أقلام حرة

هل تصلح الحكومة العراقية ما أفسده الدهر مع الكويت؟ / حيدر مفتن جارالله الساعدي

 المهم الذي أدلى به مؤخرآ السيد علي الدباغ الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية المنتهية ولايتها عن نية حكومته البدء بصورة مشتركة مع الكويت تثبيت العلامات الحدودية البرية والقيام بأستثمار الحقول النفطية المشتركة بين الجانبيين، وأضاف السيد الدباغ بأن حلحلة هذه الملفات العالقة الموروثة من النظام السابق هو الطريق الأمثل لتطوير العلاقات بين الطرفين. ومثل هذا الكلام جيد أن كان يستند على أسس وقواعد سليمة تحفظ حقوق العراق ولا تؤدي الى الأنتقاص منها بأي حال من الأحوال فعلى سبيل المثال لم يذكر السيد الدباغ بأن العلامات الحدودية يجب أن تعود وتثبت في المطلاع نقطة الحدود المفترضة،  إضافة لفك الخناق البحري الذي تفرضه الكويت على العراق،  فلا مجال هنا للمجاملات على حساب تلك الحقوق، ولا مجال لأجترار وتكرار الأخطاء التأريخية التي وقع فيها بعض من كان في سدة المسؤولية، ومن حقنا أن نسلط الضوء هنا ونرصد أي فعل من شأنه أن يضر بالعراق ومصالح شعبه ومن ضمنها هذه التصريحات والمبادرات والتي أصبحت ماركة عراقية بحق وآخرها خطاب الرئيس جلال طالباني في الأمم المتحدة ولغة التودد التي سادت خطابه وخاصة الجزء المتعلق بالحالة بين العراق والكويت،  وكأني بالرئيس جلال في تودده هذا وبدل من أن يعرض مظلومية العراق ويشير الى حجم التجاوزات الكبيرة التي يتعرض لها أقليميآ،  فأنه سعى الى رد بعض ما قاله المسؤولين في الكويت بخصوص مؤتمر القمة العربي المزمع عقده في بغداد العام القادم،  حيث صرح أكثر من مسؤول كويتي بأن الكويت سوف تكون من أوائل الحاضرين لهذا المؤتمر الذي سوف يترأسه السيد جلال الطلباني.

من المعروف أن الحديث عن أي تطبيع للعلاقات بين أي طرفين يجب أن تسبقه إجراءات وخطوات متقابلة لتعزيز الثقة بين الجانبين مٌعززة بحسن النوايا، والقدرة على الأعتراف بالأخطاء وهذا ينطبق على الحالة بين العراق والكويت لا سيما وأن العراق هو المتضرر الأكبر وهو الذي يعاني ولا زال التدخلات في شؤونه،  والتجاوزات الكبيرة على أراضيه ومياهه الأقليمية،  أم أن القدر حتم على العراق أن يبادر دائمآ،  ويتنازل دائمآ، ويفرط بحقوقه في أغلب الأحيان حتى يرضى عنه الآخرون؟ أليس من المفروض أن يبادر الأخوة في الكويت وقبل القفز وطرح أي مبادرات لتحسين العلاقات أن يبادروا أولآ الى تحسين خطابهم السياسي والأعلامي تجاه العراق وتنقيته من شوائب الكراهية والضغينة ؟ والكف عن الخطاب الأعلامي التحريضي ضد العراق في كثير من المحافل الدولية،  وأهم من هذا وذاك ألم يحن الوقت لتقدم الكويت أعتذارآ صريحآ وشجاعآ للشعب العراقي عن الأضرار الهائلة التي لحقت به والتي كانت السياسة الكويتية أحد أهم أسبابه ؟

سوف نعتبر بأن ما جاء من تصريحات على لسان الناطق الرسمي للحكومة العراقية وما ورد في خطاب السيد رئيس الجمهورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هي نتيجة لضغوط سياسية داخلية يتعرضون لها،  إضافة لأزمة تشكيل الحكومة التي لازالت مستمرة والتي تلقي بظلالها على مجمل الأوضاع والتحركات السياسية في العراق،  علاوة على الصراعات السياسية بين الكتل،  عدا ذلك فالشارع العراقي غير معني بأية تسوية تتم على حساب العراق وسوف تصنف مثل هكذا خطوات متسرعة وغير محسوبة بدقة على أنها تفريط في حقوق العراق التأريخية وقفزآ على دماء العراقيين وتضحياتهم وهو تصرف أن حدث فسوف يشابه الى حد كبير ما قام به البعثيون في إنقلاب عام 1963 عندما إعترفوا بالكويت كيدآ بالزعيم عبد الكريم قاسم ثم عادوا وندموا بعد ذلك .

نتمنى على الأشقاء في الكويت الى أن يبادروا بإتخاذ خطوات بسيطة وملموسة والتي أشرنا الى بعض منها أعلاه في سبيل جسر الهوة بينهم وبين أشقائهم في العراق تتبعها خطوات أخرى منها فك الخناق البحري على العراق،  والأنسحاب من الجٌزر العراقية المحتلة يعقبها أنسحاب الى المطلاع ثم تأتي بعدها مناقشة مسائل مثل التعويضات العراقية على الكويت وغيرها من أمور،  بهذه الخطوات نؤسس لعلاقة تعاون وتكامل صادقة،  وتبادل المنافع،  ونقطع الطريق على الدول الإستعمارية الطامعة التي تحاول أنتهاز الفرص للهيمنة على مقدرات الأمة وإستعباد شعوبها.

حيدر مفتن جارالله الساعدي

[email protected]

?

 

 

 

?

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1528 الاثنين 27/09/2010)

 

في المثقف اليوم