أقلام حرة

حقوق الإنسان بين ضحية اليوم وسجين البارحة

ان تجاوز لغة الإستدعاءات الأمنية ووحشية الجلاد وضابط التحقيق، يشعر بالغبطة بعد ان تخلص من عصر  نظام  أذاق الآخرين مرارة  القتل وظلمة الأنفاق والمقابر والزنزانات..

 

لهذا ونظراً لمظالم النظام المذكور، صار الناس يحتفلون بعصر جديد وحياة جديدة، تلكم هي فترة انقضاء أخطر نظام طاغوتي في هذا الكون..بعد ان بقيت في الذاكرة صور الموت ووحشية تلك السيناريوهات المرعبة ؛ ممر التحقيق، الزنزانة، الموقف، المحقق، مضافا اليها كوابيس الموت وصورة السجان، وفراق الأحبة من السجناء الواحد تلو الآخر؛ أوصاف ومسميات لعالم به تستشعر سياط القتلة، ادوات الموت وآهات السجناء ولوعة الصراخ،  استغاثات بها تستشعر لغة ألألم وضجيج الخوف الذي  لم يرحم وقبح الطواغيت، به تستشعر مرارة  الفراق والدم وجبروت التحدي   ..

 

لقد لفت انتباهي حقاً ما ادلى به ذلك الشاهد والمجاهد  وهو يصف وقفة رفاقه الذين كانوا معه في السجن حين قال : ان هنالك وقفة كنا نسميها (الوقفة اللقلقية في سجون العفلقية)* . تلك الوقفة التي لا يتاح فيها للسجين ان يقوم بقدمين .. هنا وأنا أنصت لحكاية هذا الشاهد الذي يصف تجربة الموت وحكاية السجن وشفرات القتل، بلغة شاعر ومثقف وفاضل ومجاهد احب الموت، لكي يصنع الحياة، وأحب الحياة فرفض ان يموت .. هنا مع هذه الوقفة الشامخة،أضع بالمقارنة سجين اليوم وسجين الأمس، لإتساءل عن الفرق بين حكاية هذا وذاك على اساس المقارنة بين القضيتين المطروحتين على بساط البحث ..

 

لهذا ونظراً لتكرار بعض الدعاوى فيما يتعلق بحقوق (سجناء هذه الأيام) تحت شعار حقوق الإنسان، سيما ونحن نعيش عصر التفخيخ والفوضى والتساهل، عصر تضخم الكراسي وتوزيع السلطات والمناصب، عصر ما يسمى (الد يمقراطية)، ينتابني الشك في مقولتين الأولى (حقوق الإنسان) والثانية (حقوق السجناء) هنا حيث يلزم الشك والتزاحم بين القضيتين، اقول ان هنالك حقوق اسمها حقوق الضحايا من الأرامل والأطفال والمعوقين ممن تعرضوا للقتل والبطش وعلى ايدي (البعض ـ البعض )من هؤلاء السجناء ممن لهم باع في صور ومظاهر هذا العصر، لهذا أتساءل هل ان هنالك ترابطا بين حقوق ضحية البارحة وسجين اليوم؟  كما اتساءل   كيف يتم الربط بين موضوع حقوق الإنسان وسجناء اليوم؟؟

 

..................

* وصف وتسمية لشاهد وسجين يروي تفاصيل حكايته مع سجون الطاغية .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1086  الاثنين 22/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم