبق- إذن - من خطر في العراق سوى منح الأكراد الفيدرالية.. وتحويل الأكراد هذه الفيدرالية إلى كونفدرالية أو دويلة هو أكبر خطر داهم مدمر ينتظر العراق..
إن القول (إن الفيدرالية هي من حق الأكراد، لأنهم أقلية، ولأن إقليمهم قائم قبل 2003 .. أما العرب فهم أكثرية ولا يحتاجون لإقليم وبوسعهم الإكتفاء بالحكم المحلي للمحافظات) لهو أكبر مغالطة تاريخية.. وجريمة بحق الشعب العراقي.. والتركمان وغيرهم ألم يكونوا أقليات ؟!
4- ترى كيف كانت الحالة السياسية في شمال العراق قبل 2003 ؟..
بإختصار شديد.. بعد عام 1990 قامت كل من أمريكا وبريطانيا؛ زعيمتا الفتن والتدمير في العالم، وبدون اللجوء إلى الأمم المتحدة بإعلان منطقتي شمالي خط 32 وجنوبي خط 37 كمناطق محمية من قبلها ومنع الطيران العراقي من التحليق فوقها، لتمزيق الوحدة الوطنية للعراق.. وهكذا انتعشت الحركة الكردية وأصبحت كل من أربيل والسليمانية ودهوك مناطق خارج إدارة السلطة المركزية، ومناطق نفوذ لأطراف إقليمية ودولية مختلفة..
وقد شهدت المنطقة للفترة من 1992 وحتى عام 1996 فترات من الإقتتال الدامي بين بارزاني وطالباني وصلت إلى حد الإقتتال المسلح في شوارع أربيل.. مما دفع مسعود البرزاني إلى طلب المساعدة من صدام الذي أرسل في آب 1996 القوات المسلحة العراقية إلى منطقة أربيل.
بعد انسحاب القوات العراقية وبعد فترة من الإقتتال ما بين الحزبين تمكن الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة البرزاني من السيطرة على جميع المناطق الكردية.. في حين لجأ طالباني وأتباعه إلى إيران.. ثم عاودوا الهجوم واستعادوا منطقة السليمانية واستقروا فيها.. وهكذا فإن منطقة كردستان ومنذ عام 1997 إلى 2003 كانت منقسمة بينهما إلى قسمين.
إذن لم يكن هناك في شمال العراق إقليم قائم قبل 2003..
5- بعد سنة 2003 استطاع الكرد بناء الدويلة الجديدة بخبث ودهاء.. وزراء ورئيس وزراء ورئيس حكومة ورئيس برلمان ورئيس إقليم بالوراثة.. وهذا التشكيل هو تركيبة دولة وليس إقليماً.. وكما تقول صحيفة "معاريف" - وهي أدرى - "الكرد على شعرة من الإنفصال.. إلى أن يضمّوا كركوك".. عند ذاك يعلنون مملكتهم.
6- في إسبانيا- مثلا- وهي دولة أوروبية ديمقراطية متقدمة، يوجد 17 إقليما ومحافظتان (سبتة ومليلة) كلها تتمتع بحكم ذاتي.. لم يكن ولا واحد فيها يتمتع بما يتمتع به إقليم دويلة كردستان.. لم يُسمح فيها وزراء ولا رئيس وزراء.. وإنما فيها حكومات محلية ونواب محليون فيها.. فقط يسمح الدستور وزراء ورئيس وزراء في الحكومة المركزية في مدريد تحت علم واحد ونشيد وطني واحد ولغة رسمية واحدة هي الأسبانية.. علما أن كثيراً من هذه الأقاليم كانت مملكات معترف بها ثم اتحدت.. فمثلا إقليم كاتولونيا أكبر من إقليم كردستان أربع مرات.. ولغتهم هي شبه رسمية ضمن نطاق إقليمهم فقط.. ولا يسمح لهم بالتفاوض في الخارج إلا في نطاق محدود تحت العلم الأسباني.. وليس لهم ممثلون في الخارج إلا السفارة الأسبانية فقط.. ولا لغة رسمية غير الأسبانية.
7- لقد استغل الكرد بخبث ودهاء تحت عمامة بريمر.. التشرذم بين ضعفاء وفاقدي الحس الوطني من اللاجئين الحاملين لجنسيات أجنبية الرافضين التنازل عنها.. أو المتعطشين لحكم العراق.. أو القادمين بقبعات أمريكية.. أو الزاحفين على ظهور الدبابات الغازية.. أو المهوسين بنهب العراق.. أو فئة "النطيحة والمتردية".. أو عشاق السلطة..
