أقلام حرة

هل باتت ازمة تشكيل الحكومة العراقية مسالة ربح او خسارة؟ / عماد علي

 وعدم تلائمه التام مع الخصوصية العراقية وتركيز الصلاحيات في منصب معين ، او حداثة التعددية الحزبية بعد كبت دام لسنين طويلة ، وايضا الاهتمام بالسلطة التنفيذية كواقع حال كما يفرضه الشعب ونظرته الى السياسة، والثقافة الاجتماعية الموجودة والكلتور بشكل عام، والاهم هو محاولة الجميع للمشاركة في السلطة كمكسب خاص ولضمان تثبيت قاعدة استمراريتهم  وبقائهم كما هم على الاقل دون الاعتماد على الفكر والمباديء المفروض الارتكاز عليها لو  حاولوا ادامة نفسهم طبيعيا، ولوجود هذه الاتجاهات والتيارات دون تزكيتها من قبل الواقع والضرورة الموضوعية بعيدا عن فرضيات التاريخ ايضا، وتكثيف جهود الجهات كافة دون استثناء على المصالح الذاتية فقط والاستاثار بالسلطة في عملية تنميتها الحزبية الواجبة حصولها في هذه المرحلة لاظهار ثقلها.

هناك توجهات مختلفة برزت على الساحة السياسية وتشكلت تيارات ومنها بدعم خارجي اعتمادا على العقلية المترسخة والوضع الاجتماعي وما موجود من القبلية و العشائرية والحالة النفسية للفرد العراقي واهتماماته وفكره وعقائده وترسبات التاريخ على سلوكه ونظرته للحياة بشكل عام.

لو تحرينا عن الجهات السياسية التي انفلقت بعد سقوط الدكتاتورية البعثية وفي فترة قياسية قصيرة ومن ثم اختفت باشكال وظروف شتى سنتاكد من كثرة عددها وبها نكشف مدى ونسبة التغييرات السريعة الحاصلة في الظروف السياسية العامة وتاثيراتها على تركيبات الجهات واحتمالات ديمومتها .

من جهة اخرى حدثت انشقاقات عديدة في صفوف كافة الاحزاب والمكونات السياسية وبشتى الطرق والاساليب لاسباب ذاتية خاصة ، لم يكن الفكر والعقائد والمباديء قريبا منها ، بل المصالح الضيقة والنرجسية الموجودة في صفات القيادات والاهتمام بالموقع الاجتماعي كالشخص الاول ونظرة المجتمع اليه واعلاء شانه ومدى تبجيله وان لم يستحق، في مقدمة المثيرات والمشجعات والدوافع الرئيسية للانشقاقات، والاهم عندهم بذل كافة الجهود للفوز بموقع ما للانفراد بملذات السلطة.

هذا ان لم نحسب المصالح الاقليمية وتوغل الجهات الخارجية المتعددة في مجريات العملية السياسية وفق ما يتمنون، مرتكزين على الجهة التي تضمن مصالحهم الاستراتيجية في العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، لذا نجد تدخل الدول المجاورة كافة في تشكيل الحكومة الجديدة واضحة وبالمكشوف تقريبا ، ونلمس عملهم الدؤوب في تحوير الاتجاهات او وضع العراقيل امام اية تشكيلة ان لم تناسبهم ولم تكن في نظرتهم راعيا لمصالحهم ، ولهذا نشاهد حوارات وزيارات ماراثونية ومكوكية عديدة ومحاولة الجميع بذل اقصى الجهود للمشاركة في الطبخة التي يريدون تذوقها على مقاييسهم الخاصة.

الراعي الكبير يحاول من كل جهة ولحد الان دون جدوى، يبحث عن فجوة ويحاول سحب هذه الجهة ودفع ذاك وتضحية بصديق ومساومة مع اخرى من اجل الخروج من النفق المظلم ، والاهم هو تنفيذ  وعوده المقطوعة امام شعبه للانسحاب من العراق في الموعد المعلن مهما تكن النتائج، ولكن محذرة من زيادة سيطرة ايران واحتمال ازدياد اسهمها وثقلها في المنطقة على حساب حلفاء هذا الذي يعتبر نفسه الراعي الكبير في المنطقة وكما يحدث لحد اليوم، دون ان يقدر على منع الجارة الشرقية للعراق في تنفيذ مخططاتها ،محاولا بكل الوسائل والسبل المتوفرة لديه وبذل الجهود الممكنة في وضع حد معين لها.

النقطة الفاصلة في عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة هي بقاء جهات واندثار اخرى على الساحة السياسية العراقية لاسباب خاصة، ومنها المادية على الاكثر ومدى تاثرهم بالسلطة، واكثر الاسباب والعوامل كامنة في السلطة وكيفية الارتباط بها، وشاهد العراقيون ماحصل لهذه الجهات وما الت اليه اوضاعهم عندما لم يتعلقوا بزاوية منها.

 ولكون العملية السياسية متخبطة من لحظتها الاولى ولم تولد او تفرز بشكل طبيعي او بجهد داخلي محض ، فان النتائج المتوقعة لظروف هذه الجهات جاءت كما هي  وكانت متوقعة، وتفرعت الطرق وتعقدت الامور واشتدت الصراعات وتدخلت القاصي والداني في هذا الامر الى ان بقت من هذه الجهات من قاوم واستند على الظروف الاجتماعية العامة، والى ان تخثرت العملية السياسية بشكل وطريقة  اصطناعية واصبحت المسالة ومن يشارك فيها اما ابيضا او اسودا في عين المجتمع . وبعد هذه التجربة اصبح الموجود في الساحة اكثر حساسية  ولم يثق بنفسه ان يقف على ارجله بعيدا عن السلطة، لذا يفكر الجميع ان لم يشارك في الحكومة سيصبح خاسرا ويختزل في مكانه، ومن يكون رئيس مجلس الوزراء الواسع الصلاحية من نصيبه يعتبر نفسه الرابح الاكبر ويفكر في توسيع قاعدته وتثبيت اركانه لمقاومة العواصف المتوقعة. وما يحزن الشعب بان الحكومة المقبلة حسب كل التوقعات تهتم بامور ما يخص الاحزاب الموجودة بالسلطة فقط وربما تكون بعيدة عن فسحة المجال التي يجب ان تكون هي من الاولويات والتي تهم الشعب، اي تكون السلطة من اجل تقوية الذات والتحضر الكبير من اجل الصراع في الحلبة الكبيرة في الجولة المقبلة وهي الانتخابات البرلمانية المقبلة من اجل تصفية كافة الحسابات المعقدة .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1468 الاحد 25/07/2010)

 

في المثقف اليوم