أقلام حرة

كثرة الملاحين والمستقبل المجهول / بشار قفـطان

تلك الانتخابات التي سبقها من حمى التصريحات من قادة الكتل ومعظم المرشحين، وما قدموه من جزيل عطائهم ومكرماتهم لناخبيهم المغلوب على أمرهم . والبعض اخذ يعد ناخبيه بانتهاء الأزمات التي أثقلت كاهله كالماء والكهرباء وأزمات شحة الوقود، بعد فوزه في تلك الانتخابات وجلوسه على كرسي البرلمان، بعض المرشحين ذهب إلى ابعد من ذلك في توزيع مستندات توزيع الأراضي عليهم، وآخرين نظموا قوائم بتعيين العاطلين عن العمل لناخبيهم، وبعضا منح المناصب السيادية التي أيقن تتوفر له بعد فوزه، للقائمين بحملة دعايته الانتخابية، ناهيك عن الهبات والعطاء السخي الذي وزع على المحرومين قبل إجراء تلك الانتخابات، ولا ننسى ان بعض المرشحين تجرأ على سحب بعض مستمسكات الناخبين الثبوتية لحين يوم إجراء الانتخابات وجعلها وسيلة ضغط عليهم لانتخابه، وهناك من يتحرق ألما من تلك المظاهر وهذه المناظر المؤلمة التي يشاهدها بأم عينه . وسط هذه الأجواء خاض المرشحون هذه الانتخابات التي قادها القانون الذي أصدره مجلس النواب قبيل إجراءها بعدة أسابيع، والذي جاء منافيا للدستور، ذلك القانون الذي تحفظ عليه أو رفضه مجموعة من أعضاء مجلس النواب ولكن دون جدوى، لان الأغلبية وضعته لصالحها واتفقت على تمريره، ولكن والحمد لله نطقت المحكمة الاتحادية العليا بعدم شرعيته الدستورية.. ولكن ما جدوى القرار ." إذا لم ينفذ على تلك الدورة الانتخابية ..؟ . حيث ان القرار جعل العمل به للدورة القادمة، ومعذرة للفاريء الكريم اضطررت أن اكتب المثل المتداول

 (مُوت يا حمار لمَّن يجيلْكْ الربيع) ولنا في ذلك القرار الكثير من الأمثلة . العديد من الإخوة معارضي النظام السابق كانوا يتمنون رؤية اليوم الذي يرون فيه انهياره ولكن الموت سبقهم في ذلك .." وقلنا: ماتوا كمدا .. " وظلت أمانيهم حسرة..

 كل شيء جرى على مايرام للمتنفذين الكبار، والمتمسكين بكل إمكاناتهم بالمواقع التي يرون من الصعب عليهم تركها حتى في ديمقراطيتهم التي يتحدثون عنها . إذ كيف يفسر المواطن والذي استقتل من اجل وصولهم إلى البرلمان، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على إجراء تلك الانتخابات، وهم لم يحققوا اي تقدم يذكر على الأرض، في جدية عقد جلسات البرلمان وتشكيل الحكومة ..؟ من المفترض إن يعقد البرلمان اولى جلساته قبل عدة أسابيع . ولكن البرلمان برغبة أعضائه، من ألان أصيب بمرض التأجيل، ويبقى تعطيل عقد الجلسات وتشكيل الحكومة مرتهن بشخص تسمية رئيس الوزراء من هذه الكتلة أو تلك أو هذا الحزب، أو مرشح تسوية كما اصطلح على تسميته . المواطن ألان لايريد أكثر مما هو، العودة إلى قبة البرلمان، وحسب مواد الدستور الذي كتبوه بأيديهم، ووضعنا أرواحنا على اكفنا يوم التصويت عليه، وتنفيذ بعض الوعود التي قطعوها على أنفسهم بأغلظ الأيمان في الإسراع بتشكيل الحكومة .

 اللقاءات والحوارات والمفاوضات تكاد تكون يوميا بين الكيانات والائتلافات الفائزة والمواطن لايعرف عن تلك اللقاءات والمفاوضات المكوكية التي تجري داخل البلد أو خارجه وتواصل جهود الوسطاء وأصحاب المشورة من دول الجوار أو الذين أوصلونا إلى هذه النتيجة،, ولكنه يسمع ان المعضلة الرئيسية من يتولى المناصب السيادية الأساسية في قيادة الدولة والسلطة ولا علاقة لها بمصلحة الشعب أو الوطن، والحديث عنها فيه من النكهة الطائفية، والقومية لدغدغة مشاعر الناس .