8- كما أن الكرد ما زالوا يلعبون بورقة حزب العمال الكردستاني.. ليس فقط ضد تركيا وإيران .. وإنما أيضاً ضد عراق موحد.. ولو كانوا يريدون حقاً وحدة العراق لأغلقوا باب جهنم هذا الحزب.. مثلما فعل صدام سنة 1975 عندما اتفق مع إيران.. ولا ننسى تصريح طالباني: "لن أسلم للأتراك حتى لو هرّة كردية"..
9- زعماء هذه الدويلة لما أيقنوا أن لا تركيا ولا إيران.. ولا حتى سورية الضعيفة بعيونهم.. تسمح لهم بتحقيق حلمهم الوردي.. لذلك منذ عام 2003 عدلوا إلى إقامة دويلة مستقلة داخل العراق على مراحل.. لا تسمح لبغداد التحكم بها.. بل هي التي تتحكم بالعراق.. وتحوّل بغداد إلى بنك مركزي لها فقط.. وتكون دويلتهم الخمس المعطل لدولة موحدة..
10- هذه الدويلة يتحكم فيها حزبان.. ولا يسمحان لأي عراقي دخولها (إلا بكفالة وإقامة).. والأتعس من ذلك لا يسمحون حتى لرئيس الوزراء؛ وهو القائد العام للقوات المسلحة، حق نقل أو مسّ فرد من أفراد البيشمركة الإلهية ؟.. بينما هم يتحكمون بالعراق من خلال برلمانه وسلطاته التنفيذية.
11- في نيسان 2008 اللواء 34 بيشمركة التابع للحزبين الكرديين يحتلّ مناطق واسعة من محافظة ديالى.. ويرفض أوامر رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة.. ويمتنع هذا اللواء من الإنسحاب.. ويقول لا نستجيب إلا لأوامر الحكومة الكردية..كما اتهم أهالي منطقة حمرين اللواء 34 بالعمل على تكريد المنطقة.. وتهجير سكانها من العرب وإرغامهم على النزوح..
وذكرت صحيفة اؤينة (10/9/2008 ) التابعة لمسعود برزاني "إن قوة من البيشمركة الكردية جردت قوة من الجيش العراقي من سلاحها لأنها أرادت الدخول الى خانقين"..
وعلى أثر أزمة خانقين؛ وهي على مقربة من بغداد، نشر الإعلام الكردي بكل وقاحة "إجتمع نيجرفان بارازاني؛ رئيس وزراء كردستان مع رئيس وزراء العراق".. وكأنهما دولتان مستقلتان !.. وخرج الأثنان أمام الصحفيين في بغداد.. وبكل صلافة وعنجهية خرج نيجرفان يتكلم بالكردية في بغداد.. بينما في الإمارات يتكلم بالعربية..
12- البرزاني هو من أول المتحمسين لمقترح جو بايدن والداعي لتقسيم العراق الى ثلاث كيانات معترف بها دوليا.. المطالبات المتواصلة من قبله هي للتمهيد لخطوة ما قبل الإنفصال والتي يستعد لها البرزاني سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا وإقتصاديا.. ويضغط كل فترة وينذر بالتهديد والإنفصال.. لضم كركوك و"المناطق المتنازع عليها" ولتمرير القانون الجديد للنفط والغاز وإعتماد عقود النفط التي وقعها الإقليم، وحسم موضوعة البيشمركة بإعتبارهم قوات نظامية !.. كما أن البرزاني والكويت هما من يعترض على تسليح الجيش العراقي !!..
كما أنه يتسابق مع عمار الحكيم في الجولات المراتونية.. كل واحد يستقبل حكاماً وروساء ويزور بلداناً بشكل مريب ومروع.. بينما يذبح العشرات من العراقيين يومياً .. هو يطالب بتطبيق المادة 140.. هذه الأحلام المتضخمة للبرزاني ستكون بقوة عزيمة الشعب العراقي مجرد أضغاث أحلام..
