أقلام حرة

الفردية السياسية طريق الى الديكتاتورية / هيفاء الحسيني

ويمكن أن تتحول الى مادرج على تسميته بداء العظمة التي تتفاقم لدى الفرد من هذا النوع فيبدأ بمصادرة الآخرين ووعيهم وثقافتهم، ومن هنا ينشأ الديكتاتور لاسيما اذا ماتوفرت لديه اسباب القوة والبطش التي يرهب بها الآخرين لتحقيق مايصبو اليه . وفي الحالة العراقية الكثير من النماذج التي تتفاوت لديها النسب، فمنها ماتأصل فيها هذا الشعور الى الدرجة التي يقمع الآخر بكل مايمتلكه من قوة ومبررات لتعزيز هيمنته، ومنها ماهو أدنى من ذلك . ولو نظرنا الى الخارطة السياسية العراقية وصراع القوى والاحزاب لوجدنا أن ماألمعنا اليه ممثلا في نماذج عديدة من السياسيين الذين تبؤوا مواقع قيادية في مختلف المجالات، والا لماذا هذا الاصرار على عدم ايجاد أرضية مناسبة للأتفاق على صيغة أدنى من أجل خدمة الشعب بعيدا عن التأثيرات الجانبية التي تعصف بالساحة السياسية العراقية؟ انه سؤال لو وجهته الى أي من السياسيين لأجابك عليه وعلى الفور بسؤال لماذا لايتنازل الآخرعن بغلته؟ ولماذا أقدم أنا على مثل هذا التنازل؟ ان مجرد سؤال من هذا النوع يكشف عن مدى فرديته وبالتالي عن شعور مسبق لمصادرة الرأي الآخر ليتحول شيئا فشيئا الى تزمت عقائدي يدفعه الى أن يختط طريقا الى الديكتاتورية غير آبه بما كان يروّج له من شعارات براقة يهدف من خلالها الى استقطاب الأغلبية الصامتة التي لم تجد أمامها خيارات تسمح لها تأطير توجهاتها المستقبلية، وان كان التمرد هو أبسط الخيارات، لكنها في هذه الحال ستدفع الآخر الى تبني أساليب ديكتاتورية، وأذا ماأستقرأنا الاحداث السياسية العراقية سواء تلك التي نشأت منذ انشاء الدولة العراقية أو تلك التي برزت على السطح عقب عام 2003 سنجد فيها أمثلة نموذجية لما أسلفناه في هذا التحليل . ومهما يكن من أمر، فأن الساحة السياسية العراقية حبلى بالكثير من المفارقات والمفاجآت معا، ولعل السيناريو الذي عبر عنه نائب الرئيس الامريكي اثناء زيارته للعراق مؤخرا يكشف الكثير منها لو تأملناه مليا عبر تصريحاته سواء تلك التي اعلنها في اجتماعه مع القوات الامريكية العاملة في العراق أو تلك التي صدرت عنه أثناء لقاءاته بزعماء القوى السياسية المؤثرة في الساحة العراقية . أن وعيا شموليا لما يجري في العراق حاليا يعطينا انطباعا قد يكون اساسا معقولا لتحليلات اعمق وأعم وفهما أدق لما سيكون عليه مستقبل القوى السياسية العراقية بمختلف ايديولوجياتها حيث ستؤول الى التلاشي اذا ماأستمرت في تبني سياسات تعمق الروح الفردية التي هي الطريق السالك نحو الديكتاتورية والشمولية وبالتالي ستفسح المجال أمام نشوء قوى سياسية جديدة تتعامل مع الواقع العراقي بشفافية اكبر بعيدا عن المحاصصة الطائفية والعنصرية وسيكون ديدنها خدمة الشعب العراقي بأطيافه كافة وملامح ذلك آتية من خلال مانعرفه عن الشعب العراقي من خصال حميدة وموروث حضاري رصين، لكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد بل سيتجاوزه ليشمل المنظومة الاقليمية كلها، بمعنى أن تأثير ماسيجري في العراق مستقبلا سيمتد الى منطقة الشرق الاوسط برمتها، وهذا بالذات ماتدركه دول الجوار العراقي، لذا فهي تسعى الآن لوضع العصي في عجلة العراق لكي تراوح في مكانها، لكن ذلك لن يمنع العجلة العراقية من أن تدور بتؤدة ورصانة، لأن القاع العراقي حلم مراهق للجرف لأن الطفح الذي تركته القوى السياسية العراقية اليوم ستزيله أحلام العراقيين في بناء دولة العراق الحر الديموقراطي المستقل والمزدهر والمؤثر اقليميا ودوليا .

  

    واشنطن /هيفاء الحسيني

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1457 الاربعاء 14/07/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم