أقلام حرة

هل تستحقُ الشعوب ما تتعرض لهُ؟

فمثلاً الفيضانات التي اجتاحت باكستان والتي لم يرَ العالم مثلها لعشرات السنين ... هل هي محض أسباب جيلوجية وفيزيائية سواء ًا للارض ام للجو؟ ام هذه عقوبة جماعية لأهل هذه المناطق المنكوبة فلقد ارتكبوا ذنبا ً عظيما ً فكان جزاءهم بهذه الطريقة البشعة !.

الفلسطينون مالذي فعلوه بحياتهم لكي يكون جزاءهم لكي يُشردوا ويُقتلوا وعلى مدى اكثرمن ستين عاماَ؟ ... وهل ما يجري لفلسطين لا يصلح لغير الفلسطينين؟ ، بمعنى كنا نسمع دائما بان الكوارث التي تفتك بالشعوب ووجود حكام ظلمة تتسلط على رقاب الشعوب هذا كله ليس صدفة بل هو بلاء من الله على هذا الشعب او ذلك المجتمع (هي حكايات كبار السن والتي لم تأت من فراغ) ... وان هذا البلاء لا يطول اي مجتمع اخر فما الذي فعله الفلسطينيون ليكون مصيرهم الموت المبرمج على ايدي عصابات همجية ؟! ... وهل من الضروري ان يتحمل الابناء ما اقترفه اسلافهم (اذا ما افترضنا ان اسلافهم قد ارتكبوا ما يستحقون عليه هذه العقوبة) ؟ .

في العراق الجريح عقلية متناقضة وشخصية غريبة فهي تجمع القسوة مع الحنين ( لدرجة البكاء على اي موقف ممكن ان يصادف العراقي ).. الخلاص الفردي لبرهة وأمراض الغربة التي تلازم العراقيين فهم بين بينين !.. الاكتراث بالاخر بطريقة مقرفة وما يرافقها من ( قيل وقال ) وعدم الاشفاق عليه وهذه طامة كبرى فيما لو مكننا الله في الارض ... السياسيون العراقيون خرجوا من رحم هذه التناقضات وحملوها معهم وعلى اساسها يحكمون فالمثقف ممكن ان يكون متطرفا ً ويدافع عن أناس فاسدين في حكومة فاسدة وهذه مشكلة كبيرة !!! ورجل الدين ممكن ان يكون قاتلاَ وان يسوق القتل على انه المنفذ الوحيد للخلاص من الاخر الذي بدوره يقوم بالشيء نفسه ؟!وهكذا دواليك !!! في العرق بلد المتناقضات هناك اناس بسطاء اكثر حكمة من علمائه واكثر روية من حكمائه !!! ايضا هناك الصبر والانتظار ولكن الى متى ؟ .

عندما كنا نجوب شوارع الدول العربية ( بالاسم فقط ) والتي لم تشفق على احد منا ... كنا نسمع الجميع يقول وكأنه يتهمنا ، انتم تستحقون كل هذا ولو لم تكونوا اناس سيئين لما تعرضتم لما تتعرضون له !!! وهذا من اغرب ما سمعت ... ايضا كنت اسمع الحديث النبوي ( كيفما تكونوا يولى عليكم ) ولا اعرف مدى صحة هذا الحديث النبوي وهل ينطبق على العراقيين الان ؟ ام فيما بعد؟ ام سينطبق علينا الى الابد ؟ وماذا عن الطيبين من ابناء العراق هؤلاء الاناس البسطاء الشرفاء الذين عاشوا جنبا ً الى جنب على مدى الاف السنين لماذا يتعرضون للعقوبة بجريرة القاتل والمجرم او الفاسد ؟! هل المقولة التي كنا نسمعها (الخير يخص والشر يعم) تنطبق على الدين مثلما تنطبق على حياة القتلة والفاسدين !

حينها كنت اتساءل :

هل الخطأ فينا نحن كشعب واننا نستحق لكل ما نتعرض له؟.

هل الخلل في تمكين الله للظالمين في الارض؟

هل الخلل في صدام وحزبه الوضيع؟

طرحت تساؤلاتي هذه على بعض الاصدقاء وعلى غير الاصدقاء وكانت الاجابات موحدة وكأنهم متفقون ومفادها باننا شعب طيب نستحق كل خير واحترام وان تاريخنا المشرف يؤكد باننا اناس مبدعين واننا اهل ثقافة وعلم ولكن الظروف جعلتنا نكون بهذه الصورة ... وقد كان شبه اجماع بان الله لا يريد ان يقتلنا بهذه الصورة البشعة ولا يريد ان يضعنا في السجون المظلمة على ايدي البعثيين لأن الله يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر ... اذن لم يبق سوى صدام وحزبه مجموعة الجهلة والجميع حمّله مسؤولية ما تعرض له الشعب العراقي من حصار ظالم فتك بالشعب المسكين وغيرها من الويلات التي انهكت العراق .

هل هذه اجابات مقنعة في حينها ؟

ذهب صدام الى الابد ... وذهب حزبه بلا رجعة ... ولكن لم تذهب مآساة الشعب العراقي بل بالعكس فهي تزداد اتساعاَ كل يوم !!! وما من مخرج لهذا الشعب الطيب.

السياسون الجدد لا يعرفون من السياسة إلاّ الاخذ والشفط ! طبعا يجب ان يكون الدين حاضرا ً في عملية الشفط والنهب لكي يعطينا غطاءاَ شرعيا لكل هذه السرقات... حكومة فاسدة واناس جهلة تسلطوا على رقابنا رجال دين لا يعرفون من الدين الا الخاتم (العقيق اليماني) والمسبحة .

في هذه المرة طرحت تسأولاتي ذاتها :

هل الخلل فينا نحن كشعب واننا نستحق ما نتعرض له ؟  هل الخلل في الدين الذي يستغله ابنا ءه ؟

 

هل الخلل في السياسيين الذين لا يعرفون من السياسة الا اسمها ؟

ايضا طرحت تسأ ؤلاتي هذه على البعض وكانت الاجابات مختلفة تماما من حيث ان هؤلاء السياسيين استطاعوا وبكل جدارة ان يهدموا حائط الدين الذي يتكئ عليه الفقراء وينام في ظله البسطاء والمعوزون !!! استطاع هؤ لاء السياسيون الجهلة المفسدون ان يحولوا الدين الى مفسدة تاريخية .

ليس من المعقول ان يكون الشعب هو المظلوم الازلي في هذه اللعبة ... وليس من المعقول ان يذهب جلاد قاتل وان ياتي بدلا عنه جلاد قاتل وفاسد جاهل .. والذي انا متأكد منه بان هؤلاء الفقراء البسطاء لا ذنب لهم وان كفروا ولا عقاب يستحقون وان اقترفوا اي جرم (جرمهم الوحيد بانهم شرفاء) .

صادق العلي

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1499 السبت 28/08/2010)

 

 

في المثقف اليوم