أقلام حرة

وطن مخبوء في عباءة أرملة / صالح الطائي

من عمر العراق ثم تنبهت إلى أن التبديل كان في أعين الحكام وعقولهم ضرورة تاريخية لها مساس كبير بفكرة تقويض الماضي ومحو  تاريخه من ذاكرة العراقيين ومن عقولهم دون الإلتفات للرمزية المقدسة التي يحملها علم الدولة والحب الذي يكنه المواطنون لعلم بلدهم.

وبناء عليه بت أعتقد أن العلم سوف يخضع لعمليات تغيير مستقبلية كلما تغيرت حكومة أو صعد نجم حزب أو تسلطت إحدى الفئات على مقاليد الحكم، وما أكثر حدوث ذلك في بلادي. وطالما أن عمليات التبديل السابقة على كثرتها فشلت في تحقيق أصغر آمال العراقيين وعجزت عن أن تدخل بعضا من السرور إلى أنفس المهمومين والمكبوتين والمكبودين والفقراء والأرامل والمعوزين  ومن هم عن العمل عاطلين ومن في بلدان العالم مشردين أو من يسكن ويعيش ويتعلم في بناء مبني من طين وكانت ولا زالت عاجزة عن أن تمحو من قاموسنا كلمة مساكين  أو تقلص أعداد المحرومين أو تعيد المهجرين، أو تحارب المجرمين والمفسدين.

ولما كنا نحن العراقيين ولا زلنا معترضين وغير متفقين على أي عمل تقوم به الفئة الأخرى بما فيه اعتراضنا على شكل العلم الجديد وليس على عملية تبديله، ودفعا للإشكال والمشاكل، ولأننا نعجز عن إقرار علم يرضي كل الأطراف التي تطالب كل منها بحصة من هذا العلم بأن توضع تفاصيل هويتها في جانب منه، أقترح على السياسيين والحزبيين والمناضلين القدماء والمستجدين أن يأخذوا بمقترح الشاعر العراقي يحيى السماوي الذي قال في كتابه (شاهدة قبر من رخام الكلمات) في رثاء والدته المرحومة:

عـبـاءتـُهـا الـشـديدة ُ السـواد

وحـدُهـا اللائـقـة عَـلـَمـا ً لـبـلادي ..

فـيـها كل تـفـاصـيـل الـوطـن !

وذلك بأن يأخذوا عباءة أي أرملة عراقية سواء من محافظات الوسط أو الجنوب أو الجهة الشرقية أو الغربية ويصنعوا منها علما للعراق، لكن من المحتم عليهم تعويض الأرملة عن عبائتها تلك بواحدة جديدة لأن الأرامل في العراق لا يملكن شيئا فائضا عن الحاجة ولا يملكن بديلا لما يفقدنه في وطن نسى حتى نفسه فكيف يفكر بهن وبسواهن؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1455 الاثنين 12/07/2010)

 

في المثقف اليوم