 مضى أكثر من أربعة أشهر على انتخابهم، ومعضلة حلها تكمن من يتولى تلك المناصب في البلد، هذا هو شغلهم الشاغل الان . من يكون رئيسا للوزراء ومن يكون رئيسا للبرلمان ومن رئيسا للجمهورية . ومصلحة من انتخبهم تنتظر رحمتهم التي ستكون في يوم ما قاب قوسين أو أدنى، ولا نبالغ إن كثرة ملاحي السفينة سيؤدي إلى غرقها . لما خبره العراقيون من تجاربهم المريرة ."وخصوصا إذا الريح يعاكسها  في سيرها , ونخشى إن يسيطر الروج في قيادتها وهذا ما نلمسه ألان .

وان ما يخشاه المواطن ألان استمرار  استعصاء الاتفاق بين الكتل الفائزة، وهذا سيؤدي حتما الى زعزعة ثقة المواطن بمن انتخبهم ويجعل الأوضاع في البلاد إلى أللا استقرار والعودة الى ما لا يحمد عقباه، سواء في مجال الأمن والاستقرار والتلكؤ في تنفيذ المشاريع في جميع المجالات والميادين الهامة والحيوية . ولنذكر ان عام 2009 لم تخصص ميزانية للبلد بسبب الأزمة الاقتصادية الدولية وهبوط أسعار النفط، وهذا يعني أن عام 2009 لم تنفذ فيه خطط تنموية أو مشاريع، ونحن ألان في النصف الثاني من عام 2010 كيف يمكن للأجهزة المعنية أن تنفذ خططها التنموية ولازال الحديث يدور عن تشكيل الحكومة سابق لأوانه، من خلال أحاديث بعض ممثلي الكيانات والائتلافات حينما يدلون بدلوهم من يقول ..: لا ضير من جعلها حكومة تصريف أعمال . ومنهم من يرى إعادة إجراء الانتخابات . وهناك من يراهن على تدويل القضية العراقية وطرحها للمناقشة على مجلس الأمن وبهذا سنساهم الى عودة الاحتلال من جديد الذي ما زلنا نئن من نتائجه، وما تركته مخلفات الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وحلفائها في اذر 2003 من أثار سلبية، اقتصادية، وسياسية واجتماعية، وبيئية وصحية، على وطننا وشعبنا ولم يبق إمام القوى الفائزة والمتنفذة إلا أن تسعى جاهدة الى لملمة وتوحيد خطابها والإسراع بالاتفاق على تسمية مرشحي الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة والانتباه الى عدم التجاوز على مواد الدستور، واطلاع أبناء الشعب على ما يجري من حقائق الأمور عبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة . وإشاعة الديمقراطية في الحوارات والمفاوضات التي تجري، لضمان إرساء قواعد العملية السياسية في البلاد، وجعلها منطلق أساسي للتوجهات في بناء العراق الجديد، وجعل القضية العراقية شان داخلي . ونتمنى ان يتم ذلك تحت قبة البرلمان، والاهتمام في الإسراع بوضع البرامج والخطط الكفيلة للنهوض بواقع البلد من سوء الخدمات وتدنيها  والنهوض بأعمار البنى التحتية التي توقف العمل بها منذ الحرب العراقية الإيرانية، وما أصابها من دمار، وما تلى تلك الحرب خلال السنوات التي أعقبتها بسبب عنجهية النظام الدكتاتوري وحتى يوم سقوطه . سيكون البلد وأبناءه أمام خيارات صعبة اذا استمر قادة الكتل والائتلافات الفائزة في التمسك بمواقفهم المتشددة وعدم التنازل فيما بينهم لبعضهم البعض للخروج بالعملية السياسية من أزمتها الحالية .

العودة الى الدستور وقبة البرلمان هما صمام الأمان في حل المسائل المستعصية إذا أراد ذلك بنكران ذات الحريصون على مستقبل البلاد

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1485 الخميس 12/08/2010)

 

في المثقف اليوم