أقلام حرة

القزويني الشاذ وآخرون في سحور سياسي / زينب الربيعي

 يبدد ولو قليلا من سوء ظني بهم ومن ازدياد مخاوفي على مصير العراق . لكني ندمت على تضييع وقتي استمع إلى ثلاثين معوقا نفسيا ومشوها فكريا لا يمكن تسريحه بمعزة فكيف ببلد كالعراق ؟

كانت الحلقة الثالثة مع السيد فرقد معز الدين القزويني الذي وصف نفسه بأنه (شاذ) وراء تدويني لأبرز شطحات الضيوف وتحليلاتهم السياسية الرهيبة والتي أثارت لدي سؤالا مهما : هل يجدنا هؤلاء المسؤولين أغبياء إلى هذه الدرجة ويسخرون منا، أم العكس هو الصحيح؟

الأجواء رومانسية لا تتناسب والوجوه الكالحة للضيوف، حيث الحدائق ظلالها وارفة وأضواؤها ساحرة، وهذا ما انطبق على جميع البيوت العامرة للمسؤولين ... كهرباء متوفرة وماء يكفي لإدامة حديقة كبيرة وأحيانا نافورة أو حوض لسمك الزينة .

أبرز من ذكرتهم أدناه ليس لأنهم الأسوأ بل لأنهم الأكثر تناقضا فيما ذكروه، فأنا لا أكن عداءا لأحد بل أجدهم جميعا ودون استثناء متهمين أمامنا بما وصلنا إليه :

القزويني ...(يقول بأن الاميركان جاءوا إلى بيته بعد الاحتلال بعدة أيام في وفد مع رجل دين مسيحي للتفاهم والتحاور معه بعد أن سألوا العامة عن وجهاء مدينة الحلة ورجال الدين فيها . وكان يفترض بقاؤهم نصف ساعة لكنهم مكثوا ست ساعات . فقال : أهلا وسهلا ......)

رجل الدين يرحب بالمحتل بهذا الهدوء ....... ألم يرتبك ويتألم ويتمنى أن يدفن نفسه حيا كما تمنينا جميعا بعد سقوط بغداد؟ من أين جاء هذا القبول غير المشروط ثم الترحيب؟ أليس من حقنا الآن أن نتهم رجال الدين من أمثال القزويني (دون تعميم بالتأكيد) بأنهم كانوا على تفاهم مع الاميركان قبل دخول العراق كي يضمنوا صمت العراقيين بعد الاحتلال مقابل إعطاء الشيعة الحكم؟ ألم يبيعوا رجال الدين الشيعة العراقيين كما باع قادة الحرس الجمهوري العراق الذين سلموا بغداد على طبق من ذهب لأميركا؟

يقول (طالبت بول بريمر بعد أن زارني في الحلة أن يبني الاميركان العراق وأنا أبني العراقي) ..فما رأيكم بهذا البناء أيها العراقيون ؟

يقول (طلبت من الاميركان تجهيز المدرسة الدينية - التي يدرس فيها فقه الشهيد الصدر- بالانترنت) ......

هل النت كل ما ينقص الحليون بعد سنين الحصار، أم انه لغرض التواصل مع الأصدقاء في واشنطن لتلقي الأوامر؟

يقول (أنه شاذ ... أي أنه يختلف عن بقية رجال الدين بفكره ونهجه وتقبله للآخر وعدم تعصبه، وبرغم اعتراض العبادي على كلمة (شاذ) بأنها غير جيدة إلا أن السيد ظل مصرا عليها) ... أتمنى أن يظهر لنا شيخ سني (شاذ) مثل السيد القزويني كي نقضي على الطائفية .

يقول (في زمن النظام السابق دخل مديرية الأمن بسبب خطبه في صلاة الجمعة مقلدا الشهيد الصدر، لم يعذب ولم يعتقل، وظل رجال الأمن يتابعوه كل شهر وبدوره ظل مصرا على خطبه) ....... قصصه مع الاميركان وصدام تشبه قصة سندريلا لكن دون حذاء .

يقول (الرئيس بوش أثنى عليه شخصيا و بول بريمر ذكر في كتابه أن القزويني طالب الاميركان أن يجعلوا من العراق الولاية 53 بعد افغانستان التي أرادها أن تكون الولاية 52) ....... هذا القزويني تعدى حدود الشذوذ بهذا التصريح ووصل إلى بوش شخصيا ...... كيف خدم الاميركان كي يحبه بوش وبريمر؟ وبماذا خدم العراقيين بالمقابل؟ ... الغريب بأنه لا يخجل من ذكر هذه التفاصيل لأن لا أحد سيتهمه بالعمالة للمحتل وخيانة الوطن، وهذا ما تفردنا به عن شعوب العالم .

 

عزة الشابندر .... يقطر لسانه سما طائفيا لكن بفلسفة خاصة، متحذلق مع مرتبة الشرف وخطير بامتياز . يدعو الشعب إلى الصبر ويقلل من حجم تضحيات العراقيين لأن رجال المعارضة دفعوا الثمن أيضا بموت أهليهم ومقربيهم، وهو واحد منهم ... لكنه نسي حقيقة بسيطة هي أنه يسكن الآن في بيت راق مضاء ومبرد ورصيده سينفجر ليس بمفخخة مثل العراقيين بل من زحمة الدولارات بعد أن عاش خارج حصار العراق وجوعه سنين . أما العراقي فما زال وسيبقى فقيرا ومظلوما ومهمشا أذا لم يمت .