13- الكاكه مسعود يرفض رفع العلم العراقي في آخر زيارة له لتركيا قبل أيام.. وفي فرنسا (14/6/2010) يرفع علمه وعلم العراق.. أي دولتان مستقلتان.. كما نصب على حدود دويلته مع دولة العراق العربية 24 نقطة تفتيش من الكونكريت.. يتوزع فيها 800 جندي أمريكي.. وقلة من الجيش العراقي وأغلبية من البيشمركة.. استعدادا للإنفصال.. لم يسمح فيها رفع العلم العراقي وإنما علم فيه صورة أسد أصفر اللون على قماش أبيض.. بئس العلم.. وبئس نواب لم يثوروا.
14- لقد أكمل الأكراد أغلبية مقومات هذه الدويلة الإنفصالية.. رئيس جمهورية العراق كردي.. ولا مانع.. ولكنه دائماً يدافع ويمثل دويلة كردستان.. نواب في برلمان العراق.. نائب رئيس الوزراء.. عدد من الوزراء ووكلاء الوزارات والسفراء والمدراء العامّون.. رئيس أركان الجيش العراقي كردي.. رئيس المخابرات كردي.. وعدد من الضباط الأكراد في الجيش العراقي.. وغيرهم ممن أحتلوا أعلى المناصب الحكومية في الدولة العراقية.. رئيس لجنة حماية أموال العراق كردي (روز نوري شاويس).. وزراء ورئيس وزراء ورئيس حكومة ورئيس برلمان ورئيس إقليم.. كلها على حساب مصالح العراقيين.. وزير خارجية العراق كردي.. كرَّد الوزارة.. وفتح لكم شبه سفارات في كثير من بقاع العالم.. لم نر لها مثيلا في بقاع العالم.. والآن يطالبون بوزارة النفط لتحقيق مآربهم في نفط شمال العراق.. ورئاسة البرلمان العراقي..
15- رغم كل هذه التنازلات من العراقيين العرب لكنهم لم يسلموا من تهمة الشوفينية.. وبما أن الأكراد ضد الشوفينية ويؤمنون بدولة المواطنة والمساواة ولايفرقون بين الكردي والعربي حسب مايزعمون في تصريحاتهم ... "هل يقبل الأكراد بتعيين عراقي عربي رئيساً لإقليم كردستان ؟" كما طرحه خضير طاهر في مقاله القيّم.. أو هل يقبل الأكراد بتعيين شرطيّ أو كنّاس عربي في إقليم كردستان ؟..
16- ممنوع على العراقي العربي دخول المدن الكردية التي بموجب الدستور مازالت تابعة للدولة العراقية.. حيث يتم وضع شروط تعجيزية.. منهاكفالة شخص كردي حكومي في دويلة كردستان.. حتى يسمحوا له بدخول كردستان.. واذا سمحوا له بالدخول وأراد المكوث هناك يشترطون عليه "إقامة".. ويمنع عليه حق شراء العقارات والتملك والعمل بشروط.. ويتم التعامل معه بعدوانية وعنصرية مقيتة قبيحة لا تطاق سواء في نقاط التفتيش على (الحدود بين الدولتين) أو في داخل المدن.. وصلت إلى درجة أن الأطباء الأكراد في مدينة كركوك يرفضون الحديث مع المرضى العرب بلغتهم ومعالجتهم رغم أنهم درسوا في الجامعات العراقية ويجيدون اللغة العربية..
17- بينما كل يوم يدخل المدن العراقية مئات الأكراد في منتهى الحرية يعملون ويشترون العقارات ويمارسون حياتهم دون قيد أو شرط.. تصوروا مشاعر المواطن العراقي العربي حينما يرى أن رئيس الجمهورية كردي يقبض من خزينة العراق (سبعين مليون دينار شهريا غير المخصصات)!!!..
عندما كشف طالباني عن ذممه المالية، ذكر تقرير ديوان الرقابة المالية (يوجد تضخم بين ما يمتلكه رئيس الجمهورية من أرصدة في البنوك وبين ما يتقاضاه من راتب !!).. كذلك عدد من الوزراء الأكراد وأعضاء البرلمان يتواجدون ببغداد.. وإن الأكراد يستلمون من ميزانية الدولة العراقية حصة مالية تصل الى 17 % كل عام من ميزانية العراق.. أي أكثر بمليار واحد من ميزانية سوريا التي تضم 14 محافظة.. ومع هذا يمنع عليه دخول إقليم كردستان..
