أقلام حرة

خارطة الطريق وكتلوج التشكيلة الوزارية العراقية / أقبال المؤمن

لتشكيل الحكومة المقبلة اصبحت هي الارهاب بحد ذاته فأشاعة الخوف بين الناس وخاصة على حساب مستقبلهم وحياتهم لهو الارهاب بعينه، ناهيك عن القلق والارق والحيرة التي لانحسد عليها .

فعقد الاجتماعات بكل صورها الدائرية والمستطيلة والمفتوحة واقامة الولائم وتبادل الزيارات لم نحصد منها الا على الهجوم المتبادل بين الفرقاء والاثارة الاعلامية من خلال التصريحات الرنانة التى تقلب كل الطاولات بما فيهاعلى رؤس اصحابها، وكأنك يا ابو زيد ما غزيت، هذا ناهيك عن تجاهل واضح ومتعمد لدور المرأة في كل هذه التكتيكات والشراكة المزعومة بين الفرقاء وكأنها منقرضة في العراق الحبيب ولا نعرف سبب انقراضها بالرغم من تجاوزها نصف عدد السكان، أما ما نراه لبعض الوجوه النسوية (بغض النظر عن عراقيتها) من هنا او هناك ما هو الا لتزيين واجهات الاحزاب والقوائم رغم منع الزينة في العراق !.

فعندما نستشف بعض التقارب بين هذا الطرف او ذاك من خلال تلاوتهم لبياناتهم والتهليل بهذه التطورات التى قاموا بها يراودنا الامل بالانفراج وقرب تشكيل الحكومة الا اننا نرجع ونسمع العكس وربما تكون الهوة اكبر من الاول وهكذا دواليك، فمشكلة العراق اليوم اصبحت على الطاولات العالمية بصورة عامة والاقليمية بصورة خاصه لانها نموذج من نوع خاص لايعرفه العالم من قبل واصبحت سبقا سياسيا ستدخل موسوعة غنيس لشراكة الفرقاء .

 

اما اخر التطورات السياسية التي نزلت علينا هي خارطة الطريق العراقية كاخر صيحة في عالم السياسة تيمننا بخارطة الطريق الفلسطينية الذائعة الصيت والتي انتهت بخبر كان !

طيب اذن ماهي خارطة الطريق هذه ؟

 

طبعا الجواب جاء على لسان الكثير من السياسيين نختصرها بما يلي بأن تكون رئاسة الحكومة للاكراد ورئاسة الوزراء للشيعة ورئاسة البرلمان للسنة وتوزع المقاعد الوزارية على القوائم والكتل والاحزاب البرلمانية حسب عدد الاعضاء يعني مثل الحصة التمونينية !

عجيب! اذن اين هو الجديد في هذه الخارطة السحرية ؟ الم تكن هذه التقسمية منذ عام 2003 والكل اشتكى وتشكى منها وقالوا هي سبب مصائب العراق و ويلاته وانها تعطل عمل الحكومة وجعلت الوزارات والبرلمان في شلل تام واصبح الولاء للطائفة والحزب اكثر منه للوطن!

 

فيا سادة ياكرام هل نحن في حلم ام علم ام هي سخرية القدر ! بعد كل هذه السنيين وكل هذا الخراب ونحن مكانك سر والخارطة بدون طريق ! الامر الذي لا نرى اي انفراج او خيط امل في حل ازمة تشكيل الحكومة ! فكل مرشح عليه الف مؤشر ومؤشر من هذه القائمة او ذاك التكوين والمضحك المبكي الكل يقول نحن نسعى لتشكيل حكومة شراكة وطنية !

اذن اين هي الشراكه واين هي الوطنية بين الفرقاء ؟

اليست الشراكة تتمثل في كل أشكال التعاون ما بين الكيانات والكتل والاحزاب لمدة معينة تهدف إلى تقوية فعالية المتعاملين من أجل تحقيق الأهداف التي تم تحديدها، فمفهوم الشراكة أذن يعني التحالف الإستراتيجي وأن يبقى الكيان محافظ على استقلاليته من حيث الأهداف والمصالح الخاصة ولنجاح مشروع الشراكة هذا لابد من قيام علاقات مشاركة بين الفرقاء لتحقيق بعض الأهداف المشتركة لصالح الجميع ويشترط في هذه الشراكة التكافؤ الفكري . ولكن في مانراه العكس فالتقاسم والتخاصم وضرب المصلحة العامة عرض الحائط واختفاء التكافؤ الفكري نهائيا لعدم وجود الارضية الفكرية المشتركة بين الاحزاب وخاصة الايمان بالثوابت الاساسية كمبدء الديمقراطية وحرية الكلمة وحرية العقيدة وقبول الرأى الاخر والتحرير وما الى ذلك .

ونعتقد ان مسالة التكافؤ بين الفرقاء من الصعب حلها او تجاوزها لانها تعبر عن فارق حضاري شاسع البون فالاحزاب الدينية والعلمانية اي الضد ونقيضه تحتاج الى وقفة حضارية لفهم الاخر ولكلا الطرفين ! اذن هل يعقل ان تتفق هذه الاطراف والكتل فيما بينها والعلة جذرية ؟ اكيد لا، وها نحن نرى الكل يشكك في ذمة الاخر واحيانا تصل الى حد التسفيه به والاعلام خير دليل وشاهد على ذلك.

وعليه فالشراكة الوطنية وحسب خارطة الطريق ستبقي الوضع على ما هو علية وبأمتياز ناهيلك عن التشكيلة الوزارية التى ستسيرها اجندات ومصالح الاحزاب والانتماءات الدينيه او الاقليمية وهنا يتطلب من رئيس الوزراء المقبل الالمام بكتلوجاتهم وماهي التعليمات الواجب الالتزام بها وحسب هذه التعليمات طبعا ولغياب التكافؤ الفكري من الاستحالة التعامل معهم وهنا سينقلب السحر على الساحر ونقع في مصيبة المصائب وهي شل حركة البرلمان من جديد وسنبدء من الصفر !

