أقلام حرة
(خلي نبوكا) برنامج جيد وناجح / زيدان حمود
واصطياد نجومه بعفوية بالغة ومقدرة فائقة على التخطيط .. في هذا البرنامج اختبار حقيقي على قدرة الإنسان عموما والفنان بشكل خاص على مواجهة هكذا ظرف صعب .
المفروض بالمعادلة في هذا البرنامج أن تكون عكسية تماما، أي أن الفنان الذي زرعت العبوة في سيارته لقتله هو القاضي وليس المتهم، ولكن الصدمة والمفاجأة والخوف الدفين المزروع في دواخلنا منذ سنين لجبروت السلطة ورعب العسكر هو الذي قلب المعادلة وجعل الضحية تتحول إلى جاني .. مع كل الخوف الذي واجهه وسيواجهه الفنانون من المصير المظلم الذي سينتظرهم في هكذا مقلب ألا أن البسمة ارتسمت وسترتسم على وجوههم في نهاية البرنامج الذي أعتبره الكثير منهم برنامجا ناجحا وجريئا، وخاصة الفنانة أسيا كمال التي امتازت من دونهم أي الذين قدمت حلقاتهم في هذا البرنامج بهدوء أعصاب جيد ولا مبالاة تدلل على ثقتها بنفسها كونها ضحية وليست جاني أذا ما اعتبرنا الأمر كواقع حال حقيقي .
أنني أستغرب من الذين طالبوا بإيقاف البرنامج والثأر للفنانين الذين امتهنت كرامتهم في هذا البرنامج كما أشيع، كيف يطلقون هكذا تصريحات والبرنامج في نهاية كل حلقة من حلقاته يسأل الفنان وعلى لسان مقدمه علي الخالدي ( نعرض ) فيجيبه الفنان ضاحكا ( طبعا نعرض ) لو أن فنانا واحدا أجاب ( لا ما نعرض ) وعرضت حلقته رغما عنه سنكون جميعنا مسؤلين عن إيقاف البرنامج ولو بالقوة أما أن نتجاوز على رغبة الفنانين واستقلاليتهم في الرأي وننصب أنفسنا أولياء عليهم بحجة الأعلام ونطالب بإيقاف البرنامج فهذا تجني على شخصياتهم وعلى البرنامج والقناة بشكل أكيد .
الأعلام في الوقت الحاضر وفي خضم تزاحم الفضائيات التي تجاوز أعدادها الآلاف، أصبح في سباق أكيد لكسب الجمهور وتسليط الأضواء على قناة دون غيرها بشتى وسائل الجذب الفنية والاجتماعية والسياسية والرياضية والترفيهية مرة عن طريق المسلسلات الشيقة، وأخرى عن طريق عرض الأفلام العالمية المتميزة ناهيك عن عشرات القنوات الإخبارية المتخصصة والقنوات المتعددة في فنون الحياة المتنوعة بغرائبها ومفاجآتها المذهلة .
أذن لماذا هذا التحامل على برنامج ترفيهي استقطب الملايين من المشاهدين وليس فيه ما يسيء سوى فضح غريزة الخوف الدفينة في داخل كل منا، والتي لم تعرض في كل حال من الأحوال على الجمهور لولا موافقة من أكتشف غريزة خوفه قبل أن بعرضها على الآخرين .
ثم لماذا هذا التباكي على مجموعة صغيرة خيرة من القوات المسلحة رضيت أن تشارك في تقديم برنامج ترفيهي يزرع البسمة على وجوه الملايين ممن أدمت قلوبهم الجراح، وكأن هذه القوة قد أعاقت وأوقفت تقدم الجيش العراقي عن أداء مهامه جميعا . علما أن فرقا عسكرية بأكملها مع طواقم أسلحتها الجبارة وسلاح الجو فيها تساهم في إنتاج أضخم الأفلام العالمية والمسلسلات والسلاسل والبرامج الأخرى التي تجسد رعب المعارك ودمويتها، وبدلا من أن يحتج عليها إعلاميو بلدانها يكرمونها بالجوائز والشهادات التقديرية ويقدمون لها الشكر والعرفان .
متى نعي هكذا حقيقة ونتعامل مع الأشياء بسلاستها المعهودة ونفهم دائما أن الحياة لا يمكن أن تسير بطريق واحد مع وجود أكثر من طريق لها .
هنيئا لقناة البغدادية.. قناة الشارع العراقي ونبضه الدائم على نجاحاتها المستمرة ومبروك لعلي الخالدي حصد جوائز ابتسامات الجمهور في برنامجه المتميز (خلي نبوكا) ولسنته الثانية وعلى التوالي .
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1492 الخميس 19/08/2010)