أقلام حرة

عدم تدخل الشعب عند تاخر تشكيل الحكومة !! / عماد علي

 وخاصة المهتمين من الشعب والمنظمات والنخبة الواعية، والتي كان من الواجب ان تبدي رايها بشكل عفوي وسريع او بمبادرة من منظمات المجتمع المدني الحقيقية المستقلة غير التابعة ، وهذا ما يبين لنا بشكل واضح مدى الاستياء النفسي العام وعدم الاكتراث لاي فرد كان بما يحصل على الساحة، وفقدان الامل بما موجود من جهة، وبقاء الوضع الاجتماعي النفسي العام وتاثيرات السنين العجاف من الحكم الدكتاتوري على طبيعة واخلاقية الفرد والعائلة العراقية وابتعادها عن المسؤوليات العامة والواجبات الملقاة على عاتقها والخطوات التي من المفروض اتخاذها والضغوط الممكن ممارستها من الراي العام والتي من المفروض تكثيفها على اركان السياسة بشكل عام من جهة اخرى .

عند القاء نظرة متانية على حياة الشعب العراقي مع قراءة ظروفه الاقتصادية العامة مقارنة مع تاريخه العريق نرى ان الديموقراطية التي انبثقت بعد سقط الدكتاتور بدائية رضيعة في ظل الحرية النسبية التي هي مقيدة بالمصالح التي تفرضها الظروف الخاصة للافراد، وهذا ما يعيق التاثير المباشر والحدي على الاحزاب والساسة من قبل الشعب  من اجل العمل على عدم افساح المجال امام الساسة للتلاعب بمصيرهم ، واستنادهم على المصالح الخاصة كما يفعلون اليوم بعيدا عن ما يهم الشعب ومصالحه العليا.

خلال هذه المدة بعد سقوط الدكتاتورية، والتي هي الملائمة لوضع الحجر الاساس لاية عملية سياسية ، كان من المفروض ان تتم تحولات عديدة في المسارات المختلفة للمجتمع بعد التحرر والخروج من عنق الزجاجة الخانقة، وكان من الواجب ان تكون هناك ادوارا مؤثرة للنخبة وفسحة واسعة لدورها البارز ومواقفها في الشان العام، فلم يحصل شيء يذكر لاسبابه المعلومة الواضحة من شكل وجوهر الحكم والخوف والقلق الدائم لديها على الحاضر والمستقبل ، وفقدان التنظيم المطلوب لمثل هذه المواقف المطلوبة مع انعدام اي دور يذكر لمنظمات المجتمع المدني العديدة المنتشرة في الساحة العراقية والمنبثقة لاسباب وعوامل واهداف مختلفة بعيدة عن واجباتها واهدافها الحقيقية.

الوضع الاجتماعي العام على هذه الحال والمستوى الثقافي العام معلوم للجميع والمصالح المسيطرة بائنة للعيان وعملية تسييس المجتمع دائمة ومتغلغلة في كل زوايا المجتمع، لذا لم نلاحظ وجود اي رادع لمنع المماطلة المستمرة من قبل الاحزاب والساسة المتنفذين من اجل المصالح الحزبية والشخصية البحتة، وهذا ما يكشف لنا النية المبيتة والمخيفة لدى كل طرف للاستئثار بالسلطة والعمل على تسقيط الاخر او تضعيفه وتقليل دوره على الساحة قبل اي شيء اخر ، وما منتظر منهم من قبل الشعب بعيد المنال ، كما حصل خلال الفترة السابقة وتغيرت المعادلات كثيرا وبشكل مطلق فترة بعد اخرى .

اما العلة الكبرى التي استعصت العملية السياسية واثرت على دور الشعب وفعالياته وابعدته بشكل نهائي هي التدخل الواضح والصريح والمكشوف من قبل كافة القوى والدول التي لها ولو مصالح صغيرة في هذا المضمار في العراق، وعملهم على عدم فسح المجال لاي اتفاق داخلي بعيدا عن متطلباتهم، اوما يمكن ان يحصل بارادة عراقية محضة ومنبثقة من مصالح الشعب العراقي فقط.

الطريق لحد اليوم مغلق ، وبدات الانغلاق منذ اجراء عملية الانتخابات واقرار قانونها ، وما اصدر منه من فقدان ارادة النائب وحصر حريته من كافة الجوانب وتعلقه بيد رئيبس الكتلة وحزبه ومصالحه واهدافه كما كان من قبل، والا لماذا لم يدعوا النواب الى عقد الجلسة وانهاء الامر في المجلس بشكل ديموقراطي، وكذلك لماذا ابقوا على الجلسة الاولى مفتوحة لاشهر استنادا على ثغرة في الدستور او بحيلة شرعية غير قانونية باعتبارها خطوة مضرة لمصالح الشعب ، واي قانون عام او سلوك بعيد عن مصالح الشعب ولم يحسب لما يهم الشعب كاسباب موجبة لاصداره يعتبر لاغية ، وهذه الفعلة التي ابتدعتها المصالح وضيق افق الاتفاق بين الكتل المتنفذة زادت الطين بلة، اضافة الى العائق الاكبر وهو تجمع كافة الصلاحيات المصيرية في منصب واحد كاكبر ثغرة في الدستور العراقي مما يمهد لفرض راي وموقف واحد  ، ويوسع من دور الكاريزما والاقتراب من الدكتاتورية التي عانينا منها باسم القانون المطاطي والدستور المؤقت.

كما هو حال اغلب الحكومات الشرقية فان من يمتلك زمام الامور وبيده السلطة التنفيذية يجثم على صدور الشعب بكل الطرق والوسائل والسبل ويعمل على نفي الاخر ، وهنا هو التخوف من مستقبل العراق مهما سار الامر.

هناك اراء ومواقف للخروج من النفق المظلم الذي اودعنا فيه انفسنا وبدافع ضمان المصالح الخاصة، ولكن الحل الجذري لم يظهر للعيان وربما تتم الترقيعات ونحصل على حكومة هشة في اخر المطاف، ولكن تبدا في العمل وهي مشلولة مسبقا من جوهر عملها وارادتها مسلوبة مما تعيق اي تقدم منشود للعملية السياسية وفي كافة المجالات في العراق .

ان اردنا ان نخرج بنتيجة ونحلل ما موجود يجب ان نتعمق كثيرا فيما يجري لتوضيح الاسباب وتحليل الوضع بشكل علمي امثل وايجاد حل لكل معضلة بشكل نهائي واعلان المواقف بصريح العبارة من اجل عدم تكرار ما يحدث مستقبلا . ان ما نحن واثقون منه ان المشاكل جميعها تدور حول منصب رئيس الوزراء وما يتمتع به من الصلاحيات الخيالية الكبييرة القريبة من الامبراطورية، وعدم التنازل من قبل اية جهة عن نسبة من مصالحها وهي تحوم حول هذا الكرسي اللعين .

ان امكن وفي اقرب فرصة ممكنة العمل على اعادة النظر بشكل عام ومن كافة الجوانب للعملية السياسية بعد قراءة الواقع الاجتماعي الاقتصادي السياسي الثقافي للشعب العراقي بشكل دقيق، فيمكن ان توزع الصلاحيات وفق النتائج من البحوث والدراسات التي توضح ما تريده الفئات والمكونات بشكل عام ، ويمكن ان توزع الصلاحيات والامور التي تخص الاطراف بشكل واسع على المواقع العديدة وعدم حصرها في موقع ما، وليس ضمن الحكومة الاتحادية فقط وانما الحكومات التي تنبثق من الاقاليم والمحافظات ايضا ، وان امكن تغيير ما موجود الان بشكل جذري لان مكونات المجتمع العراقي الموزائيكي المبني على العرق والطائفة، وما يجبر اي منا قرائته، هو التزام الجميع بما ينتمون اليه بكل صراحة وهذا لا يدع ان تكون مثل هذه المجموعة الفائقة من الصلاحيات الحاسمة للامر بيد فئة او شخص معين دون غيره (ان اردنا الحل الجذري) الى ان توضح الامور بعد عقود وتبنى الثقة المفقودة وتلتحم فئات المجتمع، وحينئذ يكون لكل حادث حديث ، ويمكن اعادة النظر في الامور كافة.

اليوم، مهما تشبثنا بالافكار والاراء والمواقف المثالية، فان الواقع واضح الشكل (ان لم نخدع انفسنا ) فان الفدرالية الحقيقية وتوزيع الصلاحيات والادوار بعيدا عن المصالح الخاصة والخارجية ستوضح لنا الطريق وترشدنا للحل النهائي الامثل وعدم تكرار المشاكل وتحل العقد، وسيكون للشعب دوره الطبيعي وتاثيراته وكلمة الفصل في القضايا العامة . والمشكلة الحالية تدلنا على ان التصويت والترشيح لوحده لا يكفي للفرد العراقي بل اداء الدور الاهم كامن في المراقبة والمتابعة والتدخل وابداء المواقف في كل قضية دائما .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1516 الثلاثاء 14/09/2010)

 

 

في المثقف اليوم