أقلام حرة

عقلنة العقل السياسي واجب وطني لمحو الامية / اسامة حيدر

هذه النظم تمتلك نضجا انفعاليا تسوده الامية الثقافية.

ولان امراض العقل السياسي.. هي عبارة عن قيود في التهويل والتاويل، وقيود فصل الأ شياء عن سياقاتها المنهجية، و قيود الهيبة او لسلوكها اللاواعي، كمنتج للثقافة الامية التي تصر على التمادي في الخسارة بل وتتلذذ في ان تتعذب بذكريات الماضي.

فكان الاستبداد الفكري هو سمة لكل هذا الواقع المرعب فافرز مانحن فيه من تقهقر مجتمعي تركته النظم السياسية لشلة المعارضين الذين بدورهم ضيعوا الدولة بين سلطة الاستبداد وبين المنافع الفردية والفئوية مما خلق تجزءة مجتمعية تسودها فوضى اللا هوية .

 

ماهو العقل :؟

قد نختلف عن تعريف العقل كمفهوم لكنه يبقى يمثل جوهرة ابداع انساني نميزه كقيمة عليا عن بقية المخلوقات لامتلاكه ناصية الفهم المعرفي.

البعض يعتقد انه ملكة ادراكية وقوة جوهرانية مرادفة للروح.والبعض الاخر يربط العقل بالدماغ وانه قوة الذكاء لدى الانسان.

 

فضاءات لانقاذ العقل السياسي كمدخل لانقاذ العقل المجتمعي :

العقل العراقي والعربي، بحاجة لخواص الحياد والتجرد والنقد والقدرة على اثارة الاسئلة بعد ان وقع اسيرا للمطلقات والمسلمات واليقينات وما تتطلبه من تحزب وقناعات مسبقة بالضد من الاخر .. وشيئا فشيئأ تطورت اليات التخلف العقلي فاصبحت قادرة على انتاج سلوكيات منفعلة عاطفيا غيرت بنيتها الانسانية المتعقلة... مما اصبحت ضروريات الحياة ان نهتم بعقلنة عقلها للوصول لانسنتها من جديد.

فكما ان العقل الديني يختلف من مكان لاخر، كذلك العقل العلماني من بلد لاخر باختلاف محددات المفاهيم. فالعلماني في امريكا يختلف عن غيره في فرنسا وفي المانيا غيره في الهند، كما يختلف بالدرجة في بلداننا العربية ... فالأختلافات عموما بين المفاهيم والثقافات والوعي كلها سمات ايجابية في المختلف بين حالة واخرى ووظيفة الديمقراطية هي ادارة الاختلاف بالمجتمع.

وعليه يفقد العقل العلماني صفته ان تاصلت مفاهيمه بنظام ستالين ونظام هتلر القومي وموسليني وصدام لانها دكتاتوريات ترفض الاختلاف وترفض الاخر فهي تؤمن بامتلاكها الحقيقة كمقدس بديلا لمفهوم دولة الانسان .

 

عندما نؤشر لانقاذ العقل هو انقاذ للانسان وانقاذ للأ يمان وانقاذا للدين، كما هو انقاذا للعلمانية وانقاذا للأنتماء السياسي وعقلنة عقل الالتصاق بالسلف الذي اسئ اليه من قبل العقول المنفعلة ..... وهذا يتطلب تعزيز قيمة الفرد من خلال تاسيس مفهوم :

(حرية الفرد في التامل والتفكير) اي على الفرد ان يتحمل مسؤولية تفكيره ليصبح التفكير مسؤولية فردية على الانسان ان ينهض بها، وليكون الفرد الانسان يملك ذاته ان لايعطل عقله ليتحول الى تابعا يستقي افعاله وافكاره من الغير ليتحول الى رقما مضافا لبقية الارقام تحركه الحشود المنفعلة عاطفيا .

فردية انتاج التفكير تعني مما تعنيه اعادة تشكيل ابداع فردي يحرك المجتمع ليؤسس وعيا مجتمعيا تسوده علاقات ثلاثية الاطراف،

هي التعامل والتعايش والمشاركة وهي علاقة ذات محتوى اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، سياسي، قانوني واخلاقي اجمالها المواطنة وهي هدف حيوي للتمحور نحوها كخلاصة لعقلنة عقل جمعي، على ارض وطن بحاجة لهويات مواطنيه يتوجب تشكيلها من جديد ليحتمي بها وهي حالة نادرة حيث المعقول والعقلاني هو ان يحتمي المواطنون باوطانهم وحالتنا هي ان الوطن يحتمي بابناءه.....

 

الخلاصة :

مجتمعنا يعاني من انفصال العقيدة عن السلوك -- يعني انفصال التدين عن الأخلاق -- مما سبب خللا في تفعيل الضمير الديني وهذا انعكس بشكل مباشر على شيوع اللاوعي المجتمعي المنغمس في الانفعالية والطقوس التي اصبحت بديلا لمفهوم التدين المعرفي،وهذه المجتمعات هي من اختارت نخبها السياسية الفاقدة للتدين المعرفي ... فاصبح كلا الطرفين . المجتمع وسياسيوه في ورطة فقدان عناصر الدين الاساسية الا وهو التنوير الديني .. الذي يسعى لاعادة عقلنة التدين كي يتعقلن العقل لينتج انسان يحمل عقلا واعيا فاعلا ومبدعا يجعل من الثقافة رديفا لهوية ضميرية تجمع المثقف الاستراتيجي كمخطط مع السياسي المنفذ لخطط اعادة بناء الانسان والمجتمع للخلاص من عقول مازالت تعيش السكون وكانها اعتاشت على ذكريات الماضي وجثث السلف مما جعلت شعوبها تعيش في مقابر الخمول والانفعالات العاطفية في فلكلورات جماعية حزينة.

 

خاتمة:

عقلنة السياسي المقصود بها في هذه المقالة موجهة، لكل من له سلوك سياسي سواء كان دينيا او معتقدا سياسيا او قوميا كلها تمارس كاديان .. تشكل استدانه للانسان ودنوه عن شئ معين كأعتقاد لاهل السياسة السائدة حاليا في المشهد العراقي فحتى دعاة العلمانية يمارسون التدين النفعي والتدين الدفاعي فاصبح جزءا من التدين السلوكي فاينعت بوادر الامية لدى كل نخب المرحلة نخب الصدفة ونخب الغفلة وهي افراز مجتمعي يحمل امراضه اينما حل وارتحل، وما عقلنة العقل السياسي الا محاولات لاستبدال الساسة بقادة وهذا يحتاج الى ثورة فكرية عارمة لقلع جذور الامية الثقافية التي اصبحت واجهة الجهل المقدس.

 

د. اسامة حيدر

[email protected]

20 9 2010

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1521 الاحد 19/09/2010)

 

في المثقف اليوم