18- على الأكراد أن يدركوا حالة التذمر والرفض الشديد التي طغت بين صفوف العراقيين العرب الذين كانوا يتعاطفون معهم في زمن نظام صدام.. أما الآن فقد سحبوا تعاطفهم بعد ان لمسوا السلوك العنصري الإنفصالي الكردي البشع..
19- وبما أن الأكراد على وشك إعلان أن الشراكة في الوطن بين العرب والأكراد قد ماتت.. وأن الشراكة المزيفة قد انتهت.. وأصبحا فعلياً شعبين منفصلين.. ولابد من إنفصال إقليم كردستان بمدنه الثلاث: أربيل والسليمانية ودهوك.. لذا نطالب بما يلي:
20- نطالب باسم أغلبية العراقيين الشرفاء أعضاءَ البرلمان الجديد الغيارى النجباء أن يطرحوا إنفصال المحافظات الثلاث في استفتاء على الشعب.. جميع الشعب العراقي.. فإن حصل على ثلثي الشعب.. فلينفصلوا.. (حتى يشبعوا ?لاليق ودمغات من الحرس الثوري والجيش التركي).. وأقسم برب الكعبة.. عندها لن أزور مدينة كردية ما بقيت حيّاً.. حتى لو توفّت خالتي الكردية في بنجوين..
21- وإذا رفض الأكراد هذا الإستفتاء - وهذا أكيد - حتى يضموا لإقليمهم جميع ما يسمونه "المدن المتنازع عليها".. أملنا كبير في أغلبية أعضاء البرلمان الجدد الشرفاء الوطنيين.. للتصويت على إنفصال المحافظات الثلاث فقط داخل البرلمان.. وهناك بشائر له.. فقد فضل برلمانيون جدد كثُر أن تكون كتلهم في المعارضة البرلمانية على "المساومة" بشأن تطبيق المادة 140..
22- وحتى يتمّ هذا الإستفتاء أو التصويت في البرلمان.. نطالب الفائزين الوطنيين بالإنتخابات أن يجعلوا الأكراد ولو مرة واحدة في المعارضة..كما طالب أعضاء المجلس السياسي العربي في كركوك.. نحن لسنا ضد حقوق الأكراد.. ولكننا ضد دولة داخل دولة.. وضد مغتصبي حق الشعب العراقي..
23- وإذا أراد الأكراد البقاء في عراق موحد، وهذا مستبعد، يجب تعديل الدستور كاملاً.. وليتذكروا أن الشعب العراقي لا ولن يسمح لهم أن تكون حقوقهم أكثر من بقية الشعب العراقي.. وإعادة النظر في جميع ما حصلوا عليه.. وأولها ألغاء القنبلة المسمومة المادة 140.. وإن كانت قانونياً ملغاة.. ولايسمح لهم بالإنفصال مثلما يريدون.. فالكرد جزء عريق من شعبنا.. وستبقى بغداد الحبيبة العاصمة الأبدية للعراق.. وليس أربيل.. رغم أنف الإنفصاليين.. وتخرصات الخونة..
24- ها هي آلاء طالباني في التحالف الكردستاني تناور قائلة: (3/6/2010): "لم نقبل برئاسة البرلمان بديلا عن رئاسة الجمهورية".. بينما أكدت القيادية في التحالف الكردستاني آسيا أحمد "أن الأكراد سيطالبون بمنصب رئاسة البرلمان، في حالة حدوث إتفاق بين القائمة العراقية وإئتلاف دولة القانون، لتقسيم منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء في مابينهم".. وهي مناورة سياسية ابتدأت بإتفاق سري مع (إئتلاف العراقية) بزعامة علاوي.. حيث يترأس فؤاد معصوم أولى جلسات مجلس النواب الجديد بدلاً من حسن العلوي.. وذلك لتثبيت ما حصلوا عليه اغتصابا عبر المثلث الملعون بتعبير المفكر الإيراني علي شريعتي حيث قال بالفارسية "زر وزور وتزوير" أي "الذهب والقوة والتزوير".. ولم يبق سوى إذاعة البيان رقم واحد: "بسم فخامة الرئيس !! الكاكه مسعود البرزاني أعلنا الإنفصال..!!!".
25- بقاء الإقليم الكردي فقط وإكتفاء المحافظات الأخرى بالحكم المحلي بهذا الشكل من الحكم غير موجود في أي بلد آخر في العالم.. إنها كونفيدرالية من طرف واحد !!.. غير عادلة..
