أقلام حرة

افتعال الازمات بين السلطة والاعلام الاهلي في كوردستان، لمصلحة من؟ / عماد علي

والدافع الوحيد هو المصالح الضيقة فقط سوى كانت حزبية او شخصية، ولم يستفد منها اي الاطراف والمتضرر الاكبر هو العملية السياسية والثقافية والمسار العام للحياة الاجتماعية والتقدم المنشود في اقليم كوردستان، مع كل ما يمس المرحلة والحرية والديموقراطية الوليدة برمتها.

لو نعيد الى الاذهان المرحلة القريبة السابقة من تاريخ اقليم كوردستان، وبالاخص مابعد الانتفاضة، وما كان سائدا فيها هو سيطرة الصحافة والاعلام الحزبي ذات التوجه الواحد فقط، في ظل الوضع السياسي المعلوم والذي كان امتدادا لمرحلة نضال الحركة التحررية الكوردستانية طيل العقود المنصرمة، ونقيس ما كنا فيه من التكتم وانعدام الشفافية والصراع المتشدد والتنافس الحاد، وما آلت اليه الاوضاع الى ان وصلنا الى الاحتراب الداخلي في اخر المطاف وضيعنا اللبن باكمله في الصيف وخرجنا من المولد بلا حمص مع ما نحن فيه الان . اننا نعتقد بان تلك الفترة كانت قاتمة، ولو كانت هناك وسائل اعلام حرة مستقلة حقيقية غير تابعة وهدفها بيان الحقائق وتجسيد الديموقراطية وفرض الشفافية وترسيخ المباديء العامة للحداثة كما نرى نسبة منها اليوم، لكانت قد ساعدت في وضيح الامور ولو بشكل نسبي، وربما كنا نتفادى ما وصلنا اليه من المآسي، وما نلمسها اليوم هي الاثار السلبية الواضحة المتبقية لتلك الفترة العقيمة، ولم يسلم من تلك المؤثرات اي مواطن كوردستاني ولو بشكل غير مباشر، وكان السبب الرئيسي القوي لمراوحتنا او تخلفنا بشكل كبير خلال العقدين الكاملين من التحرر من ربق الدكتاتورية البغيضة.

تلك الفترة المعقدة الغامضة صعبت التحولات والتغييرات الايجابية المطلوبة من مأسسة النظام وفصل السلطات الى ترسيخ الديموقراطية وتجسيد الحرية، لا بل خلطت بين الحكومة والاحزاب وجعلت الحكومة تابعة تسير وفق اوامر الاحزاب وهوى القيادات الحزبية بشكل مباشر, واخرت الانتخابات البرلمانية سنين مما فوتت فرص اعادة التجارب الديموقراطية المطلوبة بمفاصلها العديدة، ولم ينعم الشعب من ايجابيات تكرار العملية الانتخابية، والامرٌ من ذلك ان الاوضاع ادت الى تقسيم الاقليم بين نفوذ الحزبين الرئيسين، والاسباب كانت متعددة واحدها الحرب الداخلية، الا ان انعدام الصحافة والاعلام الحر المستقل لطرح المواضيع بشكل حيادي وبيان الحقائق امام الناس وفرض نقاش للمواضيع الحساسة وابعاد البغض وفك الاحتقانات فما كنا قدوصلنا الى ما وصلنا اليه من نقطة الصفر.

 لذا من ضروريات المرحلة والاعمدة الاساسية للعصرنة والحداثة والتقدم وترسيخ الاعلام الحر هي وجود المجال الواسع لتوفير المعلومات امام الصحافة مما تتجسد الشفافية، وهذا ما يضمن وجود الاراء والمواقف المختلفة، وبوجود الاختلافات يسهل عدم الغاء الاخر كما حصل من قبل بطرق شتى، ولن يؤدي الى الطريق المسدود.

اما في هذه المرحلة الحساسة وبعد سنين قلائل من انبثاق الاعلام الحر والصحافة الاهلية،  فان السلم والامان في مقدمة الاهداف دائما رغم قصر الفترة، ولحد اليوم تعتبر هذه الصحافة رضيعة  وفي بداية ولادتها مما تحتاج لتعاون الجميع ولخير الكل من السلطات والاحزاب والعملية السياسية برمتها والديموقراطية في مقدمتها، الا اننا نحس بان التحزب الموجود على شاكلته الحالية والضيقة الاهداف وما تدخل فيه من المصالح الشخصية قبل الحزبية والنرجسية لدى القيادات المتنفذة، فانها تحاول العمل على وأد التجربة من بداياتها وتحاربها بشكل كبيرو لكن دون جدوى لحد اليوم .

لقد تغيرت الظروف وانفتحت العقول والنظرات لدى جميع الناس وتغيرت المرحلة بما فيها، ولم تعد هناك ارضية مناسبة لاعادة الاقليم الى القمقم، فلا يمكن ان يحكم هذا الاقليم من قبل شخص او عائلة او عشيرة طالما دافعت النخبة بكل السبل عنه واستوضحت الامور لدى الشعب، وتكوٌن الراي العام بفعل ازدياد الوعي والمستوى الثقافي العام من قبل اكثرية الشعب الكوردستاني. لذا اننا نعتقد بان افتعال الازمات ورائها مصالح معلومة ومن اجل تمرير اجندات حزبية مصلحية، ومحاولة منع المسيرة السياسية المستمرة وانها في طريقها الى التغيير، ومحاولة كتم الافواه من اجل سيطرة حفنة مستفيدة مستاثرة بالحكم والسلطة، والتي لا يهمها الشعب ومستقبله والحرية والديموقراطية  بقدر مصالحه الذاتية، وتحاول اعادة عجلة الحياة العامة للشعب الكوردستاني . ولكن جميع المحاولات تبوء بالفشل وتبقى دون جدوى في ظل الظروف الموضوعية والذاتية المتغيرة لابناء الشعب الكوردستاني، وفي مقدمة الموانع  وجود نخبة من المجدين في الصحافة الاهلية الحرة والمثقفين على الساحة والتي تبحث في جميع القضايا وتحاول بيانها للراي العام، وواضعة امام اعينها وانظار الشعب مستقبله والامن الوطني والقومي، وفي في مقدمة المواضيع المهمة، كيفية ترسيخ الصحافة والاعلام الحر المستقل لبيان الحقائق المخفية كعامل حاسم للحفاظ على الحرية وتطوير الديموقراطية وتفعيل العملية السياسية وتقدمها، ومنع اية جهة من وضع العراقيل في عجلة التقدم وامام المسار الصحيح المتبع من قبل الاكثرية.

الا انه من الجانب الاخر من الواجب والضرورة الملحة على الصحافة والاعلام الاهلي الحر الحذر وعدم الانجرار وراء المتاهات وما قد يستفيد منها المتربصون والتركيز على جوهر القضايا والمشاكل الموجودة لايجاد الحلول المثالية، والاحداث واضحة، ولكن على الصحافة الاهلية ايضا الا تجبر على الانحراف عن طريقها واهدافها الضرورية  المرسومة دون علمها

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1520 السبت 18/09/2010)

 

في المثقف اليوم