أقلام حرة

تحجر اللغة العربية من أسباب تخلف ناطقيها / أشرف المقداد

على الأقل قبل أن تطلق هذه التصريحات "أن تكون "متكلماّ " وبطلاقة للعديد من اللغات الأخرى لا وبل كاتباّ وشاعراّ بهذه اللغات، قد جربت هذه اللغات وعرفت مداها وغنى مفرداتها، وعدد ألوانها.

على الأقل درست فولتيير وشكسبير وغيرهم.

العربية الفصحى هي لغة القرآن وبرأيي هذه هو فقط ما يميز اللغة العربية عن غيرها من اللغات، فما عدا هذا فهي لغة كغيرها من اللغات في هذا العالم يستخدمها الناطقين بها للتعبير عن أنفسهم، لها محاسنها وسيئاتها ومحدودياتها.

لكن فيما يتعلق باللغة العربية وبحكم أنها لغة القرآن فقد منع المغالون تطور هذه اللغة وإنفتاحها، وزعم ويزعم هؤلاء أن أي مساس بها هو أقرب إلى "الكفر والزندقة" لأن هذا "يمس بلغة القرآن"

والأغرب أن نحويّي وواضعي قواعد هذه اللغة هم وبالأكثرية العظمى "أعاجم"  قد تبنّوا هذه اللغة عندما تبنّوا الإسلام ديناّ كسبويه والزمخشري وغيرهم.

أذكر حادثة عندما كنت زائراّ لماليزيا جلست في قهوة أقرأ جريدة "تشرين" السورية اللتي حصلت عليها من صديق سوري وكان العنوان "وبالبنط العريض" خطاباّ مملاّ "آخر" لحافظ الأسد

وعندما إنتهيت منها رميتها في القمامة (حيث مكانها الحقيقي) وما أن فعلت هذا إلا إندفع بعض الماليزين الملتحين وأنقذوا الجريدة من القمامة و"قرّعوني"(بهدلوني) لرمي هذه التحفة في القمامة، محتجّين أنها لغة القرآن، فاعتذرت لهم وباركت لهم بها وبخطاب الأسد...!!!!

ولهذا الغلّو تاريخ عريق في منع هذه اللغة من الإنفتاح والتطور .

اللغة العربية الفصحى هي لهجة بني قريش . نزل القرآن بها

وما قريش إلا قبيلة من قبائل العرب لا وبل قبيلة صغيرة من قبائل العرب

العربية اللتي تكلم بها آل قريش كانت لهجة الأقلية بين قبائل العرب

فحرف "القاف" كان حصراّ بها وبالقليل من بعض القبائل المجاورة في الحجاز فيما أغلب القبائل لم تكن تنطقه بل كانوا ولا يزالوا يلفظون بديلاّ "للقاف" كحرف "الجيم" (في اللهجة المصرية)

وحتى أيامنا هذه لا يزال هذا الحرف غير مستعمل من الغالبية العظمى من الناطقين باللغة العربية

وقليل جداّ يستعمل القاف في تعاملهم اليومي والغريب أن مستخدمينها اليومي اليوم هم من أقليات العرب كالدروز والعلوييون والسريان.

وهناك العديد من البدائل لهذا الحرف(القاف) كالهمزة(ء) في بلاد الشام ومصر.

وهناك العديد من الحروف المستعملة من قبل كل القبائل العربية (آنذاك) وبهذا اليوم منعها الجهابذة من الدخول للأبجدية العربية كحرف الجيم (باللهجة المصرية) وحرف "الفV وحرف ك ch الكاف في اللهجة الحورانية مثل ولك(ولش) عند مخاطبة الأنثى.

ونحتال بطرق عجيبة لكتابة ما نلفظ ولسنا مجبورين...!! فبإمكاننا أن نضيف هذه الحروف إلى لغتنا

لولا المغالون الذين يرفضون اي زيادة أو تغيير فيما يزعمون أنه لغة "مقدسة" بحجة نزول القرآن بها!

أنا أقول فلندع القرآن جانباّ فهو مكتوب ولن يغير به أحداّ ( والله له بحافظ)

لكن أشعر أن هذا التحجر يمنعنا من التعبير الحقيقي عن أنفسنا وأساس اللغات هو قدرة الناطقين بها على التعبير عن أنفسهم بلا قيود أو حدود.

لاوبل المحاولات المضحكة لتعريب أسماء أجنبية

في الثمانينات تفتقت قريحة النظام في سورية وصدرت الأوامر بتعريب كافة الأسماء "العجمية"

و"شحطوا" مدرساّ للغة العربية يدعى "الصيداوي" من موقعه في العصور الحجرية ونفخوا عنه الغبار

ووضعوه يومياّ على شاشاتنا ليلوّح بسبابته في كل مساء مقرعاّ(مبهدلاّ) سكان سورية لإستخدامهم التعابير "الغلط" في محادثاتهم اليومية .

وكان هذا المسكين مصدر "المسخرة" والفكاهة حتى غلب "غوّار الطوشة"

وحاول الجهابذة تطبيق "الفرمان" بتعريب كل شيء حتى وصلوا إلى المرسيدس والبورش

حتى جاء الأمر أن "يتضبضبوا فأي تعريب لهذه الأسماء لن يعطيها "حقها" في البروزة "وشوفة الحال"

وراقبت آنذاك محاولة "مجمع اللغة العربية وهو يحاول تعريب إسم "التلفزيون"!!!

فجائوا أولاّ ب "الرائي"..!!! فلما توقف الناس عن الضحك حاولوا "التلفاز" وهي محاولة غبية لسرقة الإسم الأصلي (تلفزيون) وشقلبته حتى يصبح أكثر "عربية"...!!!!!

لا أدري من أعطى المجمع العربي الحق في هذا التخبيص

فناطقوا العربية لم يصمموا هذا "التلفزيون" ولم يخترعوه أو صنعوه أو بنوه

هم فقط "هربوه" واشتروه "وقعدوا" لسيتمتعوا به

فهذا لا يعطينا الحق في تغيير الإسم الذي أطلقه مخترعه عليه. عندما نخترع شيئاّ فلنا الحق أن نسميه فقط.

ثم ما هذا الإسم المضحك للكمبيوتر؟؟؟..."الحاسوب"؟؟؟؟

من هو هذا "عبقري زمانه" الذي اتى بهذا التعريب المزيف...؟؟؟ كان الأحرى بهذا "العبقري " أن يحاول إختراع" هذا " الحاسوب"

الكمبيوتر في هذه الأيام ليس "بحاسوب "قط ((وظيفة صغيرة جداّ لهذا الجهاز)

فالأحرى أن نقبل هذا الإسم كما هو ولنحاول عبقرياتنا في تطويره.

أنا أعتقد أنه قد آن الأوان أن "نحرر" لغتنا من قبضة هؤلاء ولتكون هذه اللغة الوسيلة الصادقة للتعبير عن أنفسنا.....ما يفال عنه باللغة "العامية" هي لغة أصلية عربية نطقها الآباء والأجداد

ولغة قريش هي لهجة من هذه اللهجات

فلنترك الفصحى للمساجد ومدارس الشريعة ودارسي الفقه لا بل فلنشجعهم

ولكن لنطلق حرياتنا في استعمال لغتنا فيما عداه .

ولنتوقف عن التزوير بتغيير أسماء لأشياء لم نصنعها ونخترعها وربما لنحاول أن نخترع ونصنع بأنفسنا

وفي وقتها لنسميها ما نشاء فهذا حقّنا

 

الفصيح

أشرف المقداد

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1460 السبت 17/07/2010)

 

 

في المثقف اليوم