أقلام حرة

حملة تضامن مع لصوص ما قبل العولمة!!!! / حميد الحريزي

الريف باللصوصية الليلية وقد تكون ليست بدافع الحاجة والإيذاء بل أثباتاً للرجولة والأقدام ليكون بذلك " زلمة ليل " وهي كنية يفتخر بها رجل الريف وكأنها وريثة الغزو القبلي البدوي، ولكنها تجري في الخفاء وتحت ستار الظلام مستغلة ً غفلة أو جبن المسروق حيث يفرض اللص سطوته عليه.

ومن قيم هؤلاء السراق أو الحراميه أنهم لا يسرقون من أبناء قريتهم ولا من الضعفاء أو النساء، وأن تذوق أحدهم طعام صاحب الدار " الزاد والملح " يحرِّم على نفسه سرقة هذه الدار وألا يوصف بالجبن والنذالة والخسة ويصبح معزولاً مرذولا ً بين أبناء قريته وحتى أسرته.

تتميز المدينة بالسراق والنشالين اللذين يتميزون بخفة الحركة، :ونصب الفخاخ والمصائد للمغفلين وسرقة ما في محلاتهم وما في جيوبهم وهم يتبارون ويتفاخرون في دقة وخفة وسرعة خطف المال من صاحبه دون أن يشعر !!!

كانت لهؤلاء " النشالة " ألأسطوات تقاليدهم وأعرافهم فلا (ينشل) صديقه ولا جاره ولا حتى أبن مدينته.

المشترك بين لصوص المدينة والقرية أنهم لا ينكرون ما سرقوا أو نشلوا وكثيرا ما يردون ما سرقوه الى صاحبه مقابل مبلغ من المال يعادل جزء من المسروق وكأنها ضريبة مفروضة من قبل هؤلاء ينفقونها على المحتاجين والفقراء أو المعوزين ولا يدخرون منه شيئاً!!!

وغالبا ما تصطبغ أفعالهم هذه بالطرافة والطرافة التي غالبا ما تكون متداولة بين الناس. فقد يبيع أحدهم هدف متبوع من قِبله " لنشله ِ" الى زميل آخر . ويلتزم كل منهم بهذه القيم العرفية .ينبذ من يتجاوزها أو يخرقها ولا يتم التعامل معهُ فيركبه ُ العار وتلبسه ُ المذلة بين زملاء المهنة!!!

وان ما يتميز به كل هؤلاء هو سلمية هذه الممارسات المحرمة دينيا ً وقانونيا ً والسارية والمعروفة والمغفورة اجتماعيا . فقد كانت "نحنحة" صاحب الدار أو علو صوته أو حركته أو نباح كلابه تبعد السراق . يولّي ألحرامي هاربا ً عند استيقاظ صاحب الدار على الرغم من تمكن ألحرامي منه والذي غالبا ما يكون له إسناد يختفي على مبعدة من الهدف (الگعيده) ... وكذا هو الحال بالنسبة لسراق المدن ونشاليها ....

ما كنا نسمع أن سارقا قتل المسروق أو حتى ضربه، فجَلَّ ما يفعله تخليص نفسه والفرار بجلده ومسروقه لينأى به الى مكان ٍ آمن .

أن من يشهد ما يحصل الآن من أفعال قتل وتمثيل واختطاف واغتصاب ضد القريب والغريب ضد الجار والبعيد ضد المرأة والرجل، ضد الصغير والكبير، ضد الغني والفقير يمارسها الآن سراق (الديمقراطية) والعولمة الرأسمالية !!

ان من يشهد ذلك يترحم على أيام زمان، يترحم على سُرّاقه ونشالته ِ وقيمهم وأعرافهم . فما الذي حصل ؟؟ ما الذي افقد ألناس القيم وصفاء السريرة ؟؟؟ الناس كلهم وضعاء وشرفاء، أقوياء وضعفاء ... رجالا ونساء، حكاما ومحكومين، أغنياء وفقراء .???

فلا وطنية ولا جيرة ولا قبلية ولا طائفية ولا غيرة ولا شهامة ولا مبدأ ولا عقيدة تقف بوجه سراق ومجرمي و"نشالي اليوم " حرامية العولمة " لتحول دون ارتكابهم لجرائمهم؟؟

وما أحرى بحرامية وسراق ونشالة الأمس أن يتنادون لمقاضاة سراق ونشالة اليوم لتجاوزهم على قيم وأعراف المهنة ؟؟

وربما أصابهم الإحباط لعدم سماع شكاواهم في ظل ضياع اجتماعي اكبر تحطمت تحت شظايا شرذمته وتفكك نسيجه أو تآكل معظم رأسماله الاجتماعي الايجابي المتراكم عبر قرون تحت ضربات وتعسف الديكتاتورية والاستبداد الوطني وهمجية ولا شرعية ووحشية الأجنبي المحتل .

 

في مقابلة مع نقيب سراق ما قبل العولمة قال:-

انه قدم شكوى للأمم المتحدة يعرض فيها "مظلوميته" بعد أن رفضت منظمات المجتمع (المتدنية) عن مساندته لأنه يمس بأحد أركانها الأساسية.... رفض الأمين العام (للآلام) المتحدة طلبه مستغربا من عدم فطنته بملاحظة واقع حال المنظمة المطابق لحالهم من حيث البطالة والعاطلة لأنها تريد ان تعمل بمبادئ إنسانية عامة كانت احد دواعي إنشاءها!!!!!!

 يواصل (السيد النقيب) حديثه بألم فيقول بأنه قد عرض شكواه على البيت الأبيض الأمريكي راعي حقوق الإنسان والديمقراطية.... فرفض النظر في طلبه إلا بعد جلب تأيد انتماءه الى لصوص العولمة وبعكسه يتم إدراج منظمته ضمن لائحة المنظمات الإرهابية!!!وفي معرض حديثه يقول عثرت على طلب شكوى باسم (طاهر يحيى) رئيس الوزراء سابقا لتسميته ب (ابو فرهود) على الشبهة والشك، طالبا رد اعتباره رسميا وشعبيا بالمقارنة مع وصف مسئولي اليوم من سراق المال العام والثابت بالأدلة والبراهين وليس بالشك والتخمين.

في مثل هذه الحال ألا يجب أن تنظم حملة للتضامن مع "لصوص وحرامية" ونشالة أيام زمان ؟؟؟

أنهم الآن أصبحوا عاطلين عن العمل "الشريف" المقنن بضوابط و" قيم " اجتماعية توارثوها عبر الأجيال من أجدادهم (العيارين والشطار) ولا يمكنهم التخلي عنها ولم تفلح عمليات غسل الدماغ العولمية ان تروضهم، وبذلك خطفت منهم مهنتهم من قبل أناس طارئين على (الكار) لا يحملون أدنى حد من القيم والأعراف الخاصة بالمهنة " الشريفة " فقد أختلط الحابل بالنابل كما هو الحال لمن ركب مركب السياسة والوطنية والنضال اليوم تحت لافتة تقول " أن السياسة لا تعرف المبادئ والقيم (ألك ياطويل الذراع والشاطر إلي يحط بالسلة عنب)؟؟؟!!!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1488 الاحد 15/08/2010)

 

 

في المثقف اليوم