كان عراب علاوي وصار عراب المالكي ولم يفز بأي مقعد نيابي حاليا، هذا لأنه رجل ذكي يعمل بالظل بعيدا عن صداع البرلمان مع يقينه بأن لا أحد يستحق إمكاناته .

يقول (أن العراق في حالة مخاض كالمرأة الحبلى وسيخرج الجنين قريبا) ....... ولم يخبرنا عن الذي نكح العراق وأحبله كي لا نتهم الحامل بالزنا ونسمي المولود لأبيه ونفرح جميعا بعد الولادة العسيرة .

(يتهم علاوي بأنه يقرب الصدريين وليس بينهم أي نوع من التقارب لا فكري ولا منهجي ولا ...الخ ) .... فلو طبقنا نظريته في التقارب كم سيصبح عدد الأحزاب والقوائم التي تضم المتشابهين من العراقيين في انتخاباتنا القادمة؟ العراقيون يختلفون حتى مع أنفسهم لكنهم يتفقون على شيء واحد فقط ... كلهم يحبون الدولمة .

(متزوج من سورية وعاش في بلدها سنوات طويلة، امتدح السوريين بإسهاب) ... مع إن غالبية العراقيين ممن لجأوا إلى سوريا قصوا الغرائب عن جشع السوريين واستغلالهم لظروف العراقيين . تمنيت أن يتحدث عن أمر واحد يتماشى مع مزاج الشارع العراقي ومعاناته .

(متفائل جدا بأن العراقيين سينتخبون عام 2014 لأن الديمقراطية تحتاج إلى عقود كي ترسخ) .. كيف سيتحقق ذلك أذا كان العراقيون انتخب نصفهم الآن، فماذا سيفعلون إن بقيت نفس الوجوه المغبرة تكتم على أنفاسهم لأربع قادمة؟.

هادي العامري ....... كطفل بريء وصف كل ما يحدث بروح عفوية سمحة دون أن يمس أي شخص بإساءة أو يتطرق لأي موضوع بتفصيل أو يتهجم على إخوته الأعداء كما فعل الآخرون . عندما تثقل ذنوب المرء ويتحمل ضميره أقبح الأفعال يميل إلى المبالغة في إظهار سماحة في الخلق ونبل في المشاعر وإن علم بأن لا أحد يصدقه . هذا ما كان يصح على صدام حسين حيث وصفه كثير ممن قابلوه بأنه ذو خلق متواضع ويجيد الترحيب والإصغاء والابتسام والاستقبال. .......... في آخر جمعة من شهر رمضان آثر العامري أن يلتزم بتعليمات أسياده وأخرج أتباعه من منظمة بدر للتظاهر في يوم القدس وهو كما معروف طقس خميني المنشأ، وكأن العراق غير محتل ويستحق اللطم عليه وليس التظاهر .

صابر العيساوي ....... يقول (بأنه أمين على بغداد حيث وزع نصف قطع الأراضي ال 900 المخصصة للنواب الحاليين والسابقين وضباط عمليات بغداد الكبار، ولأن الاراضي مطلوبة في أماكن مميزة في بغداد فقد تعذر الحصول عليها جميعها)

(تعاقد على بناء مدينة رياضية ومدينة مائية وحدائق تكبر الزوراء بمرة ونصف) ... بقي فقط فتوى مراجعنا العظام حول شرعية إذا ما أخذ المواطن (سطل مي) معه إلى البيت بعد خروجه من المدينة المائية نظيفا ليضمن حمام أسبوع كامل مقدما .

هؤلاء هم عينة من ثلاثين مسؤولا في الحكومة والأحزاب، جميعهم يرفضون الطائفية، وطنيون ويريدون للعراق وشعبه الخير وآسفون على الوضع الحالي . ولكن على أرض الواقع هناك وقف شيعي وآخر سني، ولم تصم الطائفتان معا ولم يعيد الناس معا، بل كرسوا الطائفية أكثر والحكومة لم تتشكل بعد . إذن الشعب قرر بأن يعاني أربع سنوات أخرى ليستجدي الحكومة الشيعية القادمة كي تقدم الخدمات له، ويتبع مرجعه السيستاني الذي ضعف بصره ولم ير ولادة الهلال وأصر أن يعيد وحده حتى لو صام 31 يوما وعيد يومين، المهم يختلف عن السعودية وإذا به تخلف حتى عن شيعة بلده . إذن الشعب قرر أن يظل تابعا ومنقادا وينتظر تشكيل الحكومة مع هدير الانفجارات .

لو أن مارد مصباح علاء الدين خرج الآن ومنح السّنة رئاسة الحكومة مع مباركة المالكي، فهل سينجحون في تصليح ما أفسدته الحكومة والأحزاب الشيعية المظلومة سابقا؟

 بحسب ظني المتشائم الجواب هو لا أظن ... لأن مشكلة العراق الآن هي عدم وجود رجال أكفاء وطنيين بعد أن طمست اميركا هوية العراقي الحقيقة وجعلته محتلا تابعا لها ثم طائفيا تابعا لطائفته ثم مصدقا لسراب اسمه الديمقراطية ..... والشعب مشترك في تلك الجريمة ولم يعد بالإمكان تبرئته في ضياع الوطن وللأسف .

* كاتبة مستقلة اقيم خارج العراق .. لست مراسلة ولا اعمل لصالح اية جهة صحفية

سأدون هذه المعلومة دائما ردا على بعض التساؤلات لتشابه اسمي مع اخريات .

 

[email protected]

 

 

 

 

في المثقف اليوم