والظاهر أن اغلب الساسة راق لهم هذا الاجترار لانهم في رعب من المستقبل و كما نراه من على شاشات التلفاز اغتنموا الفرصة لتحسين احوالهم فقط وعلى حساب الشعب وبمقارنة بسيطة بين ما كانوا عليه وما اصبحوا فيه واضحا جدا من خلال مظهرهم الخارجي ولقاءاتهم وتنوع موائدهم وكبر قصورهم وكروشهم وازدياد عقاراتهم ولا من محاسب لهم، وبالمقابل نرى ألم وبؤس ولوعة الشعب العراقي وكثرة أمراضه والتفنن بالانفجارت التي تفتك به ونسو او تناسوا ان الشعب هو الذي اوصلهم لما هم فيه .

فنسيانهم للشعب واهتمامهم بتحسين صورهم وكأنه هو الهدف والمطلب اصبح خطرا وواجب التصدي له، أذن يجب ان يفهم الساسة وخاصة اصحاب الالقاب ان قبلهم كان له 99 لقبا وانتهى في حفرة كالجرذان، لان ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع ! فالتلفيق والوعود والخرائط واللقاءات والمؤتمرات الشعبية واقامة الولائم لأهداف خاصة بأسم العامة لم ولن تنطلي على الشعب بعد اليوم وانما العكس الشعب اصبح يعرف من هو معه ومن هو عليه .

فياليت لو ساستنا يرسمون خريطة لمستقبل العراق كما رسمها مهاتير محمد لمستقبل ماليزيا . وماذا فعل هذا الدكتور الماليزي مع 27 مليون نسمه كانوا يعيشون في الغابات حتى عام 1981 و يدينون بأكثر من 18معتقدا دينيا، ورغم كل هذا رسم خريطته لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج، التي يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات فقط . بدئها بالتعليم والبحت والزراعة والسياحة والصناعة وفتح الباب على مصراعية للاستثمارات المحلية والعالمية واعلن للشعب بكل صراحة خطتة واستراتيجية واطلعهم على النظام المحاسبي الذي سيحكم تطبيق خطته وهو مبدء الثواب والعقاب للذكر والانثى معا فصدقه الناس وساروا خلفه .

باختصار شديد استطاع «مهاتير» من عام 1981 إلى عام 2003 أن يجعل ماليزيا تتربع على قمة الدول التي يشار إليها بالبنان،و اصبح دخل الفرد 16 ألف دولار سنوياً بعد ان كان لا يتجاوز ال1000 دولارا واوصل الاحتياطي النقدي من 3 مليارات إلى 98 ملياراً، و حجم الصادرات إلى 200 مليار دولارا، و لم يتعلل بأنه تسلم الحكم في بلد به 18 معتقد دينيا، ولم يعاير شعبه بأنه عمل كذا وكذا . والاروع من كل ما فعلة وبقناعة وبعد 21 سنة اي عام 2003، قررأن يترك الجمل بما حمل، تاركاً لمن يخلفه « خريطة لمستقبل ماليزيا اسماها « عشرين عشرين » أي شكل ماليزيا عام 2020 والتي ستصبح رابع قوة إقتصادية في آسيا .

طيب ! لو نظرنا كم طبيب عراقي او كم دكتور في التشكيلة السياسية فهل يوجد واحدا مثل مهاتير هذا الذي لم ولم تنساه ماليزيا قط !

فساستنا للاسف الشديد همهم الاول والاخير الاستيلاء على عقارات الدولة قبل فوات الاون والاستيلاء على العقارات من اصحابها الغلابة واضفاء الالقاب لتجميل صورهم وباسم الشعب المغلوب على امره . و اقل برلماني او سياسي فيهم يسكن قصرا رنانا وحمايته تمنع اي مواطنا مهما كان ان يصل اليه او حتى يلقى السلام عليه هذا اذا كان داخل الوطن اما خارجه فحدث بلا حرج .

أما اولوياتهم فهي ارضاء الدول العربية عنهم والتوسل بهذا وذاك ان يدعمهم وها هي الملايين صرفت وباسرع من البرق لتجهيز القصور والفنادق للحكام العرب لينعموا في البغدده العراقية علما أن هؤلاء الحكام لا يسمحوا لاي مواطن عراقي ان يزور بلادهم لانهم يحسبوننا على الارهاب الصادر منهم اصلا . ولكن ماذا سيجري لو انهم خصصوا ميزانية لتعيين الكوادر العراقية بنفس السرعة وحلوا ولو جزء بسيط من مشكلة البطالة ! فأيهما اولى !وعلى رأي المثل الي يحتاجه البيت يحرم على الجامع !

 

فساستنا أذن خلال سبع سنوات من حكمهم لم يتركوا لنا مساحة للترحم عليهم فالبطالة وصلت الى اعلى درجاتها والتعليم لا زال في تخبط والامية والفساد يشيب له الولدان والمياه جفت والنخيل انقرض واصبحنا نستورد كل شئ حتى الرجولة ! . أذن كيف لنا ان ننساهم ياترى !

فيا مخترعي خارطة الطريق فكروا بالطريق اولا وبسلامة سالكية واعرفوا معنى الشراكة الوطنية قبل ان ترددوها و اقتنعوا بها اولا قبل ان تقنعونا .

أ.د.أقبال المؤمن

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1500 الاحد 29/08/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم