أقلام حرة

الفوز بفضلنا والخسارة بسببهم

أنتبه إلى ما أسميه الغرور الكروي العربي، أو جنون العظمة لدى الجمهور والمعلقين والمحللين الرياضيين على حد سواء.

 

فكل هؤلاء، لا يقبلون الواقع، ولا يعترفون بالحقيقة أبدا، وهم أبعد الناس عن الموضوعية، وإن كان جمهور المناصرين معذور جدا في سلوكه هذا، فإن الصحافة الرياضية العربية غير معذورة أبدا في انحرافها عن خط الموضوعية، بما تتضمنه من معلقين ومراسلين ومحللين مختصين.

 

مع كل مباراة يربحها منتخب عربي، تنطلق هتافات التبجيل والتعظيم للمنتخب وأفراده، أي اللاعبين، وقد يتم تقديم الشكر والتقدير للمدرب إذا كان من نفس جنسية الفريق، أما إذا كان أجنبيا، فالتجاهل هو مصيره، أو على الأقل التقليل من شأن عمله ومجهوده المبذول، فقد حدث أن قيل عن أحد المدربين الأجانب لفريق عربي فاز في إحدى المباريات، بأنه أحسن اختيار اللاعبين المتميزين، أي أن تميز اللاعبين ليس بفضل المدرب وتعبه على تدربيهم، بل هم أصلا خلقوا متميزين، والمدرب فقط قام بانتقائهم.

 

أما إذا حدث وخسر الفريق العربي المباراة، فإن المدرب الأجنبي خاصة هو الشماعة التي تعلق عليها كل الأخطاء، ويقوم بهذا التعليق كل من الجمهور والصحافة الرياضية التي عودت هذا الجمهور على عدم تقبل الخسارة بروح رياضية، وحجبت عنه النظر في مرآة الواقع.

 

بعد خسارة المباراة، تتعالى الأصوات المنادية بطرد المدرب ويتم نعته ومعايرته بأبشع الصفات، كأن يعايرونه بأنهم صرفوا عليه أموالهم الطائلة بدون جدوى، مع أن الأجدر بهم أن يعترفوا أحيانا بتدني مستوى لاعبيهم، مستوى لا ينفع معه مجهود مدرب عالمي في وقت قصير، لأن المدرب لا يملك خاتم سليمان ولا فانوس علاء الدين السحري.

 

و قد يفسر سبب الخسارة على أنه تهاون وعدم بذل مجهود من طرف اللاعبين، يقال هذا حتى لا يتم الاعتراف بقوة الخصم وضعف الفريق العربي.

 

إن انحراف الصحافة الرياضية العربية عن خط الموضوعية أراه نموذجا مصغرا لابتعاد الصحافة العربية ككل عن هذا الخط، ولرفض المجتمعات العربية أو الإنسان العربي للواقع كما هو، ومحاولته المستمرة للكذب على النفس قبل الكذب على الناس.

 

**جمال الدين بوزيان

ناشط اجتماعي جزائري

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1085  الاحد 21/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم