أقلام حرة
بسم العدالة الاجتماعية والمساواة الوطن العربي على مشرحة التقسيم / زياد اللهاليه
وقدم الاستعمار نفسه وما يحصل في العراق والسودان واليمن ولبنان ومصر والمغرب العربي إلا حلقة من حلقات مشروع صهيوني أوروبي يهدف إلى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ .
إن الذين قسموا الوطن العربي واستهدفوا وحدته الجغرافية منذ اتفاقية سايكس بيكو كانوا يدركوا جيدا إن وحدة الوطن العربي وتماسكه الجغرافي يشكل عامل ضغط وتهديد لكياناتهم وما قراءتهم للفتوحات الإسلامية ووصولها إلى أوروبا وفرنسا إلا جزء من درء الخطر مع إدراكهم الجيد ان تلك الفتوحات لم تكن الا فتوحات سلمية ودعوية ولكي لاتشكل وحدته الجغرافية في التأسيس لدولة عربية إسلامية قوية قادرة على رسم خارطة العالم والتأثير بشكل مباشر ومؤثر في السياسة والاقتصاد والسلم العالمي هذا أولا وثانيا امتلاك الوطن العربي ثروات هائلة من المعادن والبترول وتحكمه بخطوط المواصلات العالمية والسيطرة عليه يعتبر السيطرة على الاقتصاد العالمي .
يعتبر الصهاينة من الرواد القدامى والمنظرين إلى تقسيم وإضعاف الوطن العربي للأسباب ومعتقدات توراتية وأسباب سياسية وأمنية تضمن لها السيطرة والهيمنة فبالضعف والتشتت والتشرذم العربي يضمن الهيمنة والسيطرة للكيان الصهيوني وإطالة أمد هذا الكيان والأدبيات الصهيونية غنية بالمواد والدراسات التي تؤكد مراهنة الكيان الصهيوني علي تفتيت وإضعافه عن طريق استغلال وجود طوائف دينية وعرقية لتقسيم بلدان الوطن العربي والقضاء علي فكرة الدولة القومية العلمانية المتماسكة. وعملية تحريض الأقليات الطائفية والدينية والعرقية علي الانسلاخ عن الأوطان الام لإقامة كانتونات وكيانات انعزالية، نهج يسمي في القاموس الصهيوني مدرسة الأقليات , وهناك دراسة وضعها عوديد يينون وهو موظف وصحافي كان يعمل في وزارة الخارجية الإسرائيلية الي استغلال الانقسامات داخل الوطن العربي من اجل تفتيته الي كيانات متنازعة ثم يتناول كل بلد عربي علي انفراد وقابلية تقسيمه الي دول متنافرة. وما كتبه قبل 30عام يتحقق الآن امامنا
ويعتبر احتلال العراق فرصة ذهبية لرواد التقسيم والتفتيت حيث دفع اللوبي الصهيوني داخل مجلس الشيوخ الأمريكي إلى التصويت بأغلبية ساحقة لتقسيم العراق إلى ثلاث كيانات سياسية كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب كشرط أساسي لانسحاب كلي من العراق ويعتبر صاحب هذه الفكرة دافيد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق حيث وضع خارطة تقسيم العراق عام 1952 مستندا على نبوءات وأساطير يهودية عن دور بابل في مستقبل إسرائيل وحينما وضع برايمر الدستور العراقي الجديد وضع على أساس ان العراق ثلاث كيانات سياسية منفصلة قابلة الى الانفصال , وللموساد الإسرائيلي اليد الطويلة في دعم وتغذية الحرب الطائفية والعرقية في العراق من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب أضف إلى ذلك ان هناك رغبة ومصلحة قومية لدول إقليمية في تفتيت العراق وإضعافه .
لم يعد خافيا على احد الدور الأمريكي الصهيوني في زعزعة استقرار الوطن العربي وتفتيت وحدته الداخلية وما حصل ويحصل في لبنان من اغتيالات سياسية وتفجيرات تستهدف امن ومواطني لبنان والكشف عن عشرات شبكات التجسس داخل لبنان والمخطط الإجرامي الذي يستهدف إشعال نار فتنة طائفية لكي يكون مقدمة لتقسيم لبنان على أساس ديني إلا جزء من مشروع كبير , يستهدف ايضا وحدة وجغرافية السودان سلة غذاء الوطن العربي فابسم العدالة الاجتماعية والمساواة والمواطنة والتقسيم العادل للثروات الطبيعة شعارات رفعتها الكثير من الحركات المشبوهة التي أسستها المخابرات الأمريكية الصهيونية في ظاهرها مساواة وعدالة وباطنها انفصال وتقسيم كما يحصل الان في مصر مع العديد ممن يطرحون أنفسهم مثقفون يمثلون أقباط مصر ويرفعون أيضا شعارات العدالة والمساواة والمواطنة ويرأسون جمعيات قبطية تقيم معظمها في الخارج وتتلقي الدعم الأمريكي الصهيوني والموساد الإسرائيلي له الباع الأطول في رسم سياسة تلك الجمعيات والمنظمات المشبوهة والتي تدعي أنها تمثل أقباط مصر او مسيحي مصر وتستغل أي حدث لتشعل منه نار فتنة طائفية تحت شعرات الاضطهاد الديني وأسلمت الأقباط وغير ذلك وللكنيسة القبطية دور في إذكاء تلك الفتنة بصورة غير مباشرة وأنا هنا لا اتهم الكنيسة بشكل مباشر ولست الحكم ولكن اطلب من الكنيسة ان تحسم موقفها بشكل حاسم في الكثير من القضايا التي بحاجة الى موقف كنسي صارم إزاء من يدعون التمثيل وغير من الأحداث المؤسفة التي حدثت. تساعد , وهنا أقول ان التحول الديني الفردي من دين الى دين لا يضير احد وحرية المعتقد حرية شخصية وهناك الآلاف من الأقباط تحولوا إلى الإسلام في القرون السابقة ولم يحدث شئ وهناك من المسلمين من تنصر ولكن لماذا الان أصبحت القضية تأخذ منحي أخر يبدو ان ما حصل في العراق حفز العديد من ممن يعملون لصالح التجزئة والتقسيم لتحرك والعمل في فضاء أوسع مستغلين الدعم الصهيوني الأمريكي والمتغيرات الدولية الجديدة
وكما أن العراق ومصر والسودان ولبنان موضوع على مشرحة التقسيم فإن اليمن خاض ستة حروب انفصالية هذه الحروب أخذت الآن المنحي المذهبي والحرب الأخيرة والتي خاضها الحوثيين تبين مدى الدعم والتدريب والتدخل الخارجي في الشأن اليمني فالإمكانيات العسكرية والتدريبية للحوثيين تظهر الإمكانيات الكبيرة وهذه الإمكانيات ليست ذاتية على بلد مثل اليمن يعاني ما يعانيه من البطالة والفقر وانعدام الإمكانيات الاقتصادية والموارد الطبيعية ومجموعة صغيرة تصمد أكثر من ستة شهور في حرب ضروس تثبت للقاسي والداني ان هناك دول إقليمية وخارجية تقدم لهم كل الدعم العسكري واللوجستي
وهناك ايضا حركات دينية ومذهبية بدأت تنشط في الإمارات العربية والبحرين يشكل الشيعة الأكثرية لكنهم يفتقرون الي السلطة. ويشكل الشيعة في دولة الإمارات العربية الأكثرية، في حين ان الحاكمين هم من السنة. وكذلك ايضا في عُمان،وهذا الحال في وطننا العربي لا يبشر بالخير
أيضا دول المغرب مؤلفة من مزيج من العرب والبرابرة والامازيغ غير العرب ونلاحظ الآن في المغرب والجزائر ان القومية الامازغيه البربرية أخذت تأخذ الطابع القومي وكأن بذور شيء ما يلوح في الأفق . وتدور في الجزائر فعلا حرب أهلية في جبال القبائل بين شعبي هذا البلد. والمغرب والجزائر يتحاربان علي الصحراء الاسبانية، الي جانب الصراع الداخلي في كل منهما.
اما الإسلام السياسي المتطرف والحركات الإسلامية المقاتلة ذات الفكر البعيد كل البعد عن روح الإسلام السمح فيهدد سلامة الوطن العربي برمته وأصبح جزء من الأدوات الغربية في زعزعة الأمن القومي والسلم العربي عبر إثارة الفتن الطائفية المذهبية والتي كانت وما زالت تلك المكونات المذهبية والدينية والطائفية والقبلية جزء أصيل من هذه المجتمعات وتعايشت هذه المكونات عبر عشرات القرون فهل هي مصادفة أن تتطابق أهداف أعداء الأمة مع من يريد أن ينوب عن أولئك الأعداء في زرع بذور الفتنة تحت ذرائع متهافتة لا تصمد أمام الوقائع على الأرض .
في خضم هذا الواقع المرير على القيادات العربية ان تكون أكثر واقعية وتسامح مع مجتمعاتها وان لاتدفن رأسها في الرمال وتنكر أزماتها الداخلية وان تواجهها بجدية وواقعية وتعالجها بشكل جذري دون اللجوء إلى المسكنات المؤقتة وان يكون قانون المواطنة القانون الناظم لحياة مواطنيها على أساس الكل سواسية أمام القانون ومنح العدالة الاجتماعية وتقسيم ثروات البلاد لتشمل كل مواطنيها وتوفير فرص العمل وإعطاء مساحة من الحرية والديمقراطية لمواطنيها قبل ان تعصف بباقي كياناتها رياح التغيير والتقسيم .
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1519 الجمعة 17/09/2010)