26- هذا ما جعل معادلة توزيع السلطة مختلةً لمصلحة (الدويلة الكردستانية) على حساب بقية العراقيين، فهي تحكم إقليم كردستان لوحدها عبر برلمان وحكومة محليين.. وتفرض نفسها في حكم بقية الدولة العراقية عبر وجودها الكبير في الحكومة الاتحادية ببغداد !!.. وهو أمر غير متاح للأطراف الأخرى.
27- إن هذا الخلل في توزيع مراكز السلطة هو نتيجة لمواقف السياسيين العرب بسبب تشرذمهم الطائفي الغريب والريبة المتبادلة جراء ذلك !!.. ففي الدولة الإتحادية توجد سلطة مركزية تتمثل فيها جميع الأطراف وفقاً للإستحقاق الإنتخابي، وتحت مظلتها السياسية والقانونية توجد السلطات المحلية بما فيها حكومات الأقاليم.. لكن الحزبين الكرديين اللذين يحتلان حصة أكبر من حجمهما في الحكومة المركزية، ويمارسان حقهما الدستوري في الإقليم، لا يسمحان للسلطة المركزية بممارسة حقها الدستوري في الوجود الأمني والسياسي والرقابي هناك !!..
بينما يكتفي العرب والمكونات الأخرى بحقهم في جزء من السلطة المركزية ببغداد.. أي أن العرب يملكون أقل من نصف السلطة، وهذا الخلل البنيوي لمصلحة الجبهة الكردستانية هو الذي يشجع بعض القيادات الكردية الطموحة بالمطالبة بمشاركة رئيس الوزراء في عملية إتخاذ القرار!!.. وهذه ظاهرة أخرى لا وجود لها في جميع الفيدراليات في العالم، ولنقارن العراق بالولايات المتحدة أو ألمانيا أو إسبانيا مثلاً.
28- العراق ليس ملكاً لطائفة أو قومية أو حزب أو قائمة إنتخابية، بل هو ملك لجميع العراقيين، وهو بشكل خاص ملك للأجيال القادمة، وهنا تكمن المسؤولية الأخلاقية والتأريخية.
29- لقد ثبت فشل النظريات القومية المتطرفة المبنية على أساس (العرق).. وبما أن أمريكا مثل الأكراد الأعلى.. لابدّ من أخذ العبرة من تجربتها الرائدة.. بعد اكتشافها عام 1492.. أصبحت قبلة للمهاجرين من مختلف الأجناس والأعراق.. وهكذا بدأت أمريكا بالظهور على الساحة العالمية، بهذه الهوية الأمريكية، التي يسميها جيري موللر بالقومية الليبرالية التي أساسها العيش في حدود واحدة بغض النظر عن الجذور الأثنية والعرقية والدينية.
لذا فإن بناء دويلة كردية على أساس عرقي كردي محكوم عليها بالموت السريري مقدماً.. فلم يبق أمامكم - أيها الأكراد - سوى العيش على أرض مشتركة، اسمها العراق الموحد.. أي تحت مظلة الهوية العراقية.. وهو شرف لكم.. والخيار بأيديكم.. إما أن تعيشوا متحدين مع طوائف شعبه، وتجمعوا طاقات كل السكان، بغية إزدهار هذه الأرض وتطورأهلها، أو أن تعيشوا مشتتين تتقاذفكم الدول الإقليمية وتبعثركم الأجندة الدولية، وتبقوا في حالة صراع دائم..
30- إذن الوطن الموحد والشعب الموحد بكل طوائفه هو طريقكم الوحيد.. بدلاً من دويلات.. ونفط الجنوب والوسط وكركوك أغنى من نفط كركوك فقط.. ويد كردية عراقية وعربية عراقية وكل أيدي طوائف العراق أقوى من يد كردية فقط.. لأن العراق المقسم سيكون لقمة سائغة للدول الإقليمية والعالمية.. فقط في شهر مارس الفائت الجيش التركي قتل "140 كردياً متمرداً".. ومدفعية الحرس الثوري تدّك قرى أخواننا الكرد صباح مساء.. وهو الوقت الوحيد الذي يتذكر الأكراد به بغداد.. عندئذ يستنجدون بالحكومة المركزية.. ولم نسمعهم يقولون إن إقليم كردستان هو أرض عراقية..
