أقلام حرة

زمن الخطيئة والخطأ / محمد تقي جون

لقد بزغ فجر بذهاب طاغية اشترى وباع لنفسه فسخَّم أيامه وأيامك وسوَّدها، وما عاناه العراق وعانيته أنت بعده هو نتاج ما رعاه وجناه.. فأي فجر هذا القادم وما مقدار (فجريته)؟

ولكن صدام كان أخسر صفقة (فيه) بما تاجر به، وأغبى قرد سُخر من حركاته؛ لأنه أصبح حداً بين (زمنين): (زمن الخطيئة) الذي ذهب به وحده وبسواد وجه لا يبلغ مستوى سواده أعتى العتاة وأجنى الجناة كيزيد والسفاح ونيرون وهتلر، وهكذا فالزمن بعده لن يكون زمن خطيئة أبداً. والزمن الاخر (زمن الخطأ) وهو الزمن الذي جاء بالزعماء الجدد أو هو جاء بهم، والذي يخطأ منهم (له حسنة واحدة)، وكلهم (ما شاء الله) خطاؤون، ولكنهم بيض الوجوه لا يعلق بهم وضر أو ضرر، لأنه يوجد وجه واحد أسود وزمن واحد للخطيئة فقط وقد وليا معاً.

إنهم يطلبون من الشعب أن يتحمل (زمن الخطأ) هذا والخطائين! ويقبل بكل الأعذار والمبررات، وعليه ألا يرى الخاطئ منهم كالجاني، لان الجاني (الوحيد) ذهب بخاتمة السوء. إلا أن الأخطاء تكررت فتكدست، وتجاوزت درجة الخطأ، بل الواحد منهم (الخطاء مصرَّاً) يفوق خطأ واحد من أخطائه الجنحة والجناية، وصار من البلادة إبقاء (زمن الخطأ) مغلقاً ومستمراً، فان (حافات الهاوية) التي صار البلد يدور فوقها متهاوياً في (زمن الخطأ) أكثر وأكبر منها في (زمن الخطيئة)!!

من السليم إذاً أن نلغي الفاصل ونواصل بين الزمنين، ونعيد التقييم الذي سيكون أكثر صحة ودقة حتماً في تحديد (الخاطئ) ذي الحسنة الواحدة، و(الجاني) الذي يضاف الى (الجاني الوحيد) والى (زمن الخطيئة) لنتأكد هل الفجر القادم جاء بزمن الخطأ فعلا (والخطأ يعني التصحيح)، أو كان مفتوحاً على زمن الخطيئة (والخطيئة تعني تأصيل الخطأ).

أترى الأمر معقداً إلى درجة انك لا تستطيع أن تميز بعد كل الأدوار المتشابهة، والنوبات المتكررة، أما آن أن تقيِّم المرحلة التي صرت فيها..

طلع الصبح بثوب ابيض

او بدا الصبح بثوب اسود

انه الامسُ الذي تعهده

لا تغرنك أحلام الغد

أيها الشعب استعذ من شره

واستعذ من شره يا بلدي

كلّ من جاء ويأتي بعده

يشتري اليوم بخزي الأبد

فإذا السيِّد سيْدٌ جائع

كل يوم طالع في مشهد

واذا الشعب قطيع بائس

يشبه الميت الذي لم يلحد

انه الصبح حقيقيّ السنا

انما العيب بمن لا يهتدي

 

ملاحظة: السيِّد (بالفتح والتشديد): ذو السيادة، والسِيْد (بالكسر والسكون): الذئب.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1469 الاثنين 26/07/2010)

 

في المثقف اليوم