31- ويذكرنا عزيز الحاج أنه كانت الشعارات المرفوعة دوماً في المظاهرات العراقية المشتركة "على صخرة الإتحاد العربي- الكردي تتحطم المؤامرات".. كما يؤكد أن الحركة الكردية كانت ترفع شعار: "الديمقراطية للعراق، والحكم الذاتي لكردستان".. وهو شعار يدل على تفهم أن مصير الأكراد العراقيين مرتبط كل الإرتباط بما يحدث في بغداد.. مالكم إذن تخليتم عن شعاراتكم الآن ؟..
32- تذكروا ما صرّح توركوت أزوال؛ أحد رؤساء تركيا: "كيف يمكن لتركيا أن ترتاح ولها جار بهذه القوة ؟".. أو قول أحدهم "العراق نمر يجب أن يحبس في قفص".. فكيف إذا خلا لهم الجو بدويلتكم ؟.. التي لا ميناء لها ولا مخرج .. إلا اللهم تعملون سلماً يصعد للسماء تطيرون منه إلى ميناء إسدود (إشدود الإسرائيلي).
33- كلمة "الكردستاني" في الحزبين: الإتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني تشير إلى دولة كردستان، ولا تمتّ بصلة إلى عراق موحد.. لذا فإن كنتم مخلصين لعراق موحد إضيفوا إليهما كلمة "العراقي"، لأبعاد شبهة الإنفصال عنكم كما تزعمون..
34- ضمن سياسة الإنفصال قد درج الأكراد على ذكر "كردستان" فقط و"فخامة رئيس كردستان السيد.." وقلما يقولون "إقليم كردستان"، ولا تكاد تسمع اليوم "إقليم كردستان العراق"..
كما أن وسائل الإعلام الكردية التابعة لمسعود البارزاني بدأت بالترويج للإسم الجديد الذي اختارته إدارة أربيل ودهوك في شمال العراق، وهو "الجمهورية العراقية الفدرالية"، بدلاً من "جمهورية العراق"، كما ذكرت صحيفة "التآخي" الناطقة باسم البارزاني..
35- يا برزاني إياك ! إياك ! أن تكرِّرَ مأساة دول الطوائف التي انتهت بسقوط الأندلس.. فأول دويلة ستسقط هي دويلتك.. فالتاريخ يعيد نفسه.. ولا تكن كما قال عنهم الشاعر "كالهرّ يحكي صولة الأسد".. أو مثلما يستأسد الفأر ويتصور نفسه أسداً.. فالتغيير قادم على يد الشعب كرداً وعرباً.. صوت الشعب قادم في كل ذرة من تراب العراق.. ستتحوّل هذه الذرّات إلى حبال تلتفُّ حول أعناق الطواغيت من مغتصبي حقّه.. وسيف صارم لا يُقاوم يقطع رقاب كل من سوّلت له نفسه بسرقة أموال الشعب وهضم وغبن مصالحه..
فقد أظهرت إنتخابات 2010م الإنقلاب الحاصل في توجه الناخبين العراقيين؛ فبعد أن كانت الصفة الإسلامية والقومية الكردية تسيطر على البرلمان بواقع 66.5% للإسلاميين؛ 19% قومية كردية؛ 0.7% مسيحية مقابل 13.8 % ليبرالية.. أصبحت اليوم تمثل المعادلة 48.30% للإسلاميين بقوائمها ذات المكونات الشيعية والسنية؛ عرباً وأكراداً وتركماناً.. في حين كانت القائمة القومية الكردية قد حصلت على 13.23% من مقاعد البرلمان؛ وحققت القوائم الليبرالية 38.47%.. وهي نسب تنذر بالتغير نحو الليبرالية من الإسلامية والقومية.. وبالرغم من حصول الإسلامية على واقع 48.30% إلا إن الكثير من مكوناتها الأساسية ستنسلخ لترتبط بالقوائم الليبرالية.
وتذكرْ أن القائمة الكردستانية كان ترتيبها الثانية في البرلمان السابق.. أما الآن فقد أصبحت في المرتبة الرابعة..فاتعظوا يا أولي الألباب..
الدكتور جاسم العبودي في 4/7/2010
للاطلاع على مقال:
فؤاد معصوم والإستخفاف برأي الشعب العراقي والدستور / جاسم العبودي
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1448 الاثنين 05